قراءة في المشهد الدستوري القادم


أنهت الهيئة المستقلة للانتخاب وبنجاح كبير إجراء الانتخابات النيايبة لاختيار مجلس النواب التاسع عشر، حيث جاءت كل من إجراءات الاقتراع والفرز على درجة عالية من الحرفية ووفقا لأعلى معايير الصحة والسلامة العامة، وذلك بشهادة المراقبين المحليين ووسائل الإعلام. وبهذا تنتهي كافة الاستحقاقات الدستورية ذات الصلة بتنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتي تمثلت بوجوب حل مجلس النواب الثامن عشر لانتهاء مدته، وتقديم الحكومة السابقة لاستقالتها الخطية والاستبدال بها حكومة جديدة، وإعادة تشكيل مجلس الأعيان، وانتهاء بإجراء انتخابات تشريعية لاختيار مجلس نواب جديد.
ومن النتائج المترتبة على انتخاب مجلس النواب الجديد أن عادت الحياة لتدب في أواصر السلطة التشريعية. فمجلس الأعيان الذي جرى تعيينه قبل أسابيع لم يتمكن من مباشرة مهام عمله بانتظار استكمال عملية اختيار المجلس النيابي. فلا دور لمجلس الأعيان الأعلى في ظل غياب مجلس النواب الأدنى.
كما يترتب على عودة مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب، أن العملية التشريعية التي انقطعت منذ بداية العمل بقانون الدفاع في شهر آذار الماضي قد عادت بحكم الدستور. فلا يعقل أن تتوقف عجلة التشريع في الدولة لأكثر من سبعة أشهر بحجة وجود ظرف استثنائي، خاصة وأن الحياة قد عادت إلى طبيعتها في معظم القطاعات الاقتصادية والمجتمعية. كما أن الحكومة السابقة قد أقرت العديد من التعديلات على القوانين الوطنية ذات الصلة بمكافحة الفساد كقانون النزاهة ومكافحة الفساد، وقانون الكسب غير المشروع. فهذه التعديلات لن ترى النور ما لم يتم إقرارها من مجلس الأمة صاحب الولاية العامة في التشريع.
كما عادت إلى الحياة الرقابة البرلمانية التي يمارسها مجلس النواب على أعمال وقرارات كل من رئيس الوزراء والوزراء. ففي الفترة التي غاب فيها المجلس المنتخب، توقفت المسؤولية السياسية التي يقررها المشرع الدستوري للسادة النواب على أعضاء الحكومة. فكل من رئيس الوزراء والوزراء قد تفردوا في تطبيق أحكام قانون الدفاع من خلال إصدار أوامر دفاع وبلاغات تابعة لها وتنفيذها على أرض الواقع دون وجود رقابة سياسية عليهم من مجلس النواب. كما غابت المسؤولية الجزائية للوزراء بغياب مجلس النواب، وهو الجهة المخولة بموجب الدستور بإحالة الوزراء إلى النيابة العامة عن الجرائم الناتجة عن تأدية وظائفهم الحكومية.
إن عودة مجلس الأمة إلى الاجتماع ستكون إما من خلال دورة عادية أولى إذا صدر القرار ببدء جلساته البرلمانية قبل نهاية شهر تشرين الثاني الحالي، أو في دورة غير عادية إذا تأخرت دعوته للاجتماع إلى بداية شهر كانون أول القادم وما بعده. وفي كلتا الحالتين، سيتعين على مجلس النواب إعادة تشكيل بيته الداخلي، وذلك من خلال انتخاب رئيس لمجلس النواب ونوابه ومساعديه، إلى جانب اختيار أعضاء اللجان النيابية.
كما ستكون الحكومة الحالية ملزمة بتقديم بيان وزاري إلى مجلس النواب الجديد، وذلك خلال شهر من تاريخ اجتماعه في دورته الأولى عملا بأحكام المادة (53/4) من الدستور، وبهذا يكتمل المشهد الدستوريفي الأيام القليلة القادمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات