موسى مونتيفيوري عراب اليهود في فلسطين


قرأت أحد المقالات المنشورة على صفحات جريدة الرأي، وكان تاريخ النشر يصادف يوم الإثنين (9- 8- 2010)، وجاء المقال بعنوان: (أول استيطان يهودي في القدس)، لكاتبه الدكتور عميش يوسف عميش، ومن خلاله؛ يشيد بالكاتب سمير سمعان (الباحث في الشؤون العربية من الناصرة)، وكان سمعان رئيساً لمركز الدراسات الإسرائيلية في وزارة التربية والتعليم، وله عدة أبحاث تتعلق بالقدس وفلسطين، ويتقن العبرية جيداً، وتالياً رابط الخبر للمتابعة: http://alrai.com/article/62721.html
لقد لاحظت العديد من المغالطات التاريخية في مقال الدكتور عميش، ولهذا، كان لزاماً علي أن أسعى الى تصويبها، وفق ما يتوفر من معلومات ومصادر لا يرقى إليها الشك، ومن هذه المغالطات ما يأتي:
- ذكر الدكتور عميش في مقاله أن الملياردير اليهودي (*) موسى مونتيفيوري؛ اتصل مع السلطان العثماني محمد علي باشا، ومعروف أن محمد علي باشا كان والياً على مصر، ولم يكن خليفة للمسلمين، أو سلطاناً للدولة العثمانية عام (1855).
تصويب الخطأ: محمد علي باشا كان والياً على مصر ما بين عام (1805 الى عام 1848) وفي هذا العام أصيب بالخرف، لذلك، تم عزله وتعيين ولده ابراهيم باشا على حكم مصر.
أما السلطان العثماني الذي تحدث عنه الباحث وصاحب المقال، ولم يميز بينه وبين محمد علي باشا، فهو السلطان: عبد المجيد الأول الذي حكم السلطنة العثمانية من عام (1839 وحتى عام 1861)، أي أن الملياردير اليهودي مونتيفيوري اتصل بالسلطان عبد المجيد الأول عام (1855) وليس بالوالي محمد علي الذي توفي عام (1849).
- يدعي كاتب المقال وهو ينقل عن الأستاذ سمعان أن مونتيفيوري قام بشراء أرض لإقامة حي سكني لليهود اليمنيين، ولم يذكر عددهم بالضبط.
الصواب: التاريخ يقول أن المليونير اليهودي موسى مونتيفيوري؛ قابل السلطان العثماني عبد المجيد الأول عام (1855)؛ يخبره وهو يتباكى على أوضاع اليهود في منطقة الجليل ويافا، وكيف يسكنون الخيم والبراكيات، وقد طلب بصيغة الرجاء، والأقرب الى التوسل من السلطان العثماني أن يسمح له بإنشاء مجموعة منازل تحمي اليهود من حر الصيف، وبرد الشتاء، وكان عدد اليهود الذين سمح السلطان العثماني للمليونير اليهودي موسى مونتيفيوري بإقامة بيوت آمنة لهم، حوالي خمسمائة يهودي؛ يعيشون منذ سنوات طويلة في بعض المناطق الفلسطينية، ومنها بطبيعة الحال؛ الجليل ويافا، وليس كما ادعى الكاتب أو الباحث في المقال.
- يدعي الباحث أن منظمة إتسل وقد كُتبت هكذا (انسل) أن مؤسسها هو جابوتنسكي، والصواب: مؤسس إتسل الأول هو: رازيئيل، ومؤسسها الثاني هو: شتيرن، وبعد أن قامت المخابرات البريطانية بتصفية أعضاء إتسل وعلى رأسهم مؤسسها عام (1942)؛ هرب إسحاق شامير من السجن وأعاد ترتيبها مرة أخرى، وأصبح ثالث زعيم لمنظمة إتسل، وقد انشقت لتصبح منظمة ثانية تحت إسم منظمة ليحي.
أما جابوتنسكي فلم يكن زعيماً لمنظمة إتسل على الإطلاق، فقد توفي عام (1940)، لكنه عمل على تأسيس حركة بيتار عام (1923)، وكان أسس الحركة الصهيونية هو ومجموعة من زعماء اليهود وعلى رأسهم حاييم وايزمان، وجابوتنسكي من مؤسسي الفيلق اليهودي الذي شارك بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، ويُعد أحد أهم رجالات الحركة الصهيونية التي ساهمت في صدور وعد بلفور الإنجليزي عام (1917) كما هو معروف.
أما الخطأ الأخير فهو بسيط على ما أعتقد، وهو يتعلق بالهستدروت، والهستدروت هو؛ الإتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية، وليس منظمة كما ادعى الباحث في مقاله المنشور في الصحيفة...
(*) موسى حاييم مونتيفيوري: زعيم اليهود في إنجلترا.
وُلد في بريطانيا لأسرة إنجليزية ذات أصول إيطالية، سفاردية، استقرت في إنجلترا في القرن الثامن عشر، بدأ عمله كسمسار في بورصة لندن فحقق ثراءً سريعاً، وقد ارتبط بعائلة روتشيلد المالية الثرية من خلال المصاهرة.
كان مونتيفيوري من أوائل المشاركين في تأسيس البنوك الصناعية، بالتعاون مع المؤسسة الإنجليزية ـ الأمريكية العاملة في مجال الماس والمال والتي اشترك في تأسيسها إرنست أوبنهايمر اليهودي الثري، رجل الصناعة، والمال في جنوب أفريقيا، وقد حقق مونتيفيوري ثروة طائلة.
كرَّس مونتيفيوري جهوده بعد ذلك للقضايا المرتبطة بأوضاع الجماعات اليهودية في شرق أوروبا والعالم الإسلامي، وزار فلسطين سبع مرات، وقدم لمحمد علي باشا عام (1838) خطة لتوطين اليهود في فلسطين؛ تتضمن توفير وضع متميِّز لليهود، وقدر كبير من الاستقلال الذاتي، وتنمية المشاريع الزراعية، والصناعية في فلسطين.
رأي آخر مُترجم – مصدر إنجليزي:
موسى حاييم مونتفيوري، لُقب بالبارون الأول، مصرفي بريطاني، وناشط، ومتبرع، كان عمدة مدينة لندن، استقال وتفرغ للأعمال الخيرية وخصوصاً الأعمال التي تتعلق بحياة اليهود.
ولد لعائلة يهودية إيطالية، وتبرع بمبالغ كبيرة من المال لتعزيز الصناعة، والأعمال، والتنمية الاقتصادية، والتعليم، والصحة بين الجالية اليهودية في بلاد الشام، أي أنه آمن بعملية دعم اليهود أينما كانوا، ومن هنا تأسست البذرة اليهودية التي ستطالب بوطن قومي ربما لم يكن محدداً جغرافياً في ذلك الوقت، وكان عندها رئيسًا لليهود البريطانيين في مجلس النواب ولمدة (39) عامًا.
تُعتبر مراسلاته مع القنصل البريطاني في دمشق عام (1841 - 1842) محورية في تطور الصهيونية البدائية، انضم مونتيفيوري الى الماسونية عام (1812) وحمل الرقم (92) في تسلسل الرتب الماسونية، وكانت الماسونية العالمية طلبت إليه زيارة القدس، فعمل على زيارتها لأول مرة عام (1827).
ذهب إلى سلطان الدولة العثمانية عام (1840) ليطلق سراح عشرة يهود سوريين من دمشق اعتقلوا بعد اتهامهم بالقتل، وذهب إلى روما عام (1858) من أجل إطلاق سراح شاب يهودي، احتجزته الكنيسة الكاثوليكية، وسافر إلى روسيا عام (1846) (حيث استقبله القيصر)، ليتفقد اليهود الروس، وسافر في طول البلاد وعرضها لدعم اليهود حول العالم، وكانت هذه البعثات هي التي جعلت منه بطلاً شعبيًا، له أبعاد أسطورية بين اليهود المضطهدين في أوروبا الشرقية، وشمال إفريقيا، والشام.
اشترى المليونير اليهودي مونتيفيوري عام (1855)، بستانًاً كبيراً في ضواحي يافا، وخصصه لتدريب اليهود على الزراعة، وفيما بعد، أي في العام (1860)، قام ببناء أول مستوطنة يهودية، وكانت تُعرف باسم (مشكينوت شعنانيم)، وأصبحت أول مستوطنة يهودية متكاملة خارج أسوار القدس، وفي البداية قدم الكثير من الأموال للعائلات اليهودية كي يغريهم بالسكن في هذه المستوطنة، لأنهم رفضوا السكن بعيداً عن أماكن نشأتهم الأولى، وأنشأ أحياء يهودية بعد شراء الأراضي من العرب في جنوب يافا، وخصص بعض الأحياء لليهود الأشكناز، وأحياء أخرى لليهود السفارديم.
تبرع مونتيفيوري بمبالغ كبيرة لتعزيز الصناعة، والتعليم، والصحة بين الجالية اليهودية في فلسطين، كان المشروع الذي يحمل بصمات النهضة الحرفية في القرن التاسع عشر، يهدف إلى تعزيز المشاريع الإنتاجية، والاعتماد على الذات في انتظار إنشاء وطن لليهود.
أنشأ مونتيفيوري مطحنة حبوب لتوفير الطحين الرخيص لليهود الفقراء، وأنشأ مطبعة، ومصنع للمنسوجات، وساعد في تمويل العديد من المستعمرات الزراعية، ودفع مبالغ ضخمة لشراء أراضٍ صالحة للزراعة، وبالرغم من القيود العثمانية على بيع الأراضي لغير المسلمين إلا أن مونتيفيوري استطاع شراء مئات الدونمات عبر وسطاء عرب.
في أعوام (1839 و 1849 و 1855 و 1866 و 1875)؛ استطاع مونتيفيوري أن يوفر قاعدة بيانات عن اليهود في فلسطين، مثل: السيرة الذاتية والاجتماعية، هيكل الأسرة، ومكان المنشأ، ودرجة الفقر وما الى ذلك من معلومات يمكن أن يستفيد منها من سيأتي بعده لرعاية اليهود في فلسطين.
توفي مونتيفيوري عن عمر ناهز مائة عام، وخلفه إبن أخته، وورث أمواله الطائلة، وحمل مسؤولية رعاية اليهود بالتعاون مع آل روتشيلد في بريطانيا، وأمريكا.
انتهى التقرير، والله من وراء القصد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات