الاغتيالات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية


في تصعيد نوعي جديد وضمن الإعمال والحوادث السرية الغامضة التي تهد ف إلى عرقلة ووقف التقدم العلمي في مجال تطوير الملف النووي الإيراني الذي يشكل خطراً وجودياً على الكيان ألإسرائيليي وفي جريمة اغتيال جبانة وغادرة تحمل بصمات صهيونية واضحة هاجمت عناصر مسلحة مجهولة يوم الجمعة الماضي سيارة عالم الفيزياء النووية محسن فخري زاده (عالم إيراني من الدرجة الأولى و له انجازات في التقنيات النووية ) و( يعتبر الأب الروحي للقنبلة النووية الإيرانية ) يعمل رئيس منظمة البحث والتطوير بوزارة الدفاع الإيرانية وأثناء الاشتباك بين فريق حمايته الأمني والمهاجمين أصيب بجروح خطيرة نقل على أثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج لكن جهود الفريق الطبي لم تنجح في إنقاذ حياته

ولطالما حامت الشبهات حول إسرائيل في تنفيذ سلسلة الاغتيالات التي استهدفت العلماء النوويين الإيرانيين في مجالات متعددة منذ ما يقرب من عقد من الزمان إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتن ياهو في تصريحات قريبة له علق على نبأ اغتيال العالم الإيراني محسن زاده وألمح بشكل غير مباشر إلى مسؤولية إسرائيل عن الحادث.

وقد قال وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف الجمعة الماضية 27 تشرين الثاني الجاري إن هناك دلائل واضحة على تورط إسرائيل في اغتيال العالم الإيراني محسن فخري وكان بنيامين نتن ياهو قد أعلن عن اسم محسن فخري زادة علنا في مؤتمر 2018 من خلال عرض صورته ووصفه بالمصمم انه الرئيس الموجه وأحد العقول المؤثرة والمدبرة لبرنامج إيران النووي وطالب ( تذكر هذا الاسم ) كما وصفه النتن ياهو بأنه " رجل الظل " الذي ترأس " مشروع عماد " الإيراني الذي توقف بعد عام 2003 الذي كان هدفه حسب رأي الكيان الإسرائيلي والغرب تطوير الأسلحة النووية وقد تم اعتماد تصنيف فخري زاده كعالم أول في وزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة الإيرانية والمدير السابق لمركز أبحاث الفيزياء وفي 24/ 3/ 2007 وضع اسمه على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد إيران

العالم الإيراني محسن فخري زاده ليس الأول في قائمة العلماء الإيرانيين الذين اغتيلوا في السنوات الأخيرة وان هنالك كثير من العلماء النوويين وقادة من القوات المسلحة تم اغتيالهم على يد عملاء إسرائيل داخل إيران فقد سبقه اغتيال أربعة من العلماء النوويين الإيرانيين وهم مسعود محمدي مجيد شهرياري داريوش رضائي نجاد ومصطفى أحمدي روشن في طهران خلال عامي 2010-2012 باستخدام القنابل المغناطيسية في اغتيال ثلاثة منهم وإطلاق الرصاص على أحدهم أمام منزله

ورغم أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تقر في السابق بأنها تقف وراء تلك الاغتيالات وعادة ما تلتزم إسرائيل الصمت الرسمي حيال أي عمليات خارج الحدود أو تكشف عن تفاصيلها في وقت لاحق إلا أن توقيع الاتفاق النووي مع الدول الست في فترة رئاسة اوباما وامتعاضها من ذلك دفعها للخروج عن طورها والتهديد بمزيد من الاغتيالات فضلا عن ان امريكا التي تمت جميع الاغتيالات بمعرفتها طالبت إسرائيل بوقف تصفية العلماء الإيرانيين لأن ذلك يمس بالمساعي المبذولة لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة مع إيران على خلفية برنامجها النووي وقد أصرت إسرائيل حينها على المضي في هذه الاغتيالات أثناء مفاوضات الاتفاق وبعد توقيعه ليسجل ذلك صراحة بأن الموساد ورجال الاستخبارات الإسرائيلية هم من يقفون وراء جميع الاغتيالات التي جرت على الأراضي الإيرانية

وللمزيد من الأدلة الدامغة بهذا الخصوص وفي التهديد الأكثر صراحة لمسئول إسرائيلي رفيع المستوى بشأن البرنامج النووي الإيراني وبعد سنوات من إنكار علاقة إسرائيل بعمليات الاغتيالات التي طالت العديد من علماء الذرة في إيران نورد ما قاله وزير الدفاع في دولة الاحتلال الإسرائيلي موشيه يعلون ( لست مسئولا عن أعمار علماء إيران في مجال الطاقة النووية ) ولم يكتفِ يعلون بذلك بل واصل القول ( لا تبقى سوى حقيقة واضحة وهي أنه يتعين بطريقة أو بأخرى وقف برنامج طهران النووي سنعمل بأي طريقة ولسنا مستعدين للقبول بدولة إيران النووية )

وقد ركز الموساد الإسرائيلي تحت قيادة الرئيس السابق ( مائير دغان ) على اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين وان عملية اغتيال ( أستاذ الفيزياء البارز مسعود محمدي عام 2010 بجوار منزله ) أعلنت السلطات الإيرانية في حينه القبض على مجيد جمالي فشي الحاصل على الميدالية البرونزية في الملاكمة الذي اعترف في تسجيل تلفزيوني بتنفيذ عملية الاغتيال وتلقيه تدريبات على يد الموساد الإسرائيلي وحصوله على جواز سفر إسرائيلي و120ألف دولار

مقابل تنفيذه العملية ليتم بعدها محاكمته وإعدامه ومن المشكوك فيهم بالمساعدة في تنفيذ هذه الاغتيالات بدعم وتدريب من قبل الموساد الإسرائيلي عناصر منظمة مجاهدي خلق وهي ( حركة معارضة إيرانية في المنفى تدعو إلى إسقاط الجمهورية الإسلامية الإيرانية )

إن عمليات الاغتيال يمكن أن تُنسب إلى إسرائيل بناء على مشاريعها السابقة كعمليات اغتيال العلماء النازيين وقتل جيرالد بول وعمليات اغتيال عناصر من حزب الله وحماس مثل اغتيال عماد مغنية ويحيى عياش وغيرهم

وهنالك سلسلة من الحوادث الإرهابية وقعت في إيران مؤخرا وتتهم إسرائيل بالوقوف ورائها بدأت بانفجار في مخزن أسلحة في بارشين قرب طهران في 26 حزيران عام 2020 تلاه انقطاع غريب للكهرباء في مدينة شيراز عدة ساعات في30 الشهر ذاته كما قضى 19 شخصاً في تفجير عيادة طبية وسط طهران تلاها ايضا بعد يومين في الثاني من تموز انفجار منشأة نطز النووية وبعدها بيوم شب حريق ضخم في مدينة شيراز وحريق آخر في محطة أحواز للطاقة جنوب إيران

ومن اللافت بهذا الصدد ما قاله بعض مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية مؤخرا بأن إسرائيل تقف وراء اغتيال رئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا في وزارة الدفاع الإيرانية محسن فخري زاده الذي يعد الشخصية الأكثر أهمية في برنامج إيران النووي وقد رجح المسؤولون الأمريكيون وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية على علم مسبق بالعملية وذلك لأنها حليفة لإسرائيل وتتشارك معها المعلومات الاستخباراتية بما فيها المتعلقة بإيران وبرنامجها النووي حيث سمحت لإسرائيل بشن عمليات اغتيال سرية باعتبارها أفضل بكثير من ضربات جوية مكشوفة على مواقع نووية إيرانية يشتبه فيها

وفي ظل انعدام كفاءات الأمن الإيراني وعدم القدرة على حماية حياة العلماء النوويين حيث اغتيل محسن زاده بين مرافقيه وحراسه وفي طهران العاصمة مما يدل على مستوى الاختراق لجهاز الموساد الإسرائيلي وقدراته التنفيذية العالية داخل الأراضي الإيرانية دون امتلاك طهران امكانية ردع مثل هذه الاعتداءات المتكررة كما أن من الاستنتاجات الأولية للاغتيال تؤكد أن إسرائيل التي نفذت عمليات نوعية ودقيقة بين عامي 2010 و 2012 لا زالت قادرة على مواصلتها اليوم حيث قتل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي خلال تلك الأعوام علماء إيرانيين أمام منازلهم وقرب أماكن عملهم في العاصمة الإيرانية وفي وضح النهار

في المقابل لا تملك إيران القدرة على الرد بالأسلوب ذاته ولم تكن إيران قادرة على تنفيذ رد في الداخل الإسرائيلي أو بأي شكل حتى لو من خلال وكلائها أو حلفائها ويرى البعض ان إيران ترد عادة على مثل هذه الاعتداءات ( بطابع سري ) إما على شكل هجمات سيبرانية أو عبر عمليات أمنية خارج إيران وان لديها ذخيرة كبيرة من العلماء ولا يمكن لإسرائيل ان تقتلهم جميعا وان لكل عالم خليفة بديل حيث قام الراحل فخري زادة بتربية كوادر كثيرة منهم شهرياري الذي اغتيل من قبله وهناك الكثير من العلماء يعملون في هيئة الطاقة الذرية الإيرانية مما يثبت بان أميركا وإسرائيل وبعد سنوات من الحصار الظالم والاغتيالات الإجرامية لم يستطيعوا منع التطور العلمي الإيراني ولن يتوقف البرنامج النووي وان قتل زادة لا يشكل أكثر من ضربة معنوية ونفسية لها اثر مرحلي بسيط

ومن اجل حماية إيران علمائها وطاقاتها العلمية ولغايات تحقيق الردع الكلي المستقبلي المتبادل وفي ظل فشل إسرائيل في توجيه ضربات مباشرة للقوات والمنشآت الإيرانية على طهران الرد الفوري والقاسم والقاسي على كل من دبر ونفذ الجريمة النكراء
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات