الصدق وأمانة المسؤولية


الهدف الرئيسي من وجود أي شخص في السلطة أي سلطة، هو تحقيق مصالح الناس بالإنصاف والعدل والصدق في التعامل مع الكل، فعندما سئل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق "جورج واشنطن"، والذي جعل من امريكا أكبر قوة في العالم وامبراطورية يحسب لها ألف حساب، عن مهمة الرؤساء فقال: "مهمة أي رئيس أن يجعل المواطن يعيش حياة أفضل"، هذه المقولة تنطبق على أي مسؤول مهما صغر منصبه أو عظم بداية من رئيس البلدية إلى رئيس الحكومة مرورا ببقية المسؤولين في كل السلطات بالدولة.
إذا وضعنا أي شخص مسؤول تحت هذا الشعار، نجد بأن المواطن في واد، وهذا الشخص في واد آخر، ففي كافة أرجاء الوطن على سبيل المثال، وفي كل الانتخابات نجد المترشح لأي منصب يريد الوصول له أول ما يبدأ فيه هو صرف الوعود الوردية لمن حوله، ويتسول في سبيل ذلك أصوات الناخبين ويستجديها، لكن بمجرد وصوله إلى غايته ومبتغاه يتنكر للأمس القريب وينكث العهد والوعد، ويختفي وراء أفق مصالحه الشخصية، لكنه يبقى في طريق التسول لكنه هذه المرة يتسول الجاه والعلاقات وحب الظهور بالتقرب من المتنفذين والتمسح بهم.
البعض ممن يحالفه الحظ بتبوء أي منصب ينسى نفسه، ويعتقد بأنه أصبح عظيما وذو شأن ويشار له بالبنان، تراه يقف يعشق الظهور والإعلام والكاميرات، ويتقرب من أي مسؤول أعلى منه بالتزلف والتملق، وتجده لا ينقل مطالب المواطنين وهمومهم ومعاناتهم حتى يظهر امام ذلك المسؤول على أنه يقدر اعباء وعناء المسؤولية، ويلتمس الأعذار ويبدي المبررات لتلك المؤسسة أو الجهة ومن هم على رأسها، لا بل احيانا يعطي اشارات عكس الواقع ووغير صحيحة، متوددا بذلك الرضى عنه والاستمرار في موقعه، كما كان يفعل "جنرالات هتلر" عندما كانوا يقولون للناس بأن الأمور تمام وعلى ما يرام وتسير وفق ما خطط لها، حتى سقطت ألمانيا وانتحر "هتلر".
في زماننا الماضي، عندما تكون هناك زيارة مبرمجة لوفد حكومي مهم لقرية ما، يقوم مختار القرية وهو المسؤول الأول والمباشر والمتحدث الرسمي باسم أهلها، بدعوة كبار ووجهاء القرية لاجتماع طارئ ومهم قبل تلك الزيارة، حيث يخطب بهم ويوجههم بلهجة تحمل صيغ التهديد قائلا لهم: "لا تفضحونا وتحرجونا أمام المسؤولين بكثرة اسئلتكم والحاحكم في مطالبكم وطلباتكم حتى لا يأخذوا عنا فكرة صـورة سيئة"، المهم عنده أن لا تهتز الصورة .!
في بلادنا على وجه الخصوص، جرت العادة وعندما تنتهي ولايته أي مسؤول لا يصدق في تعامله مع الناس ويلبي مطالبهم، وبعد أن يتم كنسه من على الكرسي بطريقة وبأخرى، تتحول مسؤوليته تلك من مهمة نبيلة وسامية، إلى لعنة عليه تلازمه مدى العمر، ويبتعد عنه المقربين المتنفعين وماسحي الجوخ، فلا يُذكر في المجالس إلا بسوء وتحت النقد الجارح، لا بل ترتفع بعض الأكف وتلهج الألسنة بالدعاء عليه، وعلى الفترة التي أمضاها في موقعه، فينتهي أمره وينسى كما نُسي من هم سلفه، خاصة إذا كان ممن "استخف قومه" وراوغهم بالخداع والغدر والمواعيد الكاذبة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات