مستشارية العشائر والذكرى المئوية للدولة الأردنية


جاء تأسيس الدولة الأردنية عام 1921م ، بزعامة عبدالله بن الحسين في وقت كان فيه المجتمع الأردني أشد ما يكون حاجة لسلطة دولة قوية قادرة على فرض حالة الأمن والاستقرار ، وإحداث توازن بين فئات المجتمع المتضاربة ، وكان عبدالله بن الحسين خير من يمثل هذه السلطة نظرا لسماته الشخصية والسياسية والقيادية التي امتاز بها عن بقية الزعامات المحلية الموجودة ، والتي يمكن بيانها على النحو التالي : خبرته السياسية الواسعة التي اكتسبها منذ حياته التي قضاها بين الاتراك في استنبول من خلال تقلد مناصب سياسية مختلفة ، اشتراكه في الحركة العربية ، والولاء الشعبي الكبير الذي كان يحظى به في المنطقة السورية والاردنية ، انتسابه الى الاسرة النبوية الشريفة .
لذلك كانت خطواته الأولى التي انطلق منها في هذا الاتجاه هي الارتقاء بالمجتمع الأردني والقضاء على كل الخلافات والصراعات المستشرية فيه، من خلال إيجاد قوة عسكرية نظامية ، وجهاز إداري منظم ومن هنا جاء استحداث مجموعة من التدابير الإدارية لتنظيم شؤون المحتمع العشائري حيث تم استحداث منصب نيابة العشائر في عام 1921م، ومنها إصدار قانون المحاكم العشائرية عام 1924م، وإصدار قانون الإشراف على البدو عام 1929م، وتوقيع محموعة من الاتفاقيات مع الدول العربية المجاورة لمنع الصراعات القبلية في المناطق الحدودية ، وإجبار القبائل الاردنية المتصارعة على توقيع اتفاقيات صلح فيما بينها .
والواقع ان مهمته لم تكن سهلة بأي حال من الاحوال حيث كان يتوجب عليه ان يفرض السلطة على منطقة اتصفت بالعديد من السمات السلبية تمثلت في حالة الفوضى وعدم الاتزان الاجتماعي ، والصراعات القبلية المستمرة ، والجهل والتخلف والأمية ، وقلة عدد السكان والكفاءات اللازمة لبناء الدولة ، وتمرد بعض الزعامات القبلية لعدم تعودها على الخضوع لسلطة حكومية مركزية ، لذلك رأى أن الضرورة تفرض عليه خلق مجتمع مستقر ومتوازن في الأردن ، والقضاء على مشكلة البدواة عن طريق تحويل المجتمعات البدوية إلى مجتمعات حضرية مستقرة ومتمدنة ، من خلال تحسين أحوالهم ودمجهم في الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد ، وقد تم ذلك من خلال ربط البدو بالدولة من خلال منحهم الأراضي الزراعية واستغلالها وزراعتها ، وتعيين أبناء العشائر الأردنية في وظائف الجيش والادارة ، والياسسة ، وتوفير عناصر الاستقرار في المناطق البدوية ، من مياه وخدمات صحية وتعليمية وطرق ومواصلات .لذلك لم يمض وقت طويل على تأسيس الدولة الأردنية حتى بدأت البدواة بالتراجع التدريجي وأخذت القبائل تتجه نحو الاستقرار وتتقبل فكرة الدولة المركزية الحديثة وتعمل على مساندتها ، بعد أن لمست ما للدولة من أهمية كبيرة في حياتها .
ولقد تم تحويل نيابة العشائر إلى مستشارية العشائر وهي مرتبطة بالديوان الملكي الهاشمي ويتابع عملها حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه ، ولها دور مهم في المساهمة في تنمية ورعاية أبناء العشائر الأردنية ، كما ساهم أبناء العشائر الأردنية في بناء الدولة الأردنية زمن الإمارة والمملكة ، فهم صمام الأمان ودرع الوطن ، وسياج أمنه وأستقراره ، وساهم أبناء العشائر في بناء الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعسكريا وفي كافة مرافق الدولة الأردنية الحديثة .
إن الجهود الخيرة والتي قامت بها مستشارية العشائر في توجيه أهتمام الدولة نحو تنمية مناطق تواجد أبناء العشائر الأردنية في الشمال والوسط والجنوب ، انعكس على واقع تنمية المجتمعات فيها حيث تواجدت المدارس والجامعات والمراكز الصحية والجمعيات الخيرية والتعاونية والزراعية والنسائية ، والبنية التحتية من مياه وطرق ومواصلات ، كما ساهمت مستشارية العشائر بتذليل كافة الصعوبات والتحديات والمشاكل التي تواجه أبناء العشائر الأردنية ، وحلها مع جميع أجهزة الدولة المدنية والعسكرية تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه .
ونحن إذ نحتفل بالذكرى المئوية للدولة الأردنية لنستذكر الجهود الخيرة التي تقوم بها مستشارية العشائر ومن خلال عقد اللقاءات مع جلالة الملك ، وتعزيز الولاء والانتماء للعرش الهاشمي والنظام الملكي الهاشمي ، والدولة الأردنية ، وتعزيز الوحدة الوطنية بين مكونات المجتمع الأردني ، والمساهمة قي بناء الدولة وتحقيق الانجاز والتطور والازدهار ، من خلال رؤية جلالة الملك في التعاون بين الديوان الملكي الهاشمي ، والحكومة ، ومستشارية العشائر لخدمة أبناء العشائر الأردنية على حد سواء .
وفي النهاية نتقدم بخالص الشكر والتقدير لكل الأخوة العاملين بمستشارية العشائر على هذه الجهود المخلصة والمستمرة لتحقيق الرؤى الملكية السامية ، ونخص بالذكر معالي المهندس سعد هايل السرور ، على جهوده الخيرة للارتقاء بعمل المستشارية وتطويرها لخدمة أبناء العشائر الأردنية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات