رسوب الحكومة في اختبار المعلمين 


سيدخل إضراب المعلمين التاريخ بوصفه الأطول والأكثر تأثيرًا وأثرًا على كل المستويات، فقد تحول إلى حالة شعبية ووطنية، تستحق الوقوف عندها مليًا، واجراء تقييم عميق وجاد يطال عمل كافة المؤسسات والأجهزة الرسمية. 

لقد تسبب هذه الأزمة في إرهاق المجتمع، وأجهزة الدولة، وكان لها تبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة، في وقت كان بالإمكان تلافيها مبكرًا، لو توفر لدى الحكومة بالدرجة الأولى، الحد الأدنى من الحكمة، وحسن تقدير الموقف. ومع ذلك فقد كان لهذا الحدث فوائد جمة، وعبر ودروس مفيدة لكل المؤسسات الشعبية والرسمية، فهذه الأزمة اختصرت هموم وتحديات البلاد والعباد، ومدى عمق الأزمة الاقتصادية الاجتماعية المركبة، وأشّرت إلى جملة من العناوين والملاحظات الهامة. 

• أظهرت الأزمة تلاحمًا ووعيًا وطنيًا متقدمًا، وحرصًا كبيرًا على الوطن ومؤسساته، وأنً المواطن الأردني على درجة عالية من الوعي والنضج الوطنيين، وأنه ركيزة الاستقرار الحقيقي، من خلال خطابهم الراشد والمسؤول، وقوة حجتهم التي كشفت بؤس وسطحية وتهافت الخطاب الحكومي وبدائية أدواته، وأنّ عدم الاستقرار وحالة الاحتقان سببها الأساسي سياسات حكومية آن أوان إعادة النظر بها وبمنظريها. 

• سلّطت الأزمة الأنظار على ملفات مهمة، وأظهرت اجماع وطني على عدم ثقة الناس بالحكومة وأدائها، ولفتت الأنظار إلى حجم التشوهات في نظام الخدمة المدنية، والفوارق غير الطبيعية، وغير العادلة في سلم الرواتب، وضرورة معالجتها. 

• لازم الفشل الذريع وزراء الداخلية والتربية والتعليم والإعلام على وجه الخصوص، والذين كان لإجراءاتهم وتصريحاتهم منذ اليوم الأول دور كبير في تأزيم المشهد، لذلك فإنّ مغادرتهم على الأقل أصبحت مصلحة وطنية. 

• أبرزت الأزمة من جديد أنّ كل الأحاديث والتصريحات الحكومية عن الخطط والاستراتيجيات هي محض كلام انشائي، وأنّ الفريق الحكومي بعيد عن الواقع بكل مشكلاته وأزماته. 

• لقد رسب كثيرون على المستويات الرسمية والشعبية، الحزبية والنقابية، في هذا الاختبار الذي أداره المعلم بكل كفاءة واقتدار، وهو ركن النهضة الحقيقي الأول، وكان العجز واضحًا في فهم حقيقة ما يجري، في حين نجح الوطن بوعي أبنائه في تجاوز الأزمة. 

• قدّم المعلمون دروسًا مجانية للنخبة السياسية التي لم تكن بمستوى مواقعها، ومسؤولياتها الدستورية التي أقسمت على أن تؤديها بكفاءة، وبعثوا برسائل واضحة إلى كل من يهمه الأمر، أنّ مشاكل الوطن وأزماته التي تراكمت، كان سببها الأول سوء الإدارة والفساد، وسيطرة نخب سياسية، لا زالت مصرة على نهج وسياسات ووصفات، أضرّت بالوطن وحاضر ومستقبل أجياله. 

لقد بات من الضروري بمكان اتخاذ قرارات واجراءات آنية وقصيرة المدى، تتمثل بما يلي: 

1- إقالة كل من ساهم في تعميق الأزمة، وإطالة أمدها، ورفع كلفتها المادية والمعنوية على المجتمع والدولة، وتعامل بعقلية عرفية استعلائية، أضرّت بصورة الأردن، وعكست قدر كبير من سوء تقدير للموقف، وعدم القدرة على مواجهة الأزمات. 

2- إجراء إصلاحات جذرية وعميق في وزارة التربية والتعليم ومديرياتها، وعلى مستوى منظومة الإدارة العامة، التي ضربها الفساد والترهل الإداري منذ سنوات، وقادها مجموعة من الموظفين الذين وصلوا لمواقعهم بطرق غير نزيهة، حتى أصبحت مثار تندر. 

3- إعادة النظر بالأداء الإعلامي الرسمي الباهت والتقليدي، والذي لا يزال محكوم بذات العقليات المضبوعة والبيروقراطية، والتي أسهمت بتعميق الأزمة، وقدمت خطابًا منحازًا وغير موضوعي ووظيفي، إضافة إلى بعض المواقع والصحف والقنوات والكتاب المتنفعين. 

4- إعطاء الشعب فرصة أكبر في عملية صنع القرار، من خلال مسار سياسي اصلاحي وحقيقي، يفتح الطريق لإنتاج نخب جديدة أقرب إلى واقع وتحديات الوطن والمواطن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات