" وصفي التل, بين الميلاد والشهادة "


أبو عماد, صديق عزيز ووطني ناشط, تساءل باستغراب في ذكرى استشهاد ابن الوطن البار وصفي التل, لماذا نحتفل بالموت؟ ولا نخلد ونحتفي بذكرى مولد الشهيد؟
وقد دفعني هذا السؤال إلى التفكر والبحث العميق فيما ذهب إليه هذا الصديق من معاني للموت والحياة والشهادة, وأنا العارف بأنه من الذين في تساؤلاتهم عمق ولإشاراتهم دلالات.
عزيزي أبا عماد,
ملايين تولد وملايين يحتفي الناس بتواريخ ميلادها كأعياد شخصية ومناسبات للفرح العائلي, الأطفال منهم لنفرحهم بالهدايا, والكبار لنفرح معهم ونجاملهم, ولكن كم هم الذين يولدون عاديون, ويشبون طفرا فوق العادة والتقليد, وكم هم الذين يعيشون لغيرهم ناذرين حياتهم لغيرهم, وكم هم الذين يؤثرون الوطن والتراب والأرض على أنفسهم وحياتهم, ويقدمون الحياة والدم قربانا لمن أحبوا؟ وكم هم من هذه الملايين تولد ثانية عندما تودع الحياة مثل الشهيد وصفي التل؟
نعم, الشهيد وصفي التل, ولد من جديد عندما مات, وبعث للحياة ثانية عندما استشهد. وهذا سبب يبيح لنا الخروج على المألوف والاحتفال بيوم استشهاده وميلاده الثاني وليس بيوم قدومه الأول مثل أي مولود آخر نبارك لأهله وندعو له أن يكون من أبناء السلامة.
وسبب آخر يجبرنا على استذكار يوم استشهاده وخروجه عنوة من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة أكثر من يوم رؤيته لنور النهار للمرة الأولى, إلا وهو أن شهيدتا قد حملنا بشهادته أمانة عزيزة بات لزاما علينا من يومها أن نستذكرها دائما وأن نروض النفس والعزيمة على حملها والنهوض بأعبائها. وأن لا ننساها أو نتقاعس عن جعلها رسالة حياتنا وهدف جهودنا وطموحاتنا. هذا الوطن الذي أحبه وصفي التل واستشهد من أجله, هو أمانته في أعناقنا ووجداننا وضمائرنا, ويوم استشهاده وكيفيته هو يوم اضطلاعنا بهذه الأمانة, يجب أن يكون مستديما في تجديد العهد, ومتجددا في التفكر وشحذ الهمم.
وفي الحقيقة, ونحن نتذكر الثامن والعشرين من تشرين الثاني من كل عام, فلا نحتفل بالموت بحد ذاته بل نستذكر العهد والمبايعة ونجددهما ونحلف على الوفاء بهما من جديد. ونبرق إلى الجميع برسالة فحواها قديم جديد, حملها واستشهد من أجلها وأورثنا إياها وصفي التل, أن لا مكان هنا في وطن الشهيد للنفاق والو لاءات المزدوجة, ولا مكان للمرتدين والمنافقين ومن يقبعون في بطن الحصان, ومن يرون الأوطان أرقاما وطنية ولعبا على الحبلين ومناصب في غرب النهر وشرقه وفي نفس الوقت. ولا مكان لمؤامرات ومكر جديد بحق الوطن والنظام والشعب, ولا مكان لبديل على حساب أصيل, ولا مكان لأجندات شخصية بغيضة وحقوق منقوصة أو زائدة.
وللكبار ومن يعتقدون أنهم يمتلكون الأقدار ولمن يساومون على كياننا وبقائنا ومستقبلنا برقيتنا الثانية, أن لا مكان لبلفور جديد, ولا لمسطرة وقلم سايكس بيكو جديد تحرك الحدود وتوزع الغنائم. وأن الأردن والأردنيون أقوى أيها السادة من تورا بورا وأقوى من بيروت وأقوى من الصومال, بل أقوى من كل هذه مجتمعة.
ذكرى وصفي التل لن نحييها يوم ميلاده فقط ولا يوم استشهاده فقط, بل في كل الأيام والأزمنة وفي كل أوان. وصفي التل لا يغيب عنا إلا كما يغيب البدر قليلا ليعاود الإشعاع والتنوير في الليلة التالية, وكما تغيب الشمس عند غروب لتشرق في الصباح الذي يليه أكثر دفئا وسطوعا.
سيكون فكره ووصاياه وما ورد عنه قولا وعملا, هادينا وحادينا للتجذر بالأرض وزراعتها بالحياة والشجر والخير, وفي نفس الوقت "رشم" حدودها بالحراب والموت وملايين النشامى الأبية, ليقصموا ظهر المكر والخديعة والتسلل إلى طهر الأردن وحلم الأردنيين وكرمهم.
"سلام عليك أبا مصطفى يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا"



تعليقات القراء

فلسطيني مسلم
استاذ جمال صراحة انا احترم مقالاتك واحترم اكثر وطنيتك وحبك الشديد لوطنك الاردن وما تعلقك برمز الامة الشهيد وصفي التل الا مثالا حيا لوطنيتك ولكنك يا استاذ جمال وانت المثقف والكاتب والاديب تجر وراءك دوما معظم القوم لما قد لا يحمد عقباه فانت دائم السخط والكره لكل انسان من غربي النهر لم يثبت ولاءه المخلص للاردن وكم هو عويص ومعقد هذا الموضوع. انه من التعقيد ان عجزت وتراخت همم كل الدول العربية ان تستوعب بضع مئات من الفلسطينيين عندما فرو من العراق خوفا على حياتهم وعائلاتهم فرو الي الصحراء على امل ان تستوعبهم دولة عربية واحدة وما فعلو. جلسو في الصحراء سنتين ومات منهم من مات ولم يحرك احد ساكنا الا ان اشفقت عليهم البرازيل ودول اخرى غير عربية. انا اتفق معك ان هناك رموزا واناس من غربي النهر العن من اليهود والشياطين ولكن ان وقعت الواقعة فسوف تكون كالعاصفة التي لا تبقي ولا تذر فليس معظم الناس منتقين ويميزون الغث من السمين كالادباء والمفكرين بل سيكون كره وبغض وربما اذى لكل ما هو فلسطيني من اخوانهم الاردنيين. صدقني ان موضوع فلسطين موضوع اخروي فهو ليس استعمارا او احتلالا او سرقة ثروات انه قدر الله وقمة صراع الحضارات والاديان وكل قوى الباطل تحمي وستحمي هذا السرطان وسيدفعون بالغالي والنفيس للمحافظة عليه. لنعش سويا يا اخ جمال وتحملونا شوي واعدك ان نكون كما تريد وانت غض الطرف ولو قليلا عن الجهلاء واللئام ولنرقب سويا ما تخبئه الايام فوالله اني لاراه اسود قاتم لن ينجو من ناره احد الا ما رحم ربي وشكرا لسعة صدرك
10-12-2010 12:15 AM
فلسطيني مسلم
استاذ جمال صراحة انا احترم مقالاتك واحترم اكثر وطنيتك وحبك الشديد لوطنك الاردن وما تعلقك برمز الامة الشهيد وصفي التل الا مثالا حيا لوطنيتك ولكنك يا استاذ جمال وانت المثقف والكاتب والاديب تجر وراءك دوما معظم القوم لما قد لا يحمد عقباه فانت دائم السخط والكره لكل انسان من غربي النهر لم يثبت ولاءه المخلص للاردن وكم هو عويص ومعقد هذا الموضوع. انه من التعقيد ان عجزت وتراخت همم كل الدول العربية ان تستوعب بضع مئات من الفلسطينيين عندما فرو من العراق خوفا على حياتهم وعائلاتهم فرو الي الصحراء على امل ان تستوعبهم دولة عربية واحدة وما فعلو. جلسو في الصحراء سنتين ومات منهم من مات ولم يحرك احد ساكنا الا ان اشفقت عليهم البرازيل ودول اخرى غير عربية. انا اتفق معك ان هناك رموزا واناس من غربي النهر العن من اليهود والشياطين ولكن ان وقعت الواقعة فسوف تكون كالعاصفة التي لا تبقي ولا تذر فليس معظم الناس منتقين ويميزون الغث من السمين كالادباء والمفكرين بل سيكون كره وبغض وربما اذى لكل ما هو فلسطيني من اخوانهم الاردنيين. صدقني ان موضوع فلسطين موضوع اخروي فهو ليس استعمارا او احتلالا او سرقة ثروات انه قدر الله وقمة صراع الحضارات والاديان وكل قوى الباطل تحمي وستحمي هذا السرطان وسيدفعون بالغالي والنفيس للمحافظة عليه. لنعش سويا يا اخ جمال وتحملونا شوي واعدك ان نكون كما تريد وانت غض الطرف ولو قليلا عن الجهلاء واللئام ولنرقب سويا ما تخبئه الايام فوالله اني لاراه اسود قاتم لن ينجو من ناره احد الا ما رحم ربي وشكرا لسعة صدرك
10-12-2010 12:15 AM
جمال الدويري
الأخ العزيز "فلسطيني مسلم" المحترم
بعد التحية,
شكرا لك وسامحك الله, شكرا على احترامك وتقديرك لمقالاتي ووطنيتي, وسامحك الله يا عزيزي على ظلمك لي بأنني دائم السخط والكره لكل ما هو غرب النهر, كما تقول.
أخي الفلسطيني المسلم العزيز,
الأردن عيني اليمنى وفلسطين عيني اليسرى, ولا أريد لذلك وساما ولا جائزة من أحد. فكيف لي أن أكره وأحقد على أحدى هاتين العينين؟ ثم هل هناك من يجبرني على أن أتزوج ممن أكرههم أو أحقد عليهم لا سمح الله؟ وكيف تتهمني بهذه الكبيرة يا صديقي وقد وافقتني في سياق تعليقك على أن هناك بعضا غربي النهر العن من اليهود والشياطين؟ وهؤلاء هم من أوجه إليهم اللوم والإتهام والكتابة. ولتعلم يا عزيزي أن هؤلاء موجودون على طرفي النهر.
المتنطعون وتجار الأوطان والمواقف, أصحاب المصالح الشخصية الضيقة وسماسرة الأراضي والاسمنت والحجر وبياعوا ثورجية الإذاعات والإعلام على طريقة أحمد سعيد ومن على شاكلته, من يجاهرون بالمحاصصة والحقوق المنقوصة على مبدأ هذه فلسطيننا, وأردن باليد ولا فلسطين نتعب لتحريرها واقتلع شجرها, ومن يبيعوننا كلاما عن التحرير والعودة وهم يحرصون حتى من مواقعهم في السلطة الفلسطينية على الاحتفاظ لهم ولعقبهم على الجوازات الأردنية والأرقام الوطنية, ومن يختلفون إلى حد التقاتل فيما بينهم على تقسيم الكعكة الفلسطينية, وسرقة قوت الجياع والمسحوقين هناك, ومن لا استطيع تصديقهم ومعي الكثيرون بأنهم يسعون بالفعل لتحرير فلسطين وإقامة الدولة وهم يركنون إلى الملايين ويستندون على الأرقام الوطنية الأردنية. هؤلاء وغيرهم في هذا السياق يا عزيزي من لا أستطيع احترامهم ولا الإيمان بأباطيلهم عن التحرير والعودة والكفاح المسلح وغيرها من المصطلحات المهترئة التي لا تسمن ولا تغن من جوع.
ثم يا عزيزي, لا أظنك قد سقت مثال الذين علقوا من الإخوة الفلسطينيين على الحدود العراقية الأردنية, لتقول لي أن الأردن ملكا وحكومة وشعبا قد قصر بحق أخوة لنا استقبلنا تشردهم وجوعهم على ضيق ذات اليد عندنا وجوعنا, مرات عده وكلما احتاجوا للغوث والحضن الدافئ, عبر الهجرات من فلسطين, إلى الهجرات من لبنان والكويت والعراق, وهذا كله دون منة ولا تجمل. ولا أظنك قد عنيت هذا الشعب الطيب المضياف الذي فتح ذراعية وبيته دائما لكل طالب غوث أو ملهوف من أخوة عرب ومسلمين أو حتى أبعد من ذلك أو اقرب.
أشكرك أخي مرة ثانية وأتمنى لك شخصيا كل خير ولفلسطين والقدس الحرية والسيادة.
جمال الدويري
11-12-2010 02:33 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات