الميزة التنافسية وتكرار البرامج الأكاديمية في الجامعات


أنه لمن الواضح للعيان بإن ظاهرة تكرار البرامج الأكاديمية والمطروحة في جامعاتنا الأردنية الحكومية والخاصة ومنذ عقودٍ مضت قد أصبحت من الظواهر الملفته للأنتباه والتي كان غرض طرحها في الجامعات بهذا العدد وفي غالبية الجامعات هو سد إحتياجات سوق العمل في فترة من الزمن نظراً للحاجة الماسة لها وتخريج أعداد كبيرة من الخريجين من هذه البرامج أو التخصصات. ولكن وفي ظل ما نشهده ومنذ سنوات مضت بإن سوق العمل قد أصبح لا يتحمل أعداد الخريجين الكبيرة من تلك التخصصات والإحصائيات لدى الجهات الرسمية تؤكد ذلك، والغريب بالموضوع بإن تلك البرامج في الجامعات ما زالت قائمة وتخريج الأعداد الهائلة من الخريجين وفي الغالب نجد مصيرهم عاطلين عن العمل نظراً لتشبع سوق العمل من هذه التخصصات والتي أصبحت لا تلبي حاجة السوق وأصحاب العمل في مختلف القطاعات.

أن ظاهرة تكرار البرامج الأكاديمية قد أصبحت من الظواهر التي تستحق الأهتمام والدراسة وبموضوعية وعلى جميع الأصعدة الأقتصادية والاجتماعية والنفسية أيضاً لما لها من تأثير كبير على الخريجين وذويهم بإعتبارها تخصصات راكده وغياب فرص العمل لخريجيها، على الرغم من النداءات والمخاطبات المتكررة من الجهات الرسمية المعنية وأصحاب العمل للجامعات بالبحث عن برامج أكثر تخصصية ودقيقة من حيث المجال وتكون أكثر ديناميكية مع حاجة سوق العمل في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والتي أصبحت تعصف بكافة قطاعات سوق العمل مما يتطلب الأمر بالتالي أن تكون الجامعات شريكاً إستراتيجياً تعمل على تزويد سوق العمل بالكوادر المؤهلة ضمن تخصصات جديدة ومميزة ليسهل على مؤسسات سوق العمل استقطابهم وتوظيفهم.

لقد أشارت عدة جهات رسمية ذات علاقة بإن هناك الالاف من خريجي العشرات من التخصصات الراكده والتي تم الأعلان عنها مراراً ، وغالبية خريجي تلك التخصصات عاطلين عن العمل ولا يوجد لهم متسعاً للتوظيف في مؤسسات قطاعات سوق العمل العام والخاص، مما يؤكد ذلك على أن تكرار هذه البرامج في غالبية جامعاتنا دون الأخذ بعين الأعتبار سعة سوق العمل الاستيعابية لتوظيف خريجي هذه البرامج مستقبلاً حيث كان سبباً رئيساً بظهور هذه المشكلة وتبعاتها مما أضعف الجامعات ميزتها التنافسية.

ومن هنا نعتقد بإن هناك تحدياً كبيراً أمام حاكمية الجامعات بالتعامل مع مصير هذه البرامج للعمل على وضع المعالجات المناسبة حرصاً منها على عدم المساهمة في زيادة نسب البطالة للخريجين، والاستجابة السريعة لوضع الحلول، والبدء بالتفكير استراتيجياً بإعادة النظر في برامجها الأكاديمية ونخص بالذكر الراكد منها والتوجه بالبحث عن برامج جديدة مميزة نوعياً تنطلق من خلالها إلى ما يسمى بالميزة التنافسية، وبشكلٍ خاص البرامج ذات التطبيقات التكنولوجية المتطورة والبرامج المهنية ولمرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا.

ولغايات معالجة هذا التحدي إذ أرى من الأهمية بمكان أن تسارع حاكمية الجامعات بإعادة النظر بكافة برامجها وفي مختلف الكليات العلمية والتي تتطلب قرارات جرئية والمتضمنة هيكلة البرامج وأخص الراكد أو التقليدي منها، والبحث عن برامج ذات ميزة تنافسية تتميز بها عن الجامعات المثيلة بما ينسجم مع سوق العمل وإحتياجاته وفرص التوظيف لخريجيها، وهذ يتطلب من الجامعات إعداد دراسات ميدانية وإستطلاعية يشارك بها أصحاب العمل لمعرفة ماهية البرامج ذات التخصصات الدقيقة المطلوبة لعقدين قادمين على الأقل، وأن يكون هناك توجهاً رسمياً من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وهيئة الأعتماد وضمان الجودة بوضع أسس معيارية لإعتماد برامج أكاديمية جديدة وأن تتم الموافقة عليها بالتشاركية مع هيئات ذات علاقة بسوق العمل، وإعادة النظر بالتوسع الأفقي للبرامج الأكاديمية حال كانت هذه البرامج مطروحة في جامعات أخرى، والتوجه نحو البرامج المهنية والتي يصدر عنها بما يسمى بالشهادات المهنية في العديد من التخصصات، والاطلاع على تجارب الجامعات العالمية والتي نجدها الاسرع نحو التطور ومواكبة كل ما هو جديد بما يخدم مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة بالجامعات والتي في الحقيقة نجدها تصب جل إهتمامها بالتركيز على التميز ببرامجها من حيث النوع وليس الكم، والابتعاد عن أسلوب الولادة القيصيرية بمعنى دمج برنامجين لولادة برنامج جديد بإعتباره الأقل كلفة بهدف الاحتفاظ بإعضاء هيئة التدريس والاستفادة من مصادر التعليم.

وبإعتقادي بإن هذه المقترحات المتواضعة قد تسهم في الحد من تكرار البرامج الأكاديمية وبنفس الوقت قد تساعد في توجيه حاكمية الجامعات والتي تعتز بها وبقدراتها وبنظرتها الثاقبة نحو البحث عن برامج ذات ميزة تنافسية أكثر قدرة وضماناً لها ولخريجيها ولمستقبلهما الواعد بالتميز والعطاء في قطاع التعليم الجامعي والذي أصبح يحتل حيزاً كبيراً بإعتباره الشريان الحقيقي لسوق العمل بكافة قطاعاته.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات