أمي هي المرأة الفلسطينية في عيدها
لم أذق طعم الحنان إلا في أحضان أمي، وظلت أمي وسادتي الناعمة التي أهجع إليها كلما عصفت بي الأشواك، كانت تهدهد رأسي بالطمأنينة، وتهون على المصاعب، وتفتش عن حلول لمشاكلي، وكأنني طفلها الصغير الذي يحتاج المشورة، بل ظلت أمي تنتقد بعض أعمالي أمام عين أحفادي، فهي ترى أحفادي أكبر مني، وتراني ما زلت صغيرها الذي لم يكبر، وهي تخبئ له الأشياء لتدخل الفرح إلى قلبه.
أنا لم أفارقك يا أمي، حتى وأنت تفارقين الحياة، فما زلت يا أمي تعيشين معي ساعات الفرح والحزن، وما زلت بيت الحكمة التي آوي إليه كلما لجت أمام عيني الدنيا، وأجبرتني على تسلق سلم الذكريات، فأشعر بالندم لعدم الاستماع إليك في كثير من القضايا العائلية والحياتية، لقد كنت أنت على حق، وكنت أنا على باطل، وكنت أكثر مني تجربة وحكمة، اعترف لك بذلك يا أمي، وأشهد أنني ما زلت بحاجة إلى تقبيل يديك وفاءً، وبحاجة لأن ألقى برأسي في حجرك، والارتواء من عطفك وحنانك ورشدك، كي أعيد التوازن إلى روحي التي ما عرفت مقدارها إلا في ميزان مشاعرك، وأنت تفصلين النصيحة على مقياس مصلحتي.
أتذكرين يا أمي، قبل عشرات السنين، حين أوصيتك بإشعال المصباح الكهربائي الخارجي في حالة اقتحام الجيش الإسرائيلي لبيتنا، كان إشعال المصباح الخارجي هو الإشارة بيننا؛ كي أعرف أن الجنود الإسرائيليين قد دخلوا بيتنا، وكي آخذ حذري، فقد كنت أخشى الاعتقال المفاجئ، وما كنت أرجع إلى البيت في كل ليلة إلا مع الفجر.
وفي ليلة من ليالي الاحتلال لقطاع غزة، شاهدت الجنود الإسرائيليين يحاصرون مخيمنا، كان الجنود يطوقون المكان بحذر وهدوء، وكانوا يناورون بالحركة، وفي آخر الليل أوحوا لي بالانسحاب من المكان، في تلك الليلة وقفت حائراً بين العودة إلى البيت أو الاختفاء، فكان المصباح الكهربائي هو الجواب، المصباح لم يشتعل، قلت في نفسي: أمي لم تشعل المصباح الخارجي، لو كان البيت غير آمنٍ، لأبرقت لي أمي بالخطر، وأشعلت المصباح!
ومع الفجر دخلت البيت آمناً مطمئناً، فأمي لم تشعل المصباح، وكانت المفاجأة، حين وقعت في الكمين الذي نصبه لي الجنود الإسرائيليون في كل زاوية من البيت، وكان الاعتقال، وكان التعذيب، وكان الحكم العسكري الإسرائيلي لمدة 18 عاماً.
وبعد ستة أشهر، وفي أول لقاء خلف الأسوار مع أمي، قالت لي بندم شديد: لقد تفاجأت بالجنود الإسرائيليين فوق رأسي في تلك الليلة المشؤومة، لقد قفزوا من فوق السور، وجمعونا في غرفة واحدة، ومنعونا من الحركة، ولم أتمكن يا ولدي من إشعال المصباح الخارجي، كما طلبت مني!
رحم الله أمي وأمهاتكم.
لم أذق طعم الحنان إلا في أحضان أمي، وظلت أمي وسادتي الناعمة التي أهجع إليها كلما عصفت بي الأشواك، كانت تهدهد رأسي بالطمأنينة، وتهون على المصاعب، وتفتش عن حلول لمشاكلي، وكأنني طفلها الصغير الذي يحتاج المشورة، بل ظلت أمي تنتقد بعض أعمالي أمام عين أحفادي، فهي ترى أحفادي أكبر مني، وتراني ما زلت صغيرها الذي لم يكبر، وهي تخبئ له الأشياء لتدخل الفرح إلى قلبه.
أنا لم أفارقك يا أمي، حتى وأنت تفارقين الحياة، فما زلت يا أمي تعيشين معي ساعات الفرح والحزن، وما زلت بيت الحكمة التي آوي إليه كلما لجت أمام عيني الدنيا، وأجبرتني على تسلق سلم الذكريات، فأشعر بالندم لعدم الاستماع إليك في كثير من القضايا العائلية والحياتية، لقد كنت أنت على حق، وكنت أنا على باطل، وكنت أكثر مني تجربة وحكمة، اعترف لك بذلك يا أمي، وأشهد أنني ما زلت بحاجة إلى تقبيل يديك وفاءً، وبحاجة لأن ألقى برأسي في حجرك، والارتواء من عطفك وحنانك ورشدك، كي أعيد التوازن إلى روحي التي ما عرفت مقدارها إلا في ميزان مشاعرك، وأنت تفصلين النصيحة على مقياس مصلحتي.
أتذكرين يا أمي، قبل عشرات السنين، حين أوصيتك بإشعال المصباح الكهربائي الخارجي في حالة اقتحام الجيش الإسرائيلي لبيتنا، كان إشعال المصباح الخارجي هو الإشارة بيننا؛ كي أعرف أن الجنود الإسرائيليين قد دخلوا بيتنا، وكي آخذ حذري، فقد كنت أخشى الاعتقال المفاجئ، وما كنت أرجع إلى البيت في كل ليلة إلا مع الفجر.
وفي ليلة من ليالي الاحتلال لقطاع غزة، شاهدت الجنود الإسرائيليين يحاصرون مخيمنا، كان الجنود يطوقون المكان بحذر وهدوء، وكانوا يناورون بالحركة، وفي آخر الليل أوحوا لي بالانسحاب من المكان، في تلك الليلة وقفت حائراً بين العودة إلى البيت أو الاختفاء، فكان المصباح الكهربائي هو الجواب، المصباح لم يشتعل، قلت في نفسي: أمي لم تشعل المصباح الخارجي، لو كان البيت غير آمنٍ، لأبرقت لي أمي بالخطر، وأشعلت المصباح!
ومع الفجر دخلت البيت آمناً مطمئناً، فأمي لم تشعل المصباح، وكانت المفاجأة، حين وقعت في الكمين الذي نصبه لي الجنود الإسرائيليون في كل زاوية من البيت، وكان الاعتقال، وكان التعذيب، وكان الحكم العسكري الإسرائيلي لمدة 18 عاماً.
وبعد ستة أشهر، وفي أول لقاء خلف الأسوار مع أمي، قالت لي بندم شديد: لقد تفاجأت بالجنود الإسرائيليين فوق رأسي في تلك الليلة المشؤومة، لقد قفزوا من فوق السور، وجمعونا في غرفة واحدة، ومنعونا من الحركة، ولم أتمكن يا ولدي من إشعال المصباح الخارجي، كما طلبت مني!
رحم الله أمي وأمهاتكم.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |