دحر الصفقة؟!


تم رفض صفقة القرن بإجماع فلسطيني وعربي شعبي ورسمي فماذا بعد؟! الصفقة ستبقى مع ذلك على الطاولة ولن تسحبها الولايات المتحدة وستقول كما جاء على لسان كوشنر تعالوا إلى المفاوضات حيث تستطيعون الاعتراض على أي بند وتطلبوا التفاوض حوله وسيبقى هذا موقف الادارة الأميركية بينما في الأثناء تنفذ اسرائيل ما يخصها من الصفقة وهو ضم غور الاردن والرقع الاستيطانية رسميا ورسم حدود دولة اسرائيل وفقا للخريطة المقترحة في العرض وسيظهر فقط ان اسرائيل جاهزة طوال الوقت لعرض السلام بينما العرب والفلسطينيون سلبيون رافضون حتى لمبدأ الجلوس على طاولة المفاوضات.

يجب ألا تبقى الصفقة هي العرض الوحيد على الطاولة، يجب ان تظهر مبادرة دولية بديلة، ربما من الاتحاد الأوروبي مبادرة يقبلها الفلسطينيون والعرب اساسا للمفاوضات لأنها تستند إلى قرارات الشرعية الدولية وليس بالضرورة ان تتضمن أي تفاصيل للحل غير مبدأ حل الدولتين سندا لقرارات الشرعية الدولية وهو ما يقوله الأوروبيون كل يوم وهو ما ضربت به الصفقة عرض الحائط وألغت قرارات الشرعية الدولية مرة واحدة كمرجعية.

بالطبع اسرائيل لن توافق لكن مبدئيا لا يبقى عرض ترامب ( وهو في الحقيقة مشروع نتنياهو) وحده على الساحة ووجود مبادرة اوروبية للسلام يقبلها العرب يعني انهاء التفرد الأميركي كراع منفرد وأوحد للسلام منذ ما بعد اوسلو وحتى الآن. وقد اعلنت السلطة الفلسطينية على كل حال القطيعة مع ادارة ترامب التي بادرت ابتداء إلى شن حرب على السلطة ومنظمة التحرير بسلسلة اجراءات عدائية سافرة داعمة للاحتلال بما يفقدها الأهلية لدور الوسيط. ولا بد من تقدم الجهات الدولية الأخرى لملء الفراغ وأخذ دورها. وقد أعلن ابو مازن مطلب الرعاية القانونية الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة وهذا جيد لكن الفيتو الأميركي سيحول دون تقدم اي هيئة دولية الولايات المتحدة عضو فيها بأي مبادرة، ولذلك فإن التوجه للاتحاد الأوروبي لإنشاء مبادرة متكاملة يصبح ضروريا إلى جانب التحرك على مختلف المستويات على الساحة الدولية.

وأمس كأننا على موعد مع مثل هذا التوجه فقد جاء ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية في جولة إلى المنطقة وكانت محطته الأولى عندنا في عمان، والأوروبيون يصغون جيدا لجلالة الملك وهو يحظى بتقدير واحترام فائقين، والتقى به وزير خارجيتنا وأتمنى لو يتم استغلال المناسبة أردنيا وعربيا لحث الأوروبيين لتأسيس مبادرة جديدة في ضوء الفشل الذريع لصفقة ترامب التي هي حرفيا برنامج اليمين المتطرف الاسرائيلي.

نتحدث على المستوى السياسي والدبلوماسي التكتيكي للحد من الآثار ومحاصرة الأضرار الناجمة عن الصفقة المشؤومة سياسيا ودبلوماسيا. انما على الارض فيجب ان نعترف ان القدرات على ردع المحتلين ومنع اجراءات الضم متواضعة وضعيفة واعادة توازن القوى يعني تغييرا شاملا في الواقع العربي ليس واردا في الاحلام. واذا فكرنا بموقف جذري عربي اليوم فهو العودة إلى المقاطعة الشاملة للكيان الغاصب بما في ذلك إلغاء أو تجميد اتفاقيتي السلام. وهذا لن يحدث. لكن يمكن بل يجب التزام كل العرب بوقف هذا اللهاث وراء التطبيع واظهار موقف صلب وقاطع بالامتناع عن اي خطوة سياسية او دبلوماسية او اقتصادية من اي نوع مع المحتل. أما فلسطينيا فالأمر أكثر تعيقدا وهو قيد البحث وسنرى كيف سيتبلور إنما مبدئيا ننظر إلى انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية كحجر الزاوية الآن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات