كابوس الرُعب


انتقل إلى رحمة الله تعالى، عبارة تطالعنا بها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يومياً، وتتكرر دائما بصيغ مفجعة ومريرة عن أحبة وأصدقاء لنا رحلوا عن هذه الدنيا وهم يمارسون حياتهم بشكل اعتيادي وطبيعي، هذه الجملة نقرأها أو نسمعها في اليوم أكثر من مرة، جملة مرعبة بإعلان فقدان عزيز حتى أصبحت عادة يومية ألفناها وأصبحت كأنها عبارة صباح الخير، مع يقيننا بأن الموت حق علينا جميعا، ولا يستأذن أحد بكل الأحوال، لكن متى سينتهي كابوس هذا الوباء ويتوقف عن حصد الأرواح .؟

أخبار الموت الصامت في كل مكان بسبب جائحة كورونا، وتتصاعد وتتنامى في العالم يوماً بعد يوم، لقد جعلتنا هذه الجائحة نعتاد على تلك الأخبار والفواجع التي لم نألفها في حياتنا بصورة مفزعة ومرعبة من قبل، ولم يرد في خلد أي منا بأننا سنألف أخبار الموت كما ألفها وسمعها من هم قبلنا في الأخبار عن أعداد القتلى والجرحى والمفقودين في المعارك والحروب.

كلنا يعلم بأن الفيروسات مخلوقات لا ترى بالعين المجردة لا تعتنق ديانة خاصة أو مذهب ولا تفرق بين أحد من البشر وهم لديها على حد سواء، تنشأ وتترعرع وتنتشر كلما توفرت لها الظروف الملائمة، ومن المعيب جدا أن يكيل البعض بمكيالين واحيانا بعدة مكاييل وفقا لتمنياته الخاصة، ففيروس كورونا في الصين هو نفسه في فرنسا والأردن وإسرائيل وايطاليا، لا يهمه العرق أو اللون أو المعتقد.

وفي ذلك يقول نائب الرئيس الإيراني المصاب بكورونا: "أن هذا الفيروس ديموقراطي جدا، كما أنه لا يفرق بين اغنى دولة أو افقر دولة في العالم، ضرب في الولايات المتحدة الاميركية وضرب في نيجيريا وجميع قارات العالم، إذا لم يكتشف لقاحا خاصا به سيصبح العالم ملك يمينه بحكامها ومحكوميها يصول ويجول كأي فيروس كيفما شاء وحيثما توفرت الظروف الملائمة، أما أن يقول البعض أنه في الصين عقاب وفي البلاد العربية ابتلاء فهذا عين الغباء والتخلف، وينم صراحة عن نفسيات تجذرت فيها الهزيمة".

لن ينتهي هذا الوباء الفتاك الذي يحصد بالأرواح البريئة إلا إذا امتلك الإنسان زمام العلم، وتعاون سكان هذا الكوكب على التركيز على سبل الوقاية والبقاء فيه، من خلال إيجاد اللقاحات والمطاعيم التي تخفف من خطورته وتزيد من مناعة الأجساد المنهكة التي تجردت في لحظة من الأخلاق والإنسانية، فكلما ابتعد الإنسان عن التعاون مع غيره وعن العلم والتطور البشري بكل صنوفه، كلما كان اقرب إلى التخلف والخرافة والضياع، وكان عرضة للهلاك والموت.

نحن سكان العالم الثالث أكثر المتضررين من هذا الوباء والأكثر عرضة لغيره من والأوبئة ما دمنا لا نملك علما يحمينا منها، وعلينا على الأقل أن نتمنى ونلهج بالدعاء صادقين لعلماء تلك الدول التي تبحث منذ ظهور الجائحة عن إيجاد علاج ناجع لها، وأن يوفقهم الله في إيجاد أدوية ولقاحات لهذا الوباء الخطير حتى لا نكون أول الهالكين به وبالتالي نندثر ونتلاشى، واذا خانتنا بعض الأنفس المريضة من الشعور بهذا التمني، علينا على الاقل أن نساعد العالم بصمتنا، ونجلس كعادتنا على دكة المتفرجين ننتظر، ونترك غيرنا يبحث ويجتهد ويعمل في هدوء وطمأنينة لإنقاذ البشرية من هذا الموت، فالانتصار الحقيقي في هذا الكون لا يكون إلا بالعلم، فلا تتحقق الريادة إلا بالتحكم في أدوات التطور للحفاظ على حياة الإنسان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات