" كورونا " اعاد للاردن خصوصيته


كثيرة هي الحالات التي عكست واثبتت تفرد الاردن النوعي في التعاطي مع التحديات المختلفة ، وتجاوزها والخروج منها منتصرا او بأقل الاكلاف ، تاركا نموذجه الخاص به في هذه المواجهة الوطنية ، كمثال يحتذى وعلى امتداد المساحة الجغرافية العالمية في كثير من الاحيان ، اعترافا وانبهارا واعجابا بهذا التعاطي النوعي الذي يعكس حالة اردنية خاصة في تطويع الظروف والتحديات التي تواجهه ، متسلحا بادواته والياته الخاصة ، وهو يقدم نموذجه الذي اشبه ما يكون بمرجعية هي وان كانت متاحة امام دول ومجتمعات اخرى للاخذ بها ، الا انها بنفس الوقت انما تحتاج الى بيئة مناسبة تتفاعل وتعمل بها لضمان تحقيقها نتائج مبشرة وايجابية ، كما هي الحالة او البيئة الاردنية التي تزخر بالعناصر والمقومات التي تجعلها قادرة على تحقيق مثل هذه النتائج .. مجسدة بما يمكننا ان نطلق عليه بالخصوصية الاردنية ، ممثلة في العادات والتقاليد والقيم والعلاقات والروابط والمكونات الاجتماعية المختلفة ، والصفات والخصال التي يتصف بها المواطن الاردني من نخوة وشهامة واصالة وطيبة وكرم وشجاعة وتسامح وعزة نفس وغيرها ، والتي تمثل حالة فريدة من نوعها في القدرة على ضبط الامور ووضعها في المسار الصحيح . مما يفسر حالة الامن والاستقرار التي ينعم بها بلدنا، وذلك رغم وجوده وسط بيئة اقليمية مضطربة تعاني من الفوضى والدمار والحروب . في تأكيد على دور هذه الخصوصية الوطنية التي تعمل بشكل تلقائي على احتواء وامتصاص اي صدمات او مخاطر او تحديات ، وجعلها تسير في مسار الصالح العام ، بحيث لا تسمح بالخروج على الثوابت والمصالح الوطنية ، وسرعان ما تتدخل لمعالجة اي فوضى او انفلات لحساب تعزيز الامن والنظام . الامر الذي تجلى في احداث الربيع العربي والحركة الاحتجاجية التي شهدها الدوار الرابع قبل فترة ، لتعود وتؤكد علو كعبها في هذه الايام في مواجهة فيروس كورونا ، الذي اقتحم الحدود الجغرافية العالمية والحصون العلمية والتقنية ، لتنهار امام سطوته الانظمة الصحية في اكثر دول العالم تقدما وتطورا ، وهي تجد نفسها عاجزة عن حماية شعوبها من هذا الوباء الخطير ، ولو بتوفير ابسط المستلزمات الطبية ، الامر الذي قد تكون له تداعياته السياسية والاقتصادية المستقبلية على شكل المنظومة الدولية وتركيبتها .
هذه الخصوصية بما تمثله من منظومة مجتمعية اردنية بامتياز ، تعود في هذه الايام الى الواجهة من جديد ، لتؤكد حضورها في المشهد الوطني ، كارضية وطنية مشبعة بالنماذج والمواقف المشرفة ، يعول عليها في اقامة حالة من الوعي لدى المواطن ، تماهيا مع حسه الوطني وشعوره بالمسؤولية وباهمية دوره في تشكيل جدار وطني مانع وعصي على الاختراق ، ادراكا منه بانه على ثغرة من ثغور الوطن ولا يريد لهذا الوباء ان ينتشر من خلاله . لذلك اخذ على عاتقه التقيد والالتزام بالتعليمات والارشادات الصادرة عن الجهات الرسمية المعنية ، والتعاطي معها كاجراءات وقائية واحترازية لمواجهة هذا الفيروس . ايمانا منه بان حسم هذه المواجهة انما يتوقف عليه وعلى مدى تسلحه بالوعي . ترافق ذلك مع الصور والنماذج الانسانية والاخلاقية والحضارية التي قدمتها الاجهزة الامنية والعسكرية في تعاملها مع هذا المواطن ، وكل من هو على الاراضي الاردنية ، اثناء تأديتها لمهامها الوطنية ، تطبيقا لحظر التجول واوامر الدفاع . الامر الذي يجعلنا امام معادلة وطنية تأثرت اطرافها بهذه الخصوصية الاردنية التي انعكست باثارها الايجابية على ممارساتها وسلوكياتها ووسمتها بالخصال والسمات الطيبة المستمدة من البيئة الاردنية التي اسهمت باخراج المشهد الوطني بهذه الصورة التضامنية الجميلة التي بهرت العالم اثناء تعاطي الاردن مع فيروس كورونا .. وكأنه يخوض معركة اشبه ما تكون بمعركة الوطن .. كل الوطن بقيادته وجيشه ورجالات امنه .. بمواطنيه وموظفيه ومسؤوليه وجميع مؤسساته وقطاعاته ومكوناته المجتمعية .
مستذكرين محاولة الانقلاب على هذه الخصوصية من قبل الحكومة الحالية عند تشكيلها ، تحت مسميات ومصطلحات مختلفة ، كالعقد الاجتماعي والدولة المدينة ، رغم وجود الدستور .. ورغم تضمينه فصلا خاصا وكاملا عن الحقوق والحريات الفردية ، بصورة اثرت سلبيا في ادائها وشعبيتها .. لتأتي ازمة كورونا وتمنحها فرصة اخرى لتصويب المسار ومن بوابة الخصوصية الاردنية تحديدا ، التي كانت لها بمثابة طوق نجاة بعد ان تأكد لها ان الاردن له خصوصيته وطبيعته وطينته وعجينته الخاصة به التي لا يستقيم امر الحكومات الا اذا عرفتها وفهمتها وراعتها وسارت على هديها .. والا تاهت بوصلتها ومنيت بالفشل .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات