المجاهدة جميلة بوحيرد وشائعة رحيلها الأخيرة


خلال مسيرة الكفاح المسلح وحركات التحرر الوطني والنضال الثوري من أجل الاستقلال الوطني وتحقيق العدالة والمساواة برزت مناضلات فى كل أرجاء الوطن العربي من مصر والجزائر والعراق وسوريا وفلسطين وغيرها من البلدان الأخرى ممن خضن غمار الكفاح الوطني ونلن قسطهن من عواقبه من سجن وتعذيب ونفي وسقط العديد منهن شهيدات للواجب الوطني مثلهن مثل العديد من الرجال حيث سجلت المرأة العربية بطولات فريدة ومتنوعة إثناء مشاركتها فى الدفاع عن الوطن والاستقلال أمثال شادية أبو غزالة وليلى خالد ودلال المغربي وسناء محيدلي واليمنية توكل كرمان والسودانية سعاد محمد والجزائرية لاله نسومر وغيرهن كثير مما لا يتسع ذكرهن هنا
المجاهدة جميلة بوحيرد ولدت عام 1935 في حي القصبة بالجزائر العاصمة وتعد من أحد أهم رموز الثورة الجزائرية ناضلت وحاربت الاستعمار الفرنسي في الجزائر في منتصف القرن العشرين وهي مجاهدة وبطلة خالدة انضمت إلى جبهة التحرير الوطني وهي في العشرين من عمرها عند اندلاع الثورة الجزائرية ضد الاستعمار في عام 1954 ثم التحقت بصفوف الفدائيين وكانت أولى المتطوعات لزرع القنابل في بعض الأماكن التي كان يرتادها الفرنسيين حتى أصبحت المطلوبة رقم واحد لدى المستعمرين الفرنسيين وقد وصفت أكثر من مرة بالشهيدة الحية كما لقبت بالأسطورة وبأم العرب وأيقونة الثورة التي كانت فيها خير معبر عن كفاح المرأة العربية في سبيل الحرية وقد نظم العديد من الشعراء أجمل القصائد في وصفها وتعنى اكبر الفنانين ببطولتها وفي مقدمتهم الفنانة اللبنانية فيروز وقدم المخرج المصري الراحل يوسف شاهين فيلما رائعا عن حياتها ونضالها
في عام 1957 ألقي القبض عليها بعد إصابتها برصاصة في الكتف أثناء إطلاق نار متبادل بين القوات الفرنسية والثوار وفي عام 1958 تقررت محاكمتها صوريا وحكم عليها بالإعدام ونقلت بعدها إلى سجن " باربادوس " أحد أشهر مؤسسات التّعذيب في العصر الحديث وأثناء محاكمتها التاريخية قالت بكل ثقة ( يا سادة إنني أعلم أنكم ستحكمون علي بالإعدام لأن أولئك الذين تخدمونهم يتشوقون لرؤية الدماء ومع ذلك فأنا بريئة والحقيقة أنني أحب بلدي وأريد له الحرية ولهذا أؤيد كفاح جبهة التحرير الوطني ) وبعد الحكم عليها بالإعدام قوبل الحكم بالاستنكار من قبل الدول العربية والرأي العام العالمي فتم تعديله ليصبح السجن مدى الحياة وبرحيل فرنسا عن ارض الجزائر في العام 1962 تم إطلاق سراحها وتزوجت من محاميها الفرنسي جاك فيرجيس بعد أن أعلن إسلامه وهو الذّي قام بالدّفاع عنها أثناء محاكمتها الشهيرة وقد أنجبت منه ابنيها مريم والياس ثم انفصلا وتزوجت ثانية من مواطن جزائري وفي أطار عملها المجتمعي تولت رئاسة اتحاد المرأة الجزائري ثم اختارت أن تعيش في الظل بعيداً عن الصحافة ووسائل الإعلام.
وفي العام 2009 كرمها الرئيس السوري بشار الأسد بوسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة تقديراً لنضالها المشرف في استعادة استقلال الجزائر خلال مرحلة الاحتلال الفرنسي وكانت قد منحت الجنسية السورية منذ عام 1963وعملت مع بعض الشخصيات الجزائرية التي سعت لتشكيل لجنة عربية إفريقية لكسر الحصار المفروض على سورية وإرسال قوافل غذائية وطبية برية وبحرية وجوية إلى دمشق وفي بداية السنة الحالية كرمها الرئيس التونسي قيس سعيد بمنحها الصنف الأول من وسام الجمهورية التونسية
وقد شاركت فى العام الماضي 2019 في المظاهرات الشعبية ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة وقد رفضت الدخول في أي عمل سياسي بعد التطورات التي شهدها بلادها بعد ذلك
عام 2014 وصلت المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد إلى على رأس وفد نسوي ضم 80 متضامنة من جنسيات عربية وأجنبية للمشاركة في احتفالات يوم المرأة العالمي مع النساء الفلسطينيات في حينه وقد نددت بقوة بالعدوان الإسرائيلي والمجازر التي ارتكبها بحق المواطنين الفلسطينيين الأبرياء في القطاع
في يوم 28 /10 / 2020 أشيع في بعض المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي شائعة كاذبة حول وفاتها والتي أثارت حزن كبير وبلبلة واضحة على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الفنية والسياسية العربية المختلفة وهي ليست المرة الأولى بهذا الخصوص
حيث انتشرت العديد من الأخبار والروايات خلال الخمس سنوات الماضية وقبل مدة وقع الحزب الديمقراطي اللبناني فى فخ الشائعة فأصدر بيانا ينعى فيه بوحيرد وتوجه بأحر التعازي للقيادة الجزائرية والشعب الجزائري كما ان البرلمان التونسي سقط في ذات المأزق عندما تلا نوابه الفاتحة ترحما على المناضلة الجزائرية بعد تداول شائعات تفيد بوفاتها فيما بادرت السفارة الجزائرية بتونس في حينه بإشعار البرلمان التونسي بأن المناضلة الجزائرية ما زالت على قيد الحياة
وفي كل مرة ورغم عدم تأكيد الخبر والتشكيك فى مصداقيته كانت المناضلة جميلة بوحيرد على دراية تامة بكل الشائعات المتداولة بشأن وفاتها وكانت تقول دائما مازحة ( الفيسبوك قتلنى عدة مرات ) وتؤكد لهم دائما أنها بخير وصحة جيدة وستظل إيقونة خالدة في الأذهان الثورية والوطنية ومع تكرار شائعات رحيلها تداعى بعض محبيها ومعجبيها إلى تدشين ( هاشتاغ ) باسم "أيقونة ثورتنا"من أجل نفي أخبار وشائعات رحيلها إضافة الى استذكار أمجادها وما أظهرته من شجاعة وبطولة وتضحية في ميدان الكفاح والجهاد فى سبيل الله والدفاع عن الوطن والذود عن الشرف دفاعاً عن أهلها ووطنها حيث حفر اسمها في تاريخ العروبة الناصع ذات يوم
ختاما جميلة بوحيرد لا يزال قلبها عامر بالحياة وينبض بالأمل والإيمان وعزيمتها لا تزال مسكونة بالقوة والثورة وعيناها لا زالتا تشعان بالكبرياء والشموخ وذكريات الماضي الجميل واننا بجدد ان ما يتردد حول وفاتها الأخيرة ليس له أساس من الصحة وأنها مجرد شائعات كالمعتاد ورغم عمرها المتقدم ( 85 ) عام فهي بخير وصحة جيدة أطال الله في عمرها ومتعها بموفور العافية وأسدل عليها أثواب الهناء والسعادة
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات