لجنة تطوير الإعلام .. ازمة جديدة في ساحة الإعلام الأردني


مسألة تطوير الإعلام الأردني التي يدعوا اليها الملك ويطالب بل وسعى الى إحداثها في اكثر من مناسبة وعلى مدى سنوات سابقة، كانت تلقى ترحيب واحترام المؤسسات الإعلامية والعاملين في هذا القطاع ، وكنا نتتظر ان يجري تطوير هذا القطاع وفق الطرق الصحيحة والعلمية والتشاركية المتعارف عليها في كل دول العالم ، عبر الدعوة الى منتدى او مؤتمر او اي ورشة عمل تشارك فيها كل القطاعات الإعلامية والصحفية والتعليم والتدريب ومؤسسات المجتمع المدني العاملة والراعية للعاملين والمهتمين بهذا القطاع ، لكنها اتت بغير ذلك ، ففوجىء الوسط الإعلامي ومؤسساته بتشكيل لجنة تطوير الإعلام الأردني ، تبناها المستشار كمال ناصر في الديوان الملكي ،ضمت اسماء وشخصيات بعضها عارف بهموم واحوال الإعلام ، والبعض الاخر لا يمت ابدا لواقع الإعلام الأردني ولم يعمل به مطلقا ، ولم يكتوي بنار تعبه وهمومه وتحدياته ، وجرى بقصد او دون قصد تغييب نقابة الصحفيين الأردنيين ورجالات الفكر والإعلام والصحافة الذين نعرفهم كاعمدة صحفية عريقة وذوي خبرة عالية في مواقع اعلامية اثبتت نجاحها ، في خطوة اثارت استياء الناس ومؤسسات الإعلام والعاملين في القطاع .

مسالة تطوير الإعلام الأردني لا تتأتى بالطريقة والكيفية التي جرت فيها داخل الديوان الملكي ، ولا تنسجم ابدا مع تطلعات الملك بالكيفية التي جرت فيها .

إن تطوير الإعلام الأردني يبدأ من اساس رئيس، ،وهو الكف عن التدخل والتوجيه وتصدر المشهد وممارسة سياسة الإقصاء والانتقائية المحسوبة دون حساب للنتائج من قبل من لم يمارسوا العمل الصحفي اولا، ولم يكتووا بنار العمل الاعلامي في الاردن طوال عقود مضت ولا يعلموا حجم معاناة هذه القطاع .

وإن كنا نتحدث عن تطوير هذا القطاع ، وتوفر القرار السياسي الجاد الذي اطلقه الملك في هذا الشأن ، فعلينا أن نكون واضحين صريحين ندلي برأينا في هذه المسألة ضمن النقاط التالية :

اولا : إن تطوير العمل الإعلامي لا يعني القفز عن مؤسساتنا الرسمية ورموز الإعلام والصحافة ، والإستعانه بعناصر محسوبه على بعض القطاعات والرموز والمقربين ، ومن لا صلة لهم بالعمل الإعلامي الأردني ، فتشكيل لجنة تسمى لجنة تطوير الاعلام بتلك الصورة المنفردة والمفاجئة ، كانت خطوة "مستهجنه " وغريبة وغير مسبوقه ، وهي تكريس لنهج المحاباة والإنتقاء والمحسوبية ، ولن يفيد العمل بشيء ، وسبق للكثير منهم تولي مؤسسات اعلامية مختلفه ولم نشعر برغبتهم بالتطوير والتميز ، بل مارسوا الكثير من سلوك الضبط والتقييد ومنع الحرية والتميز ، وما است بعاد نقابة الصحفيين من لجنة تطوير الإعلام التي شكلها مستشار الملك في الديوانوذوي الاختصاص ، إلا مؤشر خطير أخر على ضرب مؤسسات الوطن وضرب رجالاته وخلق كيانات بديلة وضرب المؤسسات الوطنية التاريخية وتحجيم رجالاتها .

ثانيا : إن تطوير العمل الإعلامي يتعلق بوقف سياسة تقييد الحرية الصحفية ومنع تطورها وضبط حركتها حتى في المساحة الضيقة المكبلة ببعض القوانين والتعليمات التي تمنع تطورها ، فالمسألة واضحة لا لبس ولا غموض ولا تحزر بها ، ولا تحتاج الى لجنة "منتقاة " وفق اهواء ورغبات وحسابات البعض .

ثالثا : إن تطوير الإعلام الأردني معني بالتخلص من عقدة وجهة النظر الواحدة التي تقف حاجزا امام شمولية وحرية العمل الإعلامي ، وتلك العقدة وجدت منذ عقود مضت ، احكمت فيها السلطة سيطرتها على الاعلام وكبلته بجملة من مواد قانون العقوبات الأردني وقانون المطبوعات والنشر ، ولاحقت العديد منهم عقوبات الحبس والتوقف عن العمل لمجرد الحصول على المعلومة ، فحدت كثيرا من انطلاقته وتميزه .

رابعا : إن تطوير الإعلام الوطني يتعلق بضرورة وضع مقياس الحريات الصحفية وفتح المجال اوسع للعمل بحرية دون شرط ورقابة وتوجيه وملاحقة !

خامسا : إن تطوير العمل الإعلامي لا يعني ايجاد عدة مؤسسات إعلامية رسمية وشبه رسمية تدير هذا القطاع بعد إلغاء وزارة الإعلام ،وكل يفتي من طرفه ، فتعددت الواجبات وانقسمت الأراء والصلاحيات ،حتى تلاشت الصورة وتعمق التيه ، فلا بد من اعادة هيكلة تلك المؤسسات ومساواة العاملين بهذا القطاع في المؤسسات الرسمية دون محاباة ، ونستذكر هنا تأسيس تلفزيون المملكة بديلا وحتى بات "مناكفا " لمؤسسة التلفزيون الأردني الرسمية والعريقة ، ونحن نعلم ما يقدم لتلفزيون المملكة من مساحة اوسع في الإستئثار كثيرا في مجال العمل الرسمي والدعم اللامحدود وموازنة عظيمة مقابل اجور متدنية ودعم محدود للتلفزيون الأردني العريق وللعاملين فيه ممن اثبتوا جدارة وخبرة وحنكة ومهارة اعلامية ، دفعت العديد من المحطات العربية والدولية من استقطابهم ، وكانوا طليعة الإعلاميين في تلك المحطات .

تطوير الإعلام في بلدنا بحاجة الى جملة حوارات يشارك فيها الجميع دون استثناء او انتقائية ، وتحتاج الى تغيير قوانين ورفع سقف الحريات الاعلامية والعمل الصحفي ، والأهم تغيير النهج والعقلية التي تدير هذه المؤسسات .

كيف يمكن ان نتخيل ان تطوير الإعلام في الأردن وهو حاجة ملحة وضرورية ، أن يتأتى بالطريقة التي حصلت مؤخرا وخالفت توجهات الملك واثارت استياء المواطنين والعاملين في هذا القطاع الكبير ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات