أموال الضمان في بطن الحكومة


الخبر الذي يقول إن للضمان الاجتماعي في بطن الحكومة أكثر من خمسة مليارات وسبعمائة مليون دينار أفزع الناس واستجلب ردود فعل صاخبة على وسائل التواصل الاجتماعي. وللإنصاف فإن حديث السقاف مديرة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي الذي اعطى هذه المعلومة كان وافيا وواضحا ومطمئنا لكن الناس أخذت العنوان وذهبت به مذاهب شتى خلاصتها ان الحكومة تسطو على اموال الضمان وتضع صندوق الأجيال الضامن لمستقبل الاردنيين في مهب الريح.

ينبغي ان نوضح أولا ان مديونية الدولة الاردنية تقترب من 30 مليار دينار أكثر من نصفها ديون داخلية تقترب من 16 مليار دينار منها 5,7 مليار للضمان الاجتماعي وأكثر من 10 مليارات للقطاع الخاص من بنوك ومستثمرين ومؤسسات وأفراد فهل هذه المليارات العشرة هي أموال ضائعة أكلتها الحكومة على الناس؟! وبالمناسبة الاقتصادات الكبرى في العالم كلها عندها مديونية اعلى كثيرا من الأردن لكن الفرق أن معظمها ديون داخلية ومديونية اليابان نسبة للناتج المحلي الاجمالي هي ثلاثة اضعاف مديونية الاردن لكن 90 % منها مديونية داخلية لذلك لا تشكل ضغطا خطرا على الاقتصاد.

الطريقة الرئيسة للاقتراض الداخلي للحكومة هي السندات فالحكومة تطرح سندات لآجال مختلفة وبالتالي بفوائد متباينة تقبل الجهات المختلفة على شرائها كطريقة لإيداع الأموال مضمونة وبفوائد هي بالعادة افضل من فوائد البنوك لأن البنوك نفسها في الواقع تشتري السندات بأموال المودعين وبالضرورة بفائدة أعلى قليلا مما تعطيه لأصحاب الودائع ربما بفارق نقطة او نقطتين. والحكومة لا تطلب الاستدانة مباشرة من صندوق الضمان بل يقبل الصندوق على شراء السندات الحكومية المطروحة للمنافسة في السوق وهي كلها مكفولة من الدولة في الواقع ان السندات الحكومية هي الطريقة الأكثر أمانا للتصرف بالثروة النقدية لدى صندوق الضمان فالبديل الآخر هو وضعها ودائع طويلة الأجل في البنوك لكن بفائدة اقل والبنوك نفسها في النهاية تقرض هذه الودائع للحكومة بفائدة أعلى فلم لا يفعل صندوق الضمان ذلك مباشرة. والاحتمال الوحيد لضياع الأموال أو تهديدها هو ان تعلن الدولة إفلاسها مثل الشركات التي تخضع للتصفية فيحصل الدائنون على حصة مما تبقى من موجودات الشركة لكن الدول لا تعلن إفلاسها بل الشعب الذي يمكن ان يفلس ويجوع بفعل انهيار قيمة العملة. وطبعا انهيار قيمة الدينار سيؤدي بقيمة الدين بنفس نسبة انخفاض العملة لأن المديونية الداخلية بالدينار لكن هذا الخطر نفسه موجود لو كانت ودائع الضمان بالدينار في أي مكان آخر وبالطبع ليس واردا ان يحول الضمان امواله الى الدولار لأنه يساهم بضرب اقتصاده الوطني وانهيار الدينار وعلى كل حال وضع الدينار ليس في خطر حتى مع الركود الاقتصادي الراهن فاحتياطي البنك المركزي بالعملة الصعبة هو لدرجة كبيرة فوق مستوى الأمان.

الحقيقة ان الخطر على اموال الضمان هو من الاستثمارات الفاشلة وقد عانت اموال الضمان في أزمنة سابقة من ذلك حيث كانت هذه الأموال هي مطمع النافذين على القرار الحكومي لبيع شركات متعثرة أو دفع الضمان لشراء اسهم في شركات تمويل يتم التلاعب بها والسطو على اموالها أو في حالات اخرى تحويل شركات يساهم الضمان بها بنسبة كبرى لأي بحيرة للامتيازات والرواتب الضخمة لأعضاء مجلس الادارة فيخسر الضمان الارباح المفترضة لصالح حيتان الوظائف الذهبية. وقد صرحت مديرة الصندوق ان الفنادق السياحية المملوكة للضمان اصبحت تربح لأول مرة هذا العام بفضل تغيير طبيعة العقود مع الادارات، ونحن مع اعطاء الصندوق المرونة الضرورية في العمل الاستثماري لكن مع رقابة وتدقيق صارم لاحق على سلامة القرار والادارة الاستثمارية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات