عمر عياصرة الذي كبرت به المواقف



المواقف المشرفة تبقى يفوح مسك عبيرها مع اشراقة شمس كل صباح وهي جزء أصيل من الملاحم البطولية الخالدة التي يصنعها الرجال الذين لا يهابون في الله لومة لائم ولا ينتظرون الإشادة او التكريم أو المكافأة ولا يبحثون عن الأضواء والشهرة الرخيصة ويوم يدعو الداع يتسابقون بجهدهم المخلص وإيمانهم العميق وعملهم الصادق وشجاعتهم المشهودة ورباطة جأشهم المعهودة وهم معبئين بروح عالية وواثقة لخدمة وطنهم وأمتهم وليس صحيحا أن ( المواقف هي التي تصنع الرجال وإنما الصحيح هو أن المواقف تولد في ظل الأقوياء من الرجال )

النائب والكاتب والمحلل السياسي " عمر عياصرة " لم تغيره او تبدله المسميات او المواقع وبقي على الدوام وفي كافة المحافل صاحب مبدأ واضح وقرار راسخ كالطود الشامخ والجبال الراسيات لا تعنيه سبل واليات الاستعراض والضجيج وتسجيل مواقف البطولة المزيفة كما لا تخدعه الشكليات والكلام المعسول والألفاظ البراقة عرفناه بفخر مستحق عبر برنامجه الصباحي المتألق آنذاك " صوت حياة " على أثير إذاعة "حياة اف ام " وكذلك من خلال إطلالته المتكررة على منبر قناة الجزيرة وغيرها من القنوات الفضائية الأخرى وهو يقدم رؤيته المتبصرة وتحليلاته الدقيقة للأحداث المحلية والإقليمية وهو أيضا كاتب صحفي حصيف وصاحب قلم حر أمين عودنا في مقالاته على ملامسة هموم المواطن الأردني بكل جرأة وقوة وصدق وشفافية في الطرح والمتابعة

لقد نشأ " العياصرة " في بيت عز وطني عماده الدين وتراثه أصالة الشرفاء ورأس ماله الوطن وشرايينه عزة وكرامة الأردنيين وقلبه الأقصى وروحه فلسطين ومنذ طفولته المبكرة تتلمذ وتعلم في بيوت ومدرسة الأساتذة الكبار ( أن الكيان الصهيوني عدو غاصب يحتل ارض عربية ومقدسات إسلامية ويهجر ويقتل ويسجن إخوة لنا في العقيدة والعروبة والدم والجوار ) وان التعامل مع الصهاينة المجرمين بكافة أوجهه وفي أي مرحلة هو ( عار سياسي و ديني وأخلاقي وأنساني )

لأنهم أعداء وقتلة فلا حوار و لا لقاء معهم ولا بد من النضال القومي الصلب والمنظم لمواجهة ( إعصار التطبيع العربي المتدحرج ) وفضح أهدافه ودعاته ومريديه وتعرية زيفهم وخذلانهم حتى يبقى حيا ( مبدأ الأرض مقابل السلام ) وتعود كل الحقوق للشعب الفلسطيني الشقيق في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف واعتبار مشروع حل الدولتين ركيزة أساسية ومدلولا سياسيا مقبول

المتتبع لمسيرة " العياصرة " الرجل الملتزم بالمبادئ التي تربى عليها والذي تشهد له المروءة والشهامة والوفاء وكذلك المطلع على أفكاره ومواقفه المشرفة والنزيهة وقناعاته برفضه مؤخرا المشاركة مع أي شخصية إسرائيلية رسمية أو شعبية وعلى أي من المنصات أكانت وسيلة إعلام مرئي أو مسموع أو مكتوب أو إلكتروني فانه لا يستغرب أبدا انسحابه من البرنامج الحواري على قناة ( دي دبل يو الألمانية ) بعدما علم بمشاركة ضيف صهيوني في الحلقة التي خصصت للحديث عن إسرائيل والتطبيع الخليجي وقد صدق من قال ان ( الرجال مواقف وفيها تكتشف معادنهم الأصيلة )

ما قام به " العياصرة " كرمز أردني وعربي صاحب رسالة وطنية وقومية وسياسي شريف ومحترف منحاز دائما لقضايا أمته في زمن أصبحت فيه الهرولة والتطبيع باتجاه الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين هدفا و مفخرة و شرفا ( لأشباه الرجال ) بعدما أضحت الخيانة وجهة نظر فنعم ( الإنسان أنت و نعم الرجل أنت ) من نشامى وشرفاء الأردن فقد أثلجت صدورنا وأشعرتنا بشيء من الفخر والعزة والكبرياء في موقف مشرف يجب تثمينه وأنت تعبر وتجسد عما يدور في ضمائر ووجدان أبناء الشعب الأردني الأبي من رفض مطلق للتطبيع والانبطاح لبني صهيون إيمانا منهم بان قضية العرب المركزية لن تموت

وأن ( السماء ستمطر يوما الفتح المبين ) مهما طال الزمن وان الأمة التي تستميت من أجل نشر رسالتها تموت بعزة ورفعة والأمة التي تموت وتنحني أمام الآخرين وتفقد الجرأة تموت بذل وهوان ولعل بعض العرب يتعلمون درسا في الوطنية والكرامة واحترام الذات من ثنايا وزوايا هذا الموقف النبيل وهم يرقصون ويعنون مع الصهاينة المستعمرين على أنقاض فلسطين وجثث الشهداء وانين الأسرى وعذابات المشردين فقد أدركنا على مدار التاريخ بأن الكيان الصهيوني لن يتراجع عن سياساته الاجرامية مهما تغيرت تكتيكاته واليات عمله في زمن الانهيار العربي وبعد تعري البعض المشين

من المهم في مثل هذه المواقف القومية الواعدة استثمار قوتها وتأثيرها لتعزيز مفهوم (الدبلوماسية الشعبية ) التي تضغط للدفاع عن القضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين والمؤامرات التي تواجهها خاصة بعدما جعل العدو الصهيوني من ( التطبيع الإعلامي ) أحد أبرز وسائله الإستراتيجية الناعمة والتي يسعى من خلالها إلى إضفاء الشرعية على جرائمه وتثبيت كيانه وبناء علاقات طبيعية مع دول المنطقة وشعوبها مما يوجب على الجميع بذل كافة الجهود في مواجهة التطبيع عموما والإعلامي خاصة حيث تسارعت وتيرته مؤخرا عبر استضافة ناطقين باسم الاحتلال ومشاركة بعض الإعلاميين العرب في وسائل إعلام صهيونية ولهذا فمن الضروري هنا ان نحذر بان الأصوات الداعمة للتطبيع الإعلامي مع الصهاينة تسهم بقوة في التلاعب في وعي الشعوب وتجميل صورة الاحتلال وتساهم كثيرا في تراجع مكانة القضية الفلسطينية عن كونها القضية الأولى للعرب والمسلمين

لقد سجل " العياصرة " عبر مرحلة طويلة وشاقة من تاريخه المهني قدرة عالية وكفاءة كبيرة في الفهم الإعلامي والالتزام بالوعي الوطني والقومي كما نجح برقة تواضعه وسعة صدره وقوة إرادته وسلامة تفكيره وحسن إداراته في معظم الأزمات التي واكبته واستطاع تدوين اسمه بصفحات مضيئة سيحتفظ بها التاريخ فلم يعد الرجل مجرد شخصية عامة ووطنية مميزة فقط بل أصبح يشار إليه بالبنان في الجرأة والرجولة والثبات على المبدأ والدفاع عن كرامة الأمة وحقوق شعوبها وبما عجز أن يقوله الكثيرون في زمن الاستسلام للصهيونية والخنوع لسطوة الهيمنة الأمريكية وحلفائها في المنطقة


وأننا في سياق الحديث نبرأ من قول بعض المغرضين بان انسحابه من اللقاء كان هروب الى الإمام بشكل منظم وبأسلوب الاعتذار الأدبي اللبق كمدخل للهرولة بعيدا عن المواجهة مع ذلك الصهيوني العتل الزنيم ونقول بكل موضوعية وتجرد كيف يستقيم فهم ذلك وهو صحفي مفوه وإعلامي حصيف ذو مرة ورأي سديد وحكمة رشيدة ومواقف مشرفة حين حمل قضايا الأمة في وجدانه وضميره والتزم بالدفاع عنها بكل مسؤولية وأمانة وأصالة وإخلاص وتميز في كل أطروحاته بعمق الدراسة وحسن المتابعة والمثابرة والتصميم كمحاور لبق وشخصية فذّة مقنع دون تعصب أو انحياز للرأي والتدبير وباحترام وافر لذاته والآخرين

كما عرف بالصلابة في العقيدة والمبدأ والمرونة في التعامل والسلوك عندما تقدم الصفوف الأولى في التصدي لكل المشاريع الرامية إلى فرض الهيمنة الصهيونية وسياسة التطبيع على المنطقة فكرا ًوعملاً وكانت فلسطين بوصلته القومية الأهم ينافح عنها وهي تحت حراب الاحتلال و قيود الأسر وجدران الحصار شعباً وأرضا وقد وجد ضالته تحت القبة في السعي نحو ممارسة الديمقراطية والتعددية السياسية وتعظيم قيم الحرية والمساواة وحماية حقوق الإنسان باعتبارها الطريق الأمثل للبناء والتقدم وصناعة مستقبل الأجيال وقد فهم مسبقا بان الموقع النيابي ( رسالة عدل لمحاربة الظلم والدفاع عن الحق )


وفي أكثر من مرة هتك حرمة الخطوط الحمراء وهو يثير مظلمة وقهر الشعب الفلسطيني ويشيد بمقاومته وصموده دون استعراض أو تمثيل بل كان جادا وعبر عن موقف معظم الأردنيين الذين لم تقتصر مواقفهم يوما على مناهضة التطبيع فقط بل نظموا العديد من اللقاءات والمؤتمرات والندوات لدعم القدس وأطفالها والدفاع عن المقاومة الفلسطينية في وقت تخلى عنهم من كانوا يتصدرون المشهد السياسي والديني تحقيقا لحماية مصالحهم الخاصة

وقد بقي الأردن عربي أصيل بهويته التاريخية والقومية والدم الذي يجري في عروقه يتحرك ويندفع كرامة وكبرياء رفضا للظلم والغبن الذي يقع على أي جزء من الأمة ولذلك كان الوجدان الأردني وسيبقى حيا نابضا بثورة الغضب على الكيان الصهيوني الغاصب المحتل الذي شرد الشعب الفلسطيني من أرضه وارتكب المجازر الوحشية بحقه

حيث رفض الأردنيون وبرلمانهم كل إشكال ومحاولات تسويق التطبيع السياسي والاقتصادي مع الكيان الصهيوني وأكدوا انه مهما حاول المروجون تجميل وجه إسرائيل القبيح وتقديمها على أنها دولة حضارية تحترم حقوق الإنسان وفق دعاية خبيثة وكاذبة إلا أنها لن تنطلي على أحد وأن واقع وصور آلاف الأسرى الفلسطينيين والأسيرات وهم يقبعون في سجون الاحتلال في ظروف اعتقال قاسية وأحكام عسكرية جزافية واعتباطية بعضها يصل لخمس مؤبدات وإسرائيل لا زالت تضلل العالم وتتشدق ليل نهار بحقوق الإنسان ومفاتن الديمقراطية الوحيدة في المنطقة

سنبقى نستحضر في سفر الرجولة والجراءة وبكل معاني الفخر والاعتزاز موقف " العياصرة " البطولي والشجاع والذي تحدثت عنه معظم وسائل الإعلام حول العالم ونقول معه أننا لن نركع ولن نخضع باذن الله تعالى وإنّ قضية فلسطين ( مسألة وجود وليست للمساومة والبيع والشراء ) وإنّها قضية أمة وحق شعب مناضل وستبقى أمانة في الأعناق وحية في الدماء وفي يقيننا أن في الأمة عشرات الملايين من الشرفاء والأحرار أمثالكم وهي امة ولاَّدة عبر تاريخها للإبطال الرافضين للصمت العربي والاستسلام إيمانا منهم بأنّ هذه الأمة قادرة على صنع المعجزات ان هي توحدت واستعدت لمواجهة المخطّطات الصهيونية المشبوهة وأبقت غلى المقاومة طريقا وحيدا للانتصار وإن وعد الله حق والنصر آت لا ريب فيه

تحية من كل الأحرار أبناء الوطن والأمة للنائب ( أبو أسامة ) ابن الأردن البار الذي تجرأ حيث تخاذل كثيرون وألف تحية وتقدير لكل أردني شهم وعربي شريف يملك الشجاعة لمواجهة الاحتلال الصهيوني الإرهابي والدفاع عن فلسطين السليبة بوركت هذه المواقف النبيلة والأصلية والتي سيحفظها التاريخ السياسي بكل معانيها ومغازيها المشرقة والمشرفة والعار والمذلة للمطبعين و المنبطحين وإلى الأمام والله ولي التوفيق






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات