أياصوفيا ، ملهاة جديدة إضاءة على المشهد في فلسطين


بالتزامن من ملهاة ضم الاغوار الاوسلوية ، وملهاة طرد الفلسطينيين من لبنان ، هناك ملهاة ثالثة ينفذها قرصانٌ سلجوقيٌّ ، بكل ما تحمل الكلمتان من معان سلبية . قرصان ما برح يقدم نفسه للعرب وللمسلمين ، عبر منظومة من المريدين ، ، على انه خليفة أو سلطان بديل عن بعض متصدري الصفوف في مَواطِن العرب .
بعيدا عن كل ما قيل حول قفزة خفية ما ، مكنته من تجاوز معلمه نجم الدين اربكان ، الذي ما تزال الشكوك ، تحوم بقوة حول موته ، وبعيدا عن كل ما يقال عن تراخيص بيوت الدعارة وشطآنها في تركيا ، وبعيدا عن عضويته في حلف الناتو وقواعده في تركيا ، وبعيدا عن زيارا ته العلنية للعدو الصهيوني ، ووضع اكاليل الورد على النصب التذكارية للمحرقة والجندي المجهول ، وبعيدا عن التنسيق الشمولي مع العدو الصهيوني ، وعن مسرحية الباخرة التركية " مرمرة " التي قتل الصهاينة فوقها مواطنيه الاتراك ، والمصالحات والمقايضات التي تمت على دمهم ،
وبعيدا عن غزوه واحتلاله بقوة الحديد والنار والدمار والسلب والنهب ، لاراض عربية في كل من العراق وسورية وقطر وليبيا ، وبعيدا عن متاجرته الكيدية المكشوفة بدم الخاشقجي ، وتوظيفه وثائق تلك الجريمة ، في تصفية حساباته التركية مع السعودية ،( علما بأنهما اسوأ من بعضهما البعص ، ومرجعيتهم الكبرى والمتوسطة وحتى الصغرى واحدة وكذلك واغراضهم التدميرية في المنطقة برمتها ) فوق الاراضي الليبية والقطرية . وبعيدا عن مشانق هبة الكرك ومشانق دمشق ورصاص مكة ،
بعيدا عن كل هذا وغيره الكثير ، انتظرت طويلا وترددت اكثر ، قبل أن اسهم في الكتابة عن قرصنة أيا صوفيا ، الى ان تأملت كثيرا في ما كتبه صديقي نارام سرجون ، فقررت تبني الكثير مما يقول : فأنا مثله قد فشلت في اقناع نفسي ، بصحة وسلامة ما تروجه عنه منظوماته الاعلانية والاعلامية ، من انه يعمل مخلصا وبعيدا عن الاستعراضية الشكلانية ، لقضايا العرب وفي المقدمة منها فلسطين ، او حتى لأي من قضايا المسلمين على العموم .
ليس لانني أكرهه ، بل لحزم من الشبهات تلف كل علاقاته بقضايا العرب . انطلاقا من كل ما سبق ، أقارب اليوم ، حزما من الشبهات الفاقعة تحوم حول ملهاة كنيسة اياصوفيا .
كل العالم يعلم أن أيا صوفيا ، صرح تركي مسيحي أرثذوكسي . لم يبنه سلاطين آل عثمان ، بل بالترهيب وبالترغيب ، استولوا عليه بكل ما فيه ، تماما كما يفعل الصهاينة الآن ، مع مسجد خليل الرحمن والمسجد الاقصى وغيرها من مساجد وكنائس وبيوت عبادة .
أذكر من يصفقون لهذا السَّبْيِ المُهين ، ببكاء المسلمين عندما حوَّلَ الفِرَنْجة الغُزاةُ ، المسجد الأقصى إلى إسطبل لخيلهم . وأذكِّرُهم بألَمِ المسلمين وحزنهم ، عندما سَبا الإسبان مساجدهم وقصورهم التي بنوها في الاندلس ، وحوّلوها بالقوة المادية ، إلى كنائس دون أن يكترثوا بمشاعر المسلمين ، الذين غادروا اسبانيا ، تاركين فيها صلواتهم وأدعيتهم .
لاأدري إن أجازالحَوَل السياسي أو الطائفي أو المذهبي في عيون البعض ، جريمةَ أيا صوفيا ، بأيِّ وجهٍ سيُدافعون ( إن دافعوا ) عن ملكية العرب للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة ومسجد خليل الرحمن ، بل وعن أوقاف اليهود في خيبر وبني قريظه والقنيقناع ؟! فقد تم سبيُ القدس وخليل الرحمن بقرار إداري سياسي . فليس قرار ترامب وحده ، هو من منح القدس وكل فلسطين للعدو الصهيوني . بل هو قرار صارخ لمتصهينين من العرَبِ والغربِ ، يعترفون فيه بملكية المحتل .
لا أستبعد أن تكون ملهاة أياصوفيا ، منسقة مع المحتل الصهيوني . ففي هذا التوقيت غير البريء ، بعد مرسوم ترامب باهداء القدس للصهاينة ، يستميت العدو لتهويد كل فلسطين والقدس درتها . من مصلحته ان تتحول كل المنطقة ، الى نموذج سياسي طائفي يحتذى ويقتدى به . فالعدو الصهيوامريكي ، يؤجج الصراعات الدينية والإثنية في المنطقة ، ليقول بأن الشرق كلّه ، يعيش حالة دينية ومذهبية وإثنية متورمة . تساعدهم في قرارات التهويد ، وتبرر لهم الاستيلاء القادم على المسجد الاقصى وهدمه وغيره من بيوت الله . سيفعلها العدو بقرارات قضائية او ادارية كما فعل السلطان اردوغان ،وهو يظن انه لن يلاقي الكثير من الدهشة والشجب والغضب في العالم ، لأن " مسلما " في تركيا ، قد فعلها قبلهم ، وقهرملايين المسيحيين في العالم .تذكروا فيما ستتذكرون ان كثيرا من العنتريات يُدفَع الباهظ من أثمانها لاحقا .
أيا صوفيا الحزينة ، أنا العربي المسلم إبن وادي النسناس في حيفا ، أعتز بأنني ممن لا يحترمون قرار العثمانيين الجدد ، بل وأخجل منه . ولايهمني لو حَصَلْنا على كل مساجد العالم ، أو حوَّلْنا كلَّ العالم إلى مساجد او تكايا ، طالما أننا نخسر القدس ودرتها الأقصى والقيامة ، أو أي حبة تراب في فلسطين ، او خارجها من أرض العرب .
أياصوفيا يا صامتة الأجراس ، يريد سلاجقة العصر عبر ملهاتهم الجديدة هذه ، رشوة بعض السّذّجِ من مسلمين بِكِ ، كبديلٍ لتضييع قريبٍ للأقصى . ولكن مهما فعلوا وهللوا ، ومهما كبّروا وسحّجوا ، فلن أصلِّيَ بكِ ، إلا كما أصلي في كنيسة القيامة في القدس ، وفي كنائس الناصرة ، وغزة العزة . سأتضرع إلى إلهِ كلّ الناس ، لو ارتفع فيك آذانٌ أوتكبير . فلايليق بك إلاّ أنْ أقول من هناك : المجدُ للهِ في عُلاه ، وفي الناس المسرّة ، وعلى الأرض السلام .
أنا العربي المسلم ، أمُرُّ الآن بلحظاتِ حزنٍ غاضبٍ من هذا التصرف الأرعن . وأعبّرُ عنْ اعتذاري لكل مسيحيٍّ مُؤمنٍ مثلي بربّ كل الناس ، وتأثر بهذا التصرف .
وسيبقى في البال مرة ثانية وثالثة وألف ، أنَّ عُمْرَ الحيَّةِ ما بِتْصيرْ خَيَّه ، حتى لو بدلت جلدها تسعونُ مرَةً أو مِيَّة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات