في عيد المعلم


تحيـــــا وتحملُ للوجودِ رســالةً........ قُدُسِـــيَّةً يسمو بها الأطهارُ
ما أنت إلا النبـــعُ فيضُ عطــــائِهِ....... خـيرٌ يفيضُ وهاطــــلٌ مِدرارُ
يكفيكَ فخراً ما صَنَعْتَ على المدى..... تَشْقَى وَغَيْرُكَ مُتْرَفٌ مِهْذَارُ
يُعطي الكريمُ وأنْتَ أكـــرمُ مانحٍ . ..... هيهاتَ لَيْسَ تُثَمَّن الأعمـــارُ
هذِي الحضـــاراتُ التي تزهو بها .....لولا المعلــمُ هَلْ لها إثـــــمارُ؟!
يطلّ علينا في الخامس من تشرين الأول .. من كل عام ... عيد المعلم ..حاملاً سلال الخير والعطاء .. والمحبة... فتحلو الكلمة وينطلق القلم وتغدو قاعات الدرس منابر فكر وعلم .. فرسانها معلمون مخلصون أشاوس .. آمنوا برسالتهم مبدأً وعقيدة .. وانتهجوا فكراً إنسانيا عميقا مستمد من معلم البشرية "محمد بن عبد الله.. " - صلوات الله وسلامه عليه - لنستذكر قوله :
" إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النمل في جحرها وحتى الحوت في جوف البحر ليصلون على معلم الناس الخير ".
في هذه المناسبة العطرة .. لابد لنا من وقفة إجلال واحترام .. ووفاء وإخلاص .. لهؤلاء الرسل الذين بذلوا الغالي والنفيس للقيام بدورهم في سبيل المعرفة وبناء العقول الناشئة .. ليرسوا فيها القيم الحسنة .. فمن خلالهم تعلمنا الأخلاق .. وأدركنا الكثير من دروس الحياة .. تعلمنا معنى العطاء الذي لا ينضب .. ومنهم ترسخت في نفوسنا أجمل القيم النبيلة .. ففرشوا لنا الطريق بالعلم والمعرفة التي تدوم .. وتدوم.
أقدم أستاذي على نفس والدي ............ وإن نالني من والدي الفضل والشرف
فذاك مربي الروح والروح جوهــر .......... وهذا مربي الجسم والجسم كالصدف
ماذا أعددنا للمعلم في هذه المناسبة ؟ سوى .. أن نقف بإجلال واحترام نردّد الأمثال ونتغنى بالقصائد ونقول ..من علمني حرفاً كنت له عبداً.. وكلام شوقي : ......قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا..
هو حقاً أهلاً للتقدير ويستحق التبجيل...هو أرفع من الكلمات وأكبر من القصائد .. لأنه ينقل الإنسان من ظلام الأمية إلى نور المعرفة والعلم .. ومن ضيق الجهل إلى سعة المعرفة...فعلى يديه تعلّمنا الحروف والكلمات .. وعلى يديه عرفنا الأرقام والحساب .. وانطلقنا إلى آفاق المستقبل نفتح الأبواب المغلقة ونطوي المسافات .. فنقرّب البعيد ونختصر الجهد.. هذا هو المعلم الذي نذر نفسه لبناء الإنسان والارتقاء به إلى مدارج الحضارة والتقدم .. فمنكم أيها المعلمون تقتبس الأجيال روح المواطنة الحقة الصالحة لأنكم الأغلى .. مستذكرين قول جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه .. "الإنسان أغلى ما نملك" .. فأنتم البناة الحقيقيون لأنكم تبنون الإنسان... والإنسان هو غاية الحياة .. ومنطقها... فهل من أجر يوازي جهد المعلم في بناء المجتمع ... بناء وطن التقدم والمعرفة... وأي حديث يمنحه حقه الحقيقي ؟.. كل الكلمات تصغر أمام عظيم صنيعه وكل الحروف تقف عاجزة عن وصف جميل أفعاله .. فلك أيها المعلم.. أيها البنّاء الحقيقي للإنسان ... إليك في عيدك كل حب ..كل تقدير.. إليك في عيدك كل ورود بلادي من دحنونها إلى سوسنها .. لأنك علمتنا كيف نحيا ويبقى عيدك عيد الوطن.. فهنيئاً لك عيدك .. ‏
ماذا نهديك .. سوى كلمات نسجت من عبق الحب الإنساني الخالص المنغرس في القلب لتقع في القلب .. فما المطلوب منا جميعا تجاه ذلك الإنسان الشامخ الذي تعجز الكلمات عن تقدير عطائه .. ماذا نريد له بوجه حق .. تجاه ذلك الأبي الصنديد .. الواقف في وجه كل التحديات ..
نريد حقاً تغيير النظرة النمطية للمعلم .. تلك النظرة التي لا تليق بمقامه .. والمترسخة في أفكار بعض الناس وأذهانهم وعقولهم .. وإظهار صورة مشرقة تليق بمكانته .. وإبراز دوره الحقيقي في إعداد النشئ .. وخاصة أولياء الأمور والطلاب وتوعيتهم بأهمية احترام المعلم وتقديره.. فمن حقه أن يشعر بالأمان بمنحه الثقة والرفعة .. والتعاون معه على تحقيق رسالته السامية ورفع روحه المعنوية وتقدير جهوده...
أما ومن جانب مهني فللمعلم الحق أن يُؤهل تأهيلاً يمكِّنه من أداء رسالته التربوية باقتدار .. ولن يتم ذلك إلا من خلال التدريب المستمر وتحديث المناهج وإكسابه المهارات التربوية والتعليمية المناسبة ... فليس هناك معلم ضعيف ومعلم قوي .. فرفع مستوى أدائه وظيفياً ومهنياً وتطويره تطويراً عالي المستوى يلبي طموحه ويجعله واثقاً من عطائه .. بل وان من حقه أن يطّلع على كل ما هو جديد في مجال التربية والتعليم .. وتدريبه على استخدام الطرق الحديثة والتقنيات التربوية الميسِّرة لعمله .. و تشجيعه على البحث العلمي والتجريب في مجال الإعداد.. وطرائق التدريس.. والإدارة الصفية و التقويم...الخ. وذلك عن طريق توفير كوادر تربوية تدريبية مؤهلة وخبيرة تؤدي رسالتها بكل همة ومسؤولية ..
كما ويجب رعاية المعلمين المتميزين والاهتمام بهم والعمل على تنمية مواهبهم وتوثيق إنجازاتهم ونشاطاتهم وتعريف الآخرين بها. .. والابتعاد عن نسب الشيء إلي غير صاحبة .
كما ولا بد من الوقوف عند نقطة غاية في الأهمية تتعلق بتحديد الأنظمة الوظيفية والجزائية المتعلقة بالمعلمين .. والخاصة بهم .. إذ أن هذه الفئة من الموظفين لهم خصوصيتهم الوظيفية .. حتى يعي المعلم تماما ما له وما عليه .. كذلك لا بد من معالجة مشكلاتهم بأسلوب حضاري تربوي بعيدا عن التسلط والتشهير .. والذي يعمد البعض على انتهاجه كسياسة تربوية غير لائقة .. فلا يوضع اللوم دوماً على كاهل المعلم " أعانه الله " .. بل ويجب توفير المظلة الحقيقية التي تحميه .. وتحفظ له حقه ليؤدي رسالته بكل شجاعة واقتدار وثقة .. وتعزيز دورة القيادي والريادي التربوي عند طلبته .. فلننظر إلى النماذج المشرفة التي ساقها لنا التاريخ الإسلامي بين طلبه العلم والعلماء منذ بزوغ فجر الإسلام ؟ . انظروا إلى هذا الأنموذج المشرف من الرعيل الأول... الأمام الشافعي الذي ملأ الدنيا بنور علمه.. و أحد أئمة المذاهب يصف لنا حاله مع معلمه وأستاذة الإمام مالك ..
فيقول: " كنت أصفح الورق أمام الإمام مالك صفحا رقيقا هيبة له لئلا يسمع وقعها" ... فهل أخذنا من ذلك العبر ..وأين انتم من ذلك يا طلاب اليوم ؟ ومن المسؤول عن انعدام الاحترام وتفشي ظاهرة الاستهتار بشخص المعلم ذاته .
لا نريد أن يكون القصد من مفهوم التعليم هو القراءة والكتابة فقط .. فالمشكلة أن التعليم يدخل في أدق التفاصيل في الحياة البشرية .. فالقيم والاتجاهات السليمة من سيغرسها ؟.. ومن سينشر ثقافة السلام والمحبة ؟.. وعشق الوطن والاعتزاز بتراثنا وثقافتنا ؟..
يجب أن نعزز القدوة الحسنة .. المعلم .. في تصرفاته وسلوكه وانتمائه وإخلاصه وتوجيهه لطلبته ونصحهم وإرشادهم باستمرار ... فهو القادر على العطاء وهو المثل الحي لتلاميذه ومجتمعه.. فمن يقوم بدور القائد الواعي الذي يعرف القيم والمثل والأفكار التي تحكم سلوك المجتمع... بل ويجب أن يكون هناك تكاملاً بين رسالة المعلم ورسالة الأسرة في التربية الحسنة لأبنائها.. لأنه جزء من المجتمع ... والمجتمع هو التعليم بأكمله ..
ويحضرني أخيرا أن أقول : يتحتم علينا جميعا أن نقف وفقه إجلال وإكبار لكل معلم .. وعلى كل طالب وطالبة النظر بعين الاحترام والإجلال والإكرام والتواضع لمعلمه .. فالتواضع لشخص المعلم عز ورفعة.. لذا فإن حق المعلم أن يحظى بالاحترام وحسن الاستماع... و الإذعان لنصائحه وتحري رضاه....
وكل عام وانتم بألف خير زملائي الكرام .. ودمتم حماة لإنسان هذا الوطن الغالي


البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com

 



تعليقات القراء

معلم اردني من الميدان
لا عيد للمعلم ما زال فاقدا لكرامته كمعلم
المعلم الاردني يتحمل مزيدا من الضغط والقهر بيوم عيده
البعض من البلدان لا تهتم بعيد المعلم ولكنها لا تحارب المعلم
المعلم الاردني ونتيجة للقهر ومحاربته ينتظر الفرصة للهروب ممن الظلم والقهر
نصيحة لكل المقبلين على العمل ابقوا متعطلين عن العمل ولا تقربوا مهنة التعليم فهي ممقوتة في بلدنا والمعلم محكوم عليه بالفقر والهوان فاحذروا الاقتراب من هذه المهنة المقدسة في العالم المتحضر ولكنها في بلادنا .......
09-10-2010 10:56 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات