زياد أبو عين الشهيد الذي عدل الأرض بالروح


حلت علينا قبل أيام الذكرى الأليمة السادسة لاستشهاد القائد والمناضل والأسير المحرر والوزير الاسبق والبطل المقاوم الراحل ( زياد محمد أحمد أبو عين ) رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مواليد عام 1959 والذي اعتقل في السجون الأمريكية والإسرائيلية لمدة ثلاثة عشر عاما وهو أول معتقل عربي وفلسطيني يتم تسليمه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل في عام 1981

استشهد أبو عين في 10 / 12 / 2014 بعدما تعرض للاختناق بالغاز والضرب من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي عليه بالضرب المبرح والعنف القاسي وبصورة وحشية و بربرية في مسيرة وطنية لزراعة أشجار الزيتون في قرية " ترمسعيا " بمدينة رام الله وقد كان " أبو عين " أول أسير يحكم عليه بالسجن المؤبد بدون أي اعتراف منه بالتهم المنسوبة إليه من قبل إسرائيل وذلك في عام 1982 وقد شكل بوعيه ومواقفه وصموده حالة استثنائية في تاريخ النضال والتضحية والمقاومة من اجل تحرير فلسطين ونيل استقلالها

وربما يكون ابو عين الأسير الفلسطيني الوحيد الذي صدرت لصالحه سبعة قرارات من هيئة الأمم المتحدة تطالب الولايات المتحدة بالإفراج عنه منها قرارها رقم 36 / 171 بتاريخ 16/12/1981 والذي أبدت خلاله هيئة الأمم المتحدة أسفها الشديد لمبادرة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بتسليم أبو عين لسلطات الاحتلال الإسرائيلي ودعا القرار الاممي في حينها الى تطبيق فحوى قرار الأمم المتحدة " حق العودة 194" وذلك من خلال المبادرة الشهيرة التي طرحها الراحل زياد ابو عين في ربيع عام 2008 باسم ( مبادرة العودة والعيش المشترك ) وله أيضا ارث متداول في العديد من المساهمات الفكرية والإبداعية وبعض الأبحاث والدراسات الإستراتيجية والسياسية

كان أبو عين على موعد مع الشهادة فوق ارض بلاده التي احب وبين أبناء شعبه الذين احبوه خلال مشاركته في تظاهرة سلمية في بلدة " ترمسعيا " برام الله وبعد سقوطه ومحاولات انقاذ حياته أعاقت سلطات الاحتلال وصوله العاجل للمستشفى والجميع كان يعلم أن الجنود الصهاينة أقدموا على استهدافه وقتله عمداً وتصفيته عن قصد بعدما آلمتهم أفعاله وأغاظتهم نشاطاته وأزعجتهم فعالياته وأقلقهم سعيه الدؤوب وتحديه الصلب الذي لا يتوقف حيث اعتاد منذ سنوات بمعية المواطنين الأحرار على مواجهة إجراءات الاحتلال التعسفية والوقوف في وجه محاولات المستوطنين الاستفزازية ومقاومة سياسات السيطرة والإقصاء الصهيونية

وقد كانت أخر كلمات وطنية صادقة ومعبرة سطرها رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الشهيد الوزير زياد أبو قبل الانطلاق نحو اراضي قرية ترمسعيا شمالي الضفة الغربية ( يا كل من يعشق الأرض غدا وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان سيكون اليوم الوطني لسواعد الأرض أمام بلدية ترمسعيا معا نخرج لفلسطين حرة )

في الحقيقة يعد الشهيد أبو عين حالة استثنائية في صيرورة النضال والمقاومة الفلسطينية فبينما كان يزرع الأمل في النفوس والمستقبل من خلال غرس الأشجار ارتقى شهيدًا على أيدي الطغاة الغادرين ليبقى رمزا ثوريا خالد من اجل تحرير الارض والانسان وقد اتخذت القيادة الفلسطينية عدة قرارات ردا على استهدافه في حينه من أبرزها الانضمام إلى 14 منظمة دولية كانت تطلب إسرائيل عدم الانضمام إليها بالإضافة الى عدة تقارير قدمها الفلسطينيون لإدانة سلطات الاحتلال بالجريمة النكراء لكن بدون جدوى اما بطش المحتل وسطوته

المناضل الراحل أبو عين تعلق قلبه وتشبثت أقدامه بالأرض الفلسطينية في الغربة والسجن وعند الموت والرحيل حيث انغرس فيها كما شجرة الزيتون التي كان يرعاها خضرة وثبات حيث كان قدره أن يواجه بشكل مباشر عربدة وعنجهية الاحتلال على الأرض وقد كان له ما تمنى أن يخلد في ارض وطنه الطاهرة حين استشهد مدافعا عن ثراها ومتمسكا بعروبتها وهو التجسيد الحي للفلسطيني الكنعاني صاحب الحق الذي عرف قيمة الأرض وعادلها بالروح حين قدمها قربان رخيص من أجل طهارتها وعزتها وحريتها ليثبت للعالم اجمع أنها ستبقى ملكا عضوضا وأصيلا منذ الأزل لأبناء فلسطين وحتى قيام الساعة

شغل الراحل أبو عين عدة مناصب أهمها عضو اتحاد الصناعيين الفلسطينيين عام 1991 مدير عام هيئة الرقابة العامة في الضفة الغربية عام 1994 برتبة وزير ومدير هيئة الرقابة الداخلية في حركة فتح في الضفة الغربية 1993 ورئيس رابطة مقاتلي الثورة القدامى 1996 وعضو اللجنة الحركية العليا لحركة فتح 1995 وعضو هيئة التعبئة والتنظيم ورئيس لجنة الأسر" في مجلس التعبئة 2003- 2007 ووكيل وزارة الأسرى والمحررين 2006 عضو منتخب في المجلس الثوري لحركة فتح

لن ينسى أبناء الشعب الفلسطيني يوما شهدائهم الإبرار وأسراهم الإبطال وسيبقى الشهيد زياد أبو عين ( شهيد الشعب الفلسطيني ) منارة وطنية سامقة في سماء الديار في زمن التنسيق الأمني والمؤامرات والتبعية والخذلان مثالا وقدوة لشباب فلسطين جيل ( الحجر والبندقية والسكين ) وستبقى خطاباته وجسارته وروحه الوثابة طريقا يسلكه الثائرون الحالمون بالرفعة والمجد والتحرر ولن تطوي صفحات التاريخ مهما طال الزمن كلماته الصادقة وصوته الصادح بالحق ولن تنسى وقفته الشجاعة وتحديه الجريء وإرادته الصلبة فقد كان أبو عين جلمود صخر راسخ في ذلك اليوم البطولي العظيم والمعول بيده وهو ينوب عن الشعب الفلسطيني كله ويمثل كل من يرفض الاحتلال وسطوته على شعب اعزل يقاوم كل أساليب المصادرة والاغتصاب وينتفض في كل يوم على إجراءات الاحتلال وممارسات الاستعمار الغاشم ومحاولات محو الهوية وطمس التاريخ وإنكار الحقوق المشروعة للشعب فلسطين

رحم الله الفارس الثائر المرحوم زياد ابو عين ( شهيد الشجرة المباركة والمحراب الأمين ) رفيق جذوع الزيتون وصديق عطر الأرض الفلسطينية طيب الله ثراه وتقبله في علين مع الأنبياء والشهداء والصالحين والمجد والغار والنصر والظفار لشعب وارض فلسطين والخزي والعار والهوان والذلة للصهاينة المغتصبين وكل من ولا هم وعاهدهم وتقبلهم وسار على خطاهم إلى يوم الدين
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات