مئوية الدولة


.. نحن على أعتاب مئوية الدولة...

هذا يعني ببساطة أن عمر هذه الدولة قد أصبح (100) عام ...

كل شيء في الأردن تطور: الإتصالات, النقل, النظام الصحي, التعليم ..الخ, تخيلوا حتى الشماغ تطور أيضا, فهنالك شماغ (مهدب) وشماغ غير مهدب, هناك شماغ بهدب خفيف وشماغ بهدب ثقيل... قلت كل شيء تطور وتغير للأفضل.

لكن الوحيد الذي لم يتطور هو القلب.. سأقول لكم كيف؟

لقد ولدت في الكرك، وحين أموت سيلمني هذا التراب، ويكون مستقري الأخير وخاتمتي ومخدة شيبي، والإغفاءة الأخيرة.. هل سيخلط تراب الكرك بتراب أميركي, أو استرالي.. أو يخلط مع تراب من (ويلز).. مثلا, لا تراب يحتضن عظامك غير تراب وطنك.. ترى متى سيعرف الذين حجوا للسفارات وعواصم الغرب, واستنجدوا بقوانينها.. ووظفوا ليبرالية أميركا, وشفافية فرنسا.. في التجريب والتخريب, متى سيعرفون؟ أنه لايوجد تراب في العالم يحتضن عظامك غير تراب وطنك..

أيشعر الميت باغتراب؟ نعم والعظام تشعر بذلك إن لم تدفن بغير تراب وطني.. مازال في بلادنا من يؤمن, بأن الوطن يقسم ويفصل بحسب مزاج أو رغبة أو هوى.

قلت لم يتطور.. وأقصد أيضا لم نحصن القلب.. في مئوية الدولة.

الجزائري لا يقبل في دمه غير الجزائر, والمصري يبدل الدنيا كلها.. بدمعة على ضفة النيل, ويعتبر أن الدمع صلاة في محراب مصر.. والحي المحمدي في الدار البيضاء، مازال يشكل للمغربي حالة من التصوف.. والفقر والرفض والحياة .. في الحي المحمدي يحيلون الوجع لعشق متأصل في كتاب المغرب الوطن.. لدينا حين يخرج البعض على منصة أممية كي يخطب يتنكر من دمه, وتسري كل جنسيات العالم في عروقة إلا الأردنية.. لدينا حين يخرج بعضهم من المنصب.. أيضا, يصبح انجليزيا في شرب الشاي وإيطاليا في ارتداء البدلة وأميركيا في الديمقراطية, ويمحو الأردن من تفاصيل الوجه والقلب والجسد.. لم نحصن القلب الأردني أبدا..

في مئوية الدولة كل شيء واضح إلا القلب ذاك المخفي بين الضلوع...

صرنا لا نعرف وجوه البعض ولا نعرف هل يحبوننا, يكرهوننا ! يعشقون البلد مثلما نعشقها.. صرنا نرى التباس النظرة والجملة, واكتشفنا بعد مئة عام.. أننا نحن الصادقون في الحب فقط.. نحن الفقراء والبدو والفلاحون ومن ناموا تحت صفيح المخيم, ومن عجنوا الرضى مع الخبز.. ومن كانوا عسكرا بإرادتهم.. نحن الصادقون نحن الذين نمتلك قلبا أردنيا صافيا.. وغيرنا خلف أضلعهم ألف قلب وألف قصة وألف. انتماء مزيف..

في مئوية الدولة, حصلنا على كل شيء.. لكننا للأسف لم نستطع أن نحصل على صفاء بعض القلوب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات