لا شك أن العام الذى سيمضي عام مليء بالأحزان والمآسي، لكن الخروج منه يحمل بريق أمل بغد مشرق تصنعه إرادة الإنسان، الإنسان الذي بقي صامدا أمام تحديات الحياة وتجاوز محنها، وبالنهاية خرج منها منصرا، لقد كان عاما فيه الوجع قاسيا علينا، إما لفراق أعزة، أو لأزمات متلاحقة، لكنها هكذا هي الحياة فرح وحزن سعادة وشقاء.
لا بد لنا من أخذ الدروس والعبر ونحن نستقبل عام جديد ونودع عام مضى، فالحياة بداية ونهاية شروق وغروب، وكم من الأسئلة وعلامات التعجب التي لا بد من طرحها على أنفسنا ونحن ندخل بوابة العام الجديد وننتظر إجاباتها، ولا بد ايضا من مراجعة كل الاحباطات والإخفاقات التي تعرضنا لها.
خرجنا من عام مطبق واجراءات تباعد اجتماعي مضنية وفي ظلمة وواقع مرّ غير مسبوق، تعطلت فيه سبل الحياة، وتقلصت فيه الحركة إلى أقصى حد، واكتشف الأنسان على وجه هذه الأرض بغض النظر عن لونه أو عرقه أو ثقافته أو دينه أو حالته الاجتماعية أو الاقتصادية، أنه بحاجة إلى أخيه الإنسان أينما وجد، وبغض النظر عن أي اعتبارات في مواجهة وباء فتاك.
في ظل جائحة كورونا ازداد احساس الناس بالحاجة إلى العودة إلى الله، وتعمقت في نفوس البشر حقيقة أنهم قاصرون ويحتاجون للعون والمساعدة والتكاتف والتعاون بعد عقود من التناحر والتنافس والقتل والطغيان والظلم بكل اشكاله وألوانه.
ونحن على اعتاب العام الجديد لا بد من الاستعداد والجرأة لنسيان الماضي، وطوي صفحاته بما فيها، ونعد أنفسنا للمضي قدما لتغير نمط حياتنا وسلوكنا وتصرفاتنا وحتى أفكارنا، وأن نزرع بذور المحبة والسلام والرحمة والتعاطف والتعاون والإنسانية التي غابت عنا ونحن نتصارع على هذه الحياة بروح الانانية وحب الذات والطمع والجشع بكل ضراوة.
في استقبال عام جديد ما أحوجنا إلى إيقاظ الضمير في داخلنا، ويستحق كل منا وقفة مع الذات للتأمل لإعادة بناؤها من جديد، وهي فرصة لتصحيح المسار وبداية جديدة لمن تعثر وأخفق في العام الماضي، وأخذ شحنة جديدة من الاصرار على البقاء والعمل الجاد والتقدم دون خوف أو قلق.
بعيدا عن حالة التشاؤم التي نعيشها، نتمنى في العام الجديد أن تتحق فيه الأمنيات، وتختفي فيه الأمراض، ويقل الفقر، وتنعدم البطالة، ويتلاشى غلاء الأسعار، وينتهي الفساد ولتطرف والعنف، وتزداد وتزدهر الخدمات الصحية والتعليمة، وينعم الجميع بالعيش بحرية، وعدالة اجتماعية، وكرامة إنسانية دون تمييز أو تهميش أو محاباة.