في الذكرى الـ 39 لصدور قرار ضم الجولان


بداية مهما طال أمد الاحتلال واستشرى العدوان وتعاظمت المؤامرات واستبدت الانتهاكات سيبقى الجولان بكامل شعبه وأرضه ومائه وهوائه جزء لا يتجزأ من " الجمهورية العربية السورية " بانتمائه الوطني والعربي الأصيل الذي لا يسقط بالتقادم ولا يشرعن بطول السنين ولا بتغيير حقائق التاريخ والجغرافيا على الأرض وهو إن شاء الله عائد مهما طال الزمان أم قصر كما تمكنت سورية ذات يوم من استرجاع جزء من الجولان من ضمنه مدينة القنيطرة في حرب تشرين الأول عام 1973 وليعلم الصهاينة إن ( بعد الضعف قوة والحرب سجال والأيام دول ) وستعود الدائرة على الباغي

في 14/ 12 / 1981 قرر الكنيست الإسرائيلي بموجب " قانون الجولان" ضم الجولان وفرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية عليه ضمن محاولة إسرائيلية مكشوفة لتثبيت وتكريس احتلالها للهضبة وفي 25 آذار 2019 وقع الرئيس الأميركي المهزوم دونالد ترامب قرارا رئاسيا يقضي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل منذ حرب حزيران عام 1967 والذي اعتبر طيا أميركيا لصفحة مفاوضات السلام السورية - الإسرائيلية التي رعتها واشنطن وقامت على مبدأ الأرض مقابل السلام

هذا القرار الجائر لقي رفضاً دولياً وعربياً وإقليمياً في حينه وحتى اليوم حيث اصدر مجلس الأمن الدولي في 17 / 12 / 1981 القرار رقم 497 الذي يرفض فيه الإجراء الإسرائيلي بضم الجولان جملة وتفصيلاً واعتباره لاغياً وباطلا وليس له أثر قانوني دولي لأنه صادر عن سلطة احتلال ليس من حقها وفق قواعد القانون الدولي إجراء أي تغيير على الواقع الجغرافي أو السكاني في المناطق المحتلة والحقيقة المؤكدة ان الجولان لم تحتلها إسرائيل بقانون ولن يتم استرجاعها بقانون أوعدمه

الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال رؤسائها السابقون باستثناء ترامب رفضت القرار الإسرائيلي وأكدت أن الجولان من الأراضي العربية المحتلة التي يشملها القراران 242 و 338 رغم أنها استخدمت حق النقض " الفيتو " لإحباط قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يقضي بمعاقبة إسرائيل على خلفية ضمها للجولان وقد وصفت بريطانيا الإجراء الإسرائيلي بأنه مخالف للقانون الدولي وضار بمساعي إحلال السلام كما سارعت فرنسا إلى إدانة قرار الضم ودعت إسرائيل للتراجع عنه وقد أعلن الاتحاد السوفييتي السابق في حينه رفضه الشديد للقرار الإسرائيلي وأكد تضامنه مع الشعب السوري كما أدانت معظم دول العالم وبشدة القرار الصهيوني فضلا عن العشرات من بيانات الشجب والتنديد والاستنكار التي أصدرتها المنظمات والنقابات والأحزاب والحكومات المختلفة

ومن اجل تثبيت الحق السوري في الأرض المحتلة ومنذ البداية نفذ أهالي الجولان في 14 / 2 / 1982 إضراب وطني عام وشامل وحشدوا المظاهرات العارمة ضد قوات الاحتلال استمرت ستة أشهر رفضاً لقرار الضم المشؤوم ما أدى إلى حدوث شلل كامل في مختلف مناطق الجولان حيث استطاع أبناء الجولان بصمودهم فرض إرادتهم الرافضة بشكل قاطع لهذا القرار العنصري ولسياسة مصادرة الأراضي وفرض القوانين والولاية القضائية وهم اليوم أشد عزيمة وإصراراً على المقاومة لعودة وتحرير أرضهم والخلاص من سطوة الاحتلال ولا يزال أهل الجولان العربي السوري المحتل يرفضون قرار الضم ويجددون في كل حين تمسكهم بهويتهم العربية السورية التي ورثوها عن أجدادهم ويرفضون بطاقات الهوية الإسرائيلية التي فرضت عليهم قسرا في عام 1981

بالرغم من ما يواجهونه من انتهاكات إسرائيلية جسيمة ومن تنكيل وترهيب واعتقال واستهداف في أعمالهم وأرزاقهم لإجبارهم على وقف التعبير عن رفضهم للقرار العدواني ضد أرضهم وحريتهم وللتخلي عن مقاومتهم المشروعة

وقد حاولت إسرائيل مراراً فرض مبدأ الانتخاب على أهالي الجولان ولا سيما في عام 1976 بعدما كانت القرى تدار بمنصب المخاتير ثم لاحقاً بعد قرار ضمّ الجولان في كانون الأوّل 1981 إلّا أن انتفاضة أهالي الجولان الكبرى ورفضهم الهويّات الإسرائيلية حطّمت أمال الإسرائيليين وأجبرتهم على تجميد مخططاتها

الجولان المحتل سيبقى سوري ولن يكون إلا عربي الهوى والهوية والجغرافيا والسكان في ظل بطلان وزيف هذا القرار ورفض ابنا الجولان المحتل لكل القوانين والقرارات وجميع محاولات الكيان الصهيوني الرامية إلى إخضاعهم وفرض هويته ومناهجه التعليمية عليهم من خلال وقفاتهم الوطنية المشرفة إضافة إلى الإضرابات الشاملة والمفتوحة التي ينفذوها باستمرار والتي كان آخرها رفض تركيب سلطات الاحتلال " للتوربينات الهوائية " على أراضيهم ومواصلتهم النضال والتصدي للمخططات التوسعية الإسرائيلية ومواجهة كل الإجراءات التعسفية والقمعية حتى التحرير مهما بلغت التضحيات على مذبح الحرية في دفاعهم عن هويتهم وانتمائهم لوطنهم الأم سورية وتحت راية العلم العربي السوري كأرض عربية لسورية وحدها حق ممارسة السيادة الوطنية التامة وغير المنقوصة عليها وفقاً لجميع الشرائع والقوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية

بعد ما يقرب من أربعة عقود على ذلك القرار الإسرائيلي الباطل والعدواني لا زالت إسرائيل حتى اليوم تمارس انتهاكاتها اليومية على أرض الجولان وضد أبنائه بإقامة المستوطنات وتغيير التركيبة الديمغرافية والسكانية ونقل المستوطنين إليه والاستيلاء على الأراضي وتجريفها وإقامة المشاريع الاستيطانية واستنزاف مياهه وثرواته الطبيعية في تحد صارخ للقرارات والمواثيق الدولية وبدعم مطلق من إدارة ترامب وقيام وزير الخارجية مايك بومبيو في 19 تشرين الثاني 2020 بزيارة استفزازية وغير مسبوقة " للمستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل" قبيل انتهاء ولاية إدارة ترامب والتي اعتبرت انتهاك سافر للسيادة السورية

ومع حلول هذه الذكرى المشؤومة لهذا القرار اللعين ينبغي ان يتنبه الرأي العام والمجتمع الدولي الى خطورة وسلبية هذا الإجراء على الأمن والسلام في المنطقة وعلى مجمل الأوضاع الدولية باعتباره عدوان متكامل الشروط واحتلال بغيض ومرفوض بموجب المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة مما يستدعي وانطلاقاً من المسؤولية القومية والشرعية والإنسانية الوقوف العربي والإسلامي والعالمي مع سورية وشعبها

من خلال التأكيد على الدعم الثابت والمستمر للحق السوري في المطالبة باستعادة كامل الجولان العربي السوري المحتل إلى خط الرابع من حزيران 1967 استناداً إلى أسس عملية السلام والقرارات الدولية ذات الصلة ومنها قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 الذي دعا سلطات الاحتلال إلى التراجع عن قرارها بضم مرتفعات الجولان بحكم الأمر الواقع لما يشكله من حجر عثرة أمام تحقيق سلام عادل وشامل ودائم في المنطقة وضرورة قيام جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن بالضغط على إسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال للالتزام بجميع قرارات الشرعية الدولية والتأكيد على بطلان القرار الأميركي الترامبي القاضي بالاعتراف بالسيادة على الجولان العربي السوري المحتل و لا بد في المحصلة من فرض العقوبات على المعتدي الإسرائيلي تنفيذاً لإحكام ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها التي لا زالت إسرائيل تضرب بها عرض الحائط

وفي الختام فأنتا نحيي نضال وصمود وتحدي إخواننا أهالي الجولان العربي السوري المحتل ضد انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلية المتواصلة وإصرارهم وتمسكهم بأرضهم وهويتهم العربية السورية ونندد بالإجراءات القمعية الإسرائيلية التي يتعرضون لها والتعدي المستمر على أبسط حقوقهم الإنسانية المكفولة بالقانون والمواثيق الدولية ونطالب من جميع دول وشعوب ومنظمات وهيئات وأحرار العالم

التضامن الكامل مع أهالي الجولان المحتل في مواجهة العدوان وضرورة إلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالوقف الفوري لكافة الأعمال العدوانية ومواجهة مشروع الدولة الإسرائيلية الساعية " لأسرلة " الإنسان في الجولان بعد أن حققت مكاسب عديدة ونجاحات كبيرة في " أسرلة " المكان وتهويده والعمل المشترك بكافة الوسائل القانونية والسياسية والإعلامية ليعود الجولان تحت السيادة السورية من جديد مع التأكيد الدائم بأن تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة لن يكون إلا بالاستجابة الإسرائيلية أولا لمتطلبات السلام الأساسية وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال لكافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بما فيها الجولان العربي السوري المحتل
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات