.. وإن عاشوا بيننا


من مزايا المحن والشدائد, أنها تكشف معادن الناس على حقيقتها, وهو ما فعلته جائحة كورونا, التي بينت أن في مجتمعنا الكثير من الشوائب والعلائق البشرية, التي لا صلة حقيقية لها بالأردن والأردنيين, فما علاقة فئة من الناس تناقش قضايا الأردن والأردنيين بلغة غير اللغة العربية؟ فكما هو معلوم فإن اللغة ليست مجرد مفردات, لكنها ثقافة ونمط تفكير وأسلوب حياة, أي أن هؤلاء الذين يناقشون قضايا الأردن والأردنيين بغير اللغة العربية, غرباء عن الأردنيين وثقافتهم ونمط معيشتهم وإن عاشوا بينهم.
بعض هؤلاء, الذين يناقشون قضايا الأردن والأردنيين بغير اللغة العربية, كانوا يتابعون بحسرة وألم, تطور وباء كورونا في المدن الأمريكية, ولكنهم في الوقت نفسه كانوا يسخرون من بؤر الكورونا في الأردن, كجزء من ممارستهم إتجاه كل ماهو وطني, وهي ممارسة تسارع بالإنتقاد, والبحث عن العيوب في كل قرار أو إجراء أو سلوك, لكنهم في الوقت نفسه يحجمون عن تقديم أي مقترح عملي, للمساهمة في حل ما نواجهه من مشاكل وصعوبات, مما يشير إلى أنهم يمارسون الإنتقاد لذاته وليس لإصلاح الخلل.
هؤلاء الذين يسارعون إلى إنتقاد كل ماهو وطني, ويتغنون بكل ماهو غربي على وجه العموم, وأمريكي على وجه الخصوص, يتناسون أن توقعات المراقبين والمحللين تشير إلى أن الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية, ستتضاعف بفعل تداعيات جائحة كورونا مابين ثلاثين إلى خمسين بالمائة, كما يتناسون الأخبار التي تقول أن الأمريكي صار يقتل من أجل وجبة طعام, لذلك أحجم الكثيرون من عمال توصيل الوجبات عن العمل خوفاً على حياتهم من القتل, لتجريدهم مما يحملون من وجبات طعام, في المقابل يتسابق الناس هنا إلى تقديم ما يستطيعون من يد العون لمن يحتاجها, كما أنه في الوقت الذي كانت فيه قيادات دول غربية كبيرة تفاضل بين سلامة الاقتصاد وحياة الإنسان, كانت قيادتنا هنا تحسم الأمر لصالح حياة الإنسان, وكانت تحث على تقديم يد العون والرعاية لعمال المياومة ولسائر المهن والصناعات الصغيرة.
لذلك لم يكن غريباً أن يتباكى هؤلاء المعجبين بكل ماهو "أفرنجي", على خسائر المرابين الذين صاروا مصرفيين, ولا على السماسرة الذين يقتاتون على العمولات والوكالات, في نفس الوقت الذي لم يكونوا يهتمون به لخسائرنا البشرية, أو لقتل زراعتنا وسرقة طاقتنا من شمس ورياح , لأنهم ليسوا منا وإن عاشوا بيننا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات