إجراء أمريكي جديد بحق القدس !


في خطوة غبية قبل أيام فقط من الانتخابات الأمريكية أبدى فيها دونالد ترامب رغبته في مغازلة اللوبي الصهيوني وخطب وده وشراكته بتعزيز دعمه الثابت لإسرائيل وهي قضية ( أساسية بالنسبة لقاعدته المسيحية الإنجيلية ) وقد جاء ذلك بصورة مخالفة لكافة المعايير والمواثيق الدولية ( جميع دول العالم وحسب العرف المتبع لا تحدد الدولة وتضع فقط مدينة القدس على جوازات رعاياها ) ناهيل على انها مخالفة صريحة للقوانين الأمريكية ( قرار محكمة العدل العليا الأمريكية ) وبالرغم من جميع ذلك فقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قبل أيام قليلة أن الولايات المتحدة قامت بتحديث التوصيات الدبلوماسية وستسمح بموجب التوجيهات الجديدة لمواطنيها المولودين في القدس بوضع كلمة ( إسرائيل ) في خانة مكان الولادة في جوازات سفرهم وباقي وثائقهم القنصلية الأخرى وأشار بومبيو إلى أن هذه الخطوة تأتي كإجراء جديد لتأكيد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ( أي وقاحة تغلب بعد ذلك )
وبناء على ذلك قامت السفارة الأمريكية في إسرائيل بإصدار أول جواز سفر للمواطن الأمريكي مناحيم جيبوتبسكي 18 عاما المولود في القدس حيث أدرج فيه إسرائيل مكان ولادته وقام السفير الأمريكي دافيد فريدمان بتسليمه الجواز وإثناء ذلك صرح بالقول الفج ( انتظرنا وقتا طويلا حتى تأتي هذه اللحظة اليوم لدينا أمة ولدت فيها إسرائيل ) مما يشير الى ان السفارة الأمريكية في القدس تتحكم بمعظم القرارات المعادية لعروبة القدس ومستقبل فلسطين ومن المستغرب في هذا الشأن ان المواطنين الأمريكيين المولودين في أماكن أخرى في المنطقة ( لم تتقرر السيادة عليها بعد ) ومنها الضفة الغربية وقطاع غزة ممنوعون من ذكر اسم دولة المولد في جوازات سفرهم
منذ تأسيس دولة إسرائيل عام 1948 رفضت الحكومات الأمريكية المتعاقبة الاعتراف بأي دولة ( كدولة ذات سيادة على القدس ) وكانت سياسة وزارة الخارجية الأمريكية سابقا تسمح فقط للمدينة بأن تكون مسقط رأس صاحب جواز السفر اذا اضطررت للتسجيل في القنصلية الأمريكية
في عامه الأول في الحكم عام 2017 أعلن الرئيس الأمريكي ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل في قرار غير مفاجئ اعد له مسبقا ويتعارض مع القرارات الدولية الخاصة بتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كما نقلت واشنطن في 14 أيار عام 2018 سفارتها من تل أبيب إلى المدينة المقدسة وسط استنكار شديد من قبل الجانب الفلسطيني وإدانات دولية واسعة باعتبار ان القدس الشرقية بمقدساتها الإسلامية والمسيحية هي خط احمر وجوهر رئيس للأمن والاستقرار في المنطقة

إسرائيل وضمن مسلسل طويل يمثل قمة التزوير للتاريخ والواقع والحقائق تعتبر القدس عاصمتها "الموحدة" وتعمل على تفكيك تماسك كل مكوناتها وطمس شرعية هويتها الوطنية والمجتمع الدولي لا يعترف بضم الجزء الشرقي المحتل من المدينة والذي يريده الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المنشودة لهذا يمنع المحتل قيادات السلطة وأجهزتها ومؤسساتها ورموزها من العمل في المدينة وكل من يخالف ذلك يجري اعتقاله وتفرض عليه سلسلة من العقوبات القاسية فضلا عن تجنيدها العملاء والأعوان ووسائل الإعلام المشبوهة للتدمير الممنهج للسياجين الوطني والمجتمعي في المقدس المحتلة والتي تعتبر بقدسيتها أحد أهم محاور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
لقد مارست إدارة ترامب طيلة وجوها في الحكم اختراقات عديدة في ملف الشرق الأوسط وخاصة الجانب السياسي والدبلوماسي جميعها كانت منحازة لصالح إسرائيل وتركت اثأر سلبية كبيرة على مسار القضية الفلسطينية وعلى الرغم من عدم توصل تل أبيب إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين حيث كان ترامب قد تقدم بواحدة من خطط سلامه الواهية والمرفوضة يمنح بموجبها الفلسطينيون دولة محدودة منزوعة السلاح وعاصمتها على مشارف القدس تبقى تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة
هذا التحول الأمريكي الجديد والمتسرع وغير المفهوم لا ينسجم مع قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والقوانين الدولية التي تجرّم الاحتلال الصهيوني للقدس والأراضي الفلسطينية الأخرى وخاصة قرار رقم 19/ 67 لعام 2012 الذي اعترف بفلسطين دولة غير عضو (بصفة مراقب) في الأمم المتحدة وهو يمثل رسالة واضحة بأن إسرائيل دولة محتلة للقدس الشرقية

قبل خمسة أعوام خلال فترة رئاسة الديمقراطي باراك أوباما ألغت المحكمة العليا الأمريكية قانونا كان من شأنه أن يسمح للأمريكيين المولودين في القدس بوضع اسم إسرائيل في جوازات سفرهم باعتبارها الدولة التي ولدوا فيها حيث اعتبرت المحكمة في وقته ان ذلك تجاوزت بشكل غير قانوني للصلاحيات الرئاسية في وضع السياسة الخارجية وان إعادة بتطبيق القانون اليوم بكل استهتار يشكل تحدي واستفزاز في استمرار ترامب عن قصد في انتهاك سلطاته الرئاسية في وقت حرج وقد كان أولى بالإدارة الأمريكية تصحيح موقفها العدواني المنحاز للاحتلال الصهيوني ومشاركتها في العدوان على الشعب الفلسطيني كما ويثبت القرار إصرار واشنطن على تنفيذ كل خطوات صفقة القرن المشؤومة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني العادلة والثابتة

من البديهي وباختصار ان القدس الشرقية أرض محتلة وان القرار الأمريكي مرفوض ويشكل خرقا سافرا للقوانين الدولية والشرعية الدولية حيث تؤكد الأمم المتحدة مرارا على ان القدس يجب أن يتحدّد وضعها النهائي باتّفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين وبانتظار التوصّل إلى مثل هكذا اتفاق لا ينبغي على أي دولة أن تقيم تمثيلاً دبلوماسياً لها بقصد رعاية مصالح مواطنيها في هذه المدينة ويتمسك الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين واعتبار القدس عاصمة لهما وتتخذ بعثته الدبلوماسية في تل أبيب مقرا لها ويشترط الاتحاد على المرشحين للانضمام إليه اعتماد النهج نفسه على صعيد السياسة الخارجية اتجاه القدس
الفلسطينيون يحتجون بقوة على مثل هذه السياسات ويرفضون الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل او الانخراط في مؤامرة صفقة القرن الأميركية ولهذا أوقفوا المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي تحت الرعاية الأميركية

الهجمة على المدينة المقدسة ليست الأولى ولن تكون الاخيرة لكنها تشتد أكثر من جهة إسرائيلية وأمريكية في ظروف صعبة ومن الملح والضروري إمام ذلك الاستهداف أن تبقى الحلقة المقدسية وطنيا متماسكة وموحدة في مواجهة الإخطار والمشاريع والمخططات ألاثمة وان يبقى في الوجدان الجمعي ان القدس بمكانتها الفريدة تستحق جهدا أكثر مما بذل فلسطينيا وعربياً وإسلامياً من أجل خلاصها من براثن الاحتلال وأعوانه حتى لا يفيق العرب والمسلمين يوماً ما تكون فيه إسرائيل قد أكملت مخططاتها في التزوير والتدمير والسيطرة على كل المقدسات الإسلامية فيها ونصبح في نكبة فلسطينية وعربية وإسلامية جديدة يصعب علاجها وشفائها لا قدر الله



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات