قُلْ للغُزاة كُلّنا "غازي"


إلى الغُزاة الذين غزوا (دواوير) عمّان نكتب ، إلى الذين دخلوا القرية فأفسدوها نكتب ، إلى من يحملون ملفات الإصلاح فقط في حقائبهم نكتب ، إلى المُتاجرين بأحلام الشباب العاطلين عن الأمل نكتب ، إلى من ورثوا الأردن بمناصبه وخزائنه وتعليقة بابه ومفاتيحه نكتب ، إلى اللص والمفتّش والجلّاد نكتب ، إلى من طهوا لحمنَا وعظمنَا في مطابخهم السياسية نكتب ، إلى الذين صنعوا من جلدنا جلداً لكراسيهم نكتب ...

إلى كلّ من توجّس خيفةً "أعنّي يكتبون؟" نقول لك : "نكتب".

"غازي" البريء الذي لم تثبت إدانته ، أو المتهم الذي لم تُنفَ براءته ، هو مدانٌ منذُ أن قرّر ألّا يختار "أضعف الإيمان" ، حينَما رفع الضوء من على خشبة المسرح إلى سقفه ، ليسلّط النورَ و النار على أولئك الذين حوّلوا الوطن إلى "مسرح دُمى" ، يحركونه كيفما شاءت حبالهم وحبائلهم ، مُدانٌ منذُ أن وقعت كلماته الأولى كالشُهب على سمع الحكومة -التي كانت بالكاد تسترق سمعاً- ، مُدانٌ عندَما طالب بعدم تداخل السلطات مع بعضها البعض ، وكفّ الكافّة عن الكافّة ، وربط التعيّينات في الديوان الملكي وسفارات المملكة وقنصلياتها في الخارج مع ديوان الخدمة المدنيّة ، ليكون الأردنيون والأردنيات هم أصحاب المفاضلة في معادلة التعيّينات الإنتقائيّة ، مُدانٌ حينَما غزا "غازي" جيوب اللصوص أصحاب الياقات البيضاء ، مُفتّشاً عن المال المنهوب والوطن المسلوب ، مُتمنّياً حينَها العودة إلى مرحلة ما قبل تأسيس "هيئة النزاهة ومكافحة الفساد" ، مُدانٌ منذُ أن قبضَ كفّه كفوفَ الشباب السائرين على الأقدام من ناصية الجنوب إلى خاصرة عمّان ، الشباب الذين تكدّسات طموحاتهم وحقوقهم المقضومة في أقبية مُلّاك الوطن و وارثيه ، كلّ ذلك وغيرها من الجرائم البيضاء قد إقترفها "غازي" ، هذه الشُهب التي لم يُخطئ حسيسها مكامن الوجع في سمع الحكومة ، كانت كافيةً لتجعل منه المطلوب الأول على قائمة حمّالة الحطب و سُرّاق الوطن وجلّاديه ، الذين ما إنفكّوا يوماً ينتظرون لحظة تصفية الحساب السياسي بينهم وبينَ "غازي" ، حاله حال الكثيرين من الشرفاء في هذا الوطن المنهوب.

"غازي" مواطن من جنوب الأردن لا ينتمِ إلى قبيلة بني حميدة فحسب ، أولئك الذين ما حنثوا قسماً وما خذلوا علماً ، وفي كلّ جنازة شهيد كان لهم عريس ، و في كلّ غزوةٍ كان لهم "غازي" ، أولئك الذين لسان حالهم ككلّ الأردنيين يقول : "أولَئِكَ آبائي فَجِئني بِمِثلِهِم***
إِذا جَمَعَتنا يا جَريرُ المَجامِعُ " ...

هذا الغازي الأسمر ينتمي إلى "تعريقات" الثوب الأردني المُطرّز بكلّ ألوانه وأطيافه ومكوّناته ، ينتمي إلى القرية والمُخيّم والبادية والمدينة ، ينتمي إلى كلّ بيتٍ يعاني من ويلات التجويع الإقتصادي والتركيع السياسي ، إلى كلّ شابٍ تلوكه نواجذ الفقر والبطالة ، إلى كلّ الذين ما عادوا يسمعون عن "حقوق الإنسان" إلّا عندَ نشرة أخبار الثامنة ، إلى كل الذين فقدوا حقهم في حرية الرأي والتعبير والمساواة والعدالة الإجتماعيّة ، إلى كلّ المقهورين الذين ما عادت تتسع زنازين الوطن لهم.

نحمد الله يا "غازي" بأنك غير متهم ببيع أراضي الوطن ومُقدّراته ، أو بالمتاجرة بمؤسسات الدولة ، أو بخصخصة و "نصنصة" قلاعها، وشتّان يا "غازي" بينَ من يغسل يديه للوضوء ، ومن يغسل أموال الوطن ، هي حربنا جميعاً على الفساد حتّى ردم منابعه وتجفيفها ، هي حربنا جميعاً على توريث المناصب وتدويرها ، هي حربنا جميعاً على الإصلاح الصوري ، هي حربنا جميعاً على التهجير القسّري لشباب فقدوا بوصلتهم وساعاتهم ، هي حربنا جميعاً على سياسة التجويع والتركيع والتطويع ، هي حربنا جميعاً على سياسة الإختصام السياسي وقنص الشخصيات ، هي حربنا جميعاً على نهج التهميش والتجيّيش والتخوين والإقصاء ، بكلّ ما نملك من قنوات شعبيّة وقانونيّة وسياسيّة سنكون زناد زندك يا "غازيي" ، وسيبقى إيماننا بدار القضاء مُطلق ، قلعة من قلاع الوطن ، أساس مُلكها العدل ولا سلطان عليها ..

والوطن من وراء القصد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات