كفانا تلاخُماً


د.أمجد رواشده المستريحي- في ظِلِّ غَيابِ فِكرة الرقَابة الذاتيّة عند مُجتمعاتنا العربية و إدراكي أنّنا شعوبٌ تعشقُ الإستعبادَ بالفِطرة !!

أدعو الله أن تَقوى سُلطة الأنظمةِ أكثرَ وأن تَزيدَ القوانين والعُقوبات !!

حتى لا يأكُل القويّ مِنّا الضعيف ولا تَعيث شعوبنا في الأرض فساداً !!

إنَّ النّاظرَ لمواقع التواصل بل "التلاخم والتزاحُم الإجتماعيّ" في وطننا العربي ليُدرك مدى السَفَهِ والطَيش الفكريّ الذي نُعانيه !! ليُشَكِّلَ حالةً من "الإسقاطِ الإفتراضي" الذي باتَ حقيقةً لواقعٍ أشبَهَ ما يَصدُق عليه الوصفُ بالإسهال الفكريّ المُفرِط !!

إنّ الوقائعَ والحَوادِث السياسية والإقتصادية التي تَمُرُّ بالأُمَّةِ لهيَ أكبرُ شاهِدٍ على تلاخُمِنا وتلاطُمِنا .. فهذا يرفعُ علمَ قطر وذاكَ يرفعُ علَمَ السعودية وآخَر يقول أوردغان يُمثّلني وآخَر يقول قطر تُمثّلني وآخر يقول الأردنّ تُمثّلني و .. و .. إلخ.

بينما الواقع الغالب والذي لا مفرَّ منه أن لا هذا ولا ذاكَ يُمثّلُنا !! ما يُمثّلنا هيَ مصالحنا وأهوائنا ورغباتنا فنحنُ لا نعرفُ في هذا الزمانِ سوى لُغةَ المصالِح والمنافع والمكاسِب !! وإذا تغلّبنا على هذه البُعد المصلحيّ فلا أكثرَ مِن عَواطفَ نُدغدغُ بها صفحاتنا ونحنُ مُتَّكِئونَ على آرائكِ الفراش الوثير نُمارِسُ "تلاخُماً" يملأُ الدنيا ضجيجاً سَرعانَ ما يَنطَفِئ وتَخمُدُ نارهُ لنتوجّهَ بعدهُ إلى حَدَثٍ آخرَ مِن مآسينا "نتلاخمُ" فيه مِن جديدٍ مُحلّلينَ ومُنَظّرينَ نتَبادَلُ الإتهامات والإهانات !

والقدح والردح ! والتحقير والتشهير ! لأنّ هذه هيَ آخر بطولاتنا وبضاعاتنا المُزجاة.

يُصيبني الدَوارُ أحياناً وأكادُ أن أتقيّأ وأنا أقرأُ بعضَ الإسهالات الفكرية ! التي يُنتجُها البعض بشهادة الآيزو العالمية التي لم نَفخَر بها إلا على صناعاتنا العظيمة كَعُلب السردين والتونا وعُلب البلابيف وبعض أقلام الرصاص المُشحبِرَة !!
"الفاسدُ لا يُنتِجُ إلا فاسداً"

أخلاقياتُنا فاسدة بل المنظومة الأخلاقية عندنا باتت في مَهبّ الريح وهذا ما نَلْحَظَهُ في جامعتنا ومعاهدنا ومدارسنا ومؤسساتنا وبيوتنا وشوراعنا وحاراتنا بأَزِقَّتِها المُمتَلِئةِ بشبابِنا وأطفالِنا الذينَ لا مكانَ لهم للتربية سِواها إلا ما رحِمَ ربُّك وقليلٌ ما هُم. !!

إنّنا اليوم بأمسّ الحاجة إلى "مُراجعةِ الذات" لنتصالحَ مع أنفسِنا ولنتخلّص مِن حالة "الفِصام والخِصام" التي نُعانيها .. بل إنّنا بحاجةٍ إلى "صَفعةٍ مؤلِمةٍ" على وجوهنا تجعلنا نلفُّ و نلفُّ و نَدووور ! لعلّها توقِظُ فينا ما تبقَّى من بقايا أُمَّةٍ كانت يوماً تتربّعُ على عرشِ سيادة الأُمَم ديناً وسُلوكاً وإبداعاً وحضارةً تُمَثِّلُ دُرّةً ناصعةً بين الحضارات يشهدُ لها العالم الشهود الحضاري اللائق بمكانتها الربّانيّة في دُنيا النّاس.

ألا فلنكتفي عبرَ مواقع التواصل بِ (صباحُ الخير) و (مساءُ الخير) و (جُمعة مباركة) و صور الطعام والشراب والرحلات والتخييمات ! فهذا هو الأليقُ بنا !! حتى يقضيَ الله أمراً كانَ مفعولا.

فكفانا "تلاخُماً" !!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات