التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الأردني وسبل معالجتها


يشهد العالم ومنها الأردن تحوّلات اجتماعية هامة يقودها تأثير العولمة، والتغيّر المناخي العالمي والأزمات الاقتصادية والمالية الناتجة عن أوجه عدم المساواة المتنامية، والفقر المدقع، والاستبعاد والحرمان من حقوق الإنسان الأساسية. وتظهر هذه التحوّلات الحاجة الملحة إلى حلول ابتكارية تفضي إلى قيم عالمية تتصل بالسلام، والكرامة الإنسانية، والمساواة بين الجنسين واللاعنف وعدم التمييز. ويعرف باللغة الإنجليزية بمصطلح (Social Change)، وهو مفهوم مرتبطٌ بعلم الاجتماع، والذي يشير إلى التغير المستمر في المجتمع؛ بسبب تأثير مجموعة من العوامل الاجتماعية، ويعرف أيضاً بأنه ظاهرةٌ من الظواهر الاجتماعية ذات التأثير المستمر، والتي تعتمد على مجموعة من الأفكار البشرية، والنظريات المستحدثة، والآراء، والأيديولوجيات التي يتميز بها كل عصرٍ من العصور البشرية. 

ويذهب بعض العلماء إلى أن التكنولوجيا هي الأساس لكل التغيرات في العلاقات الاجتماعية، كما يذهب آخرون إلى إن التنافر بين الطبقة التي تمتلك أدوات الإنتاج والطبقة التي لاتمتلك هو الأهم، وأيضا وضع البعض العوامل الأيديولوجية أو الدينية على إنها تؤدي للتعديلات الأساسية في الدور والمكانة.و قد ترجع أسباب التغير الاجتماعي ايضا إلى عوامل سيكولوجية في الشخصية الإنسانية فبما ان السلوك الإنساني يقوم على أساس دافع معين فإذا ما تغير هذا الدافع نتج عن ذلك تغير في العادات والتقاليد. 

ويواجه المجتمع الأردني تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية كبيرة ، ومنها : - التقدم العلمي و التكنولوجي أدى إلى رفاهية الفرد و المجتمع في مجالات عديدة،و تحسين وسائل الاتصال وزيادة اعتماد الأفراد و الجماعات على بعضهم البعض، وسهولة التزاوج بين الثقافات النمو الحضاري والتغير العمراني المصاحب للتغير السكاني.وظهور قوة للطبقة العاملة. والهجرة من الريف و القرى إلى المدن. والتوسع في تعليم المرأة .وإدراك أهمية التعليم في تحقيق الارتفاع على السلم الاجتماعي و الاقتصادي وبالتالي:زيادة الحاجة إلى إعداد صفوة ممتازة من العلماء لضمان المزيد من الرقي الاجتماعي و الاقتصادي. ونمو وعي الأفراد بحقوقهم و واجباتهم الوطنية. وظهور مظاهر التغير الاجتماعي السلبية و تشتمل : 

تغير بعض القيم الاجتماعية التقليدية التي كانت تسود المجتمع وتحكم سلوك أفراده، فأصبح مقبولا بعض ما كان مرفوضا و منبوذا من قبل ، و أصبح مرفوضا بعض ما كان مقبـولا و شرعيا من قبل.خروج المرأة من دائرة البيت الضيقة إلى مجتمع العمل و الإنتاج، وما أدى إلى بلوغ تطورات خطيرة في حياة المجتمع وقيمه المختلفة، وذلك فيما يتصل بالعلاقات الزوجية و إضعاف لسلطة الزوج في المنزل وقضايا التنشئة الاجتماعية الأخرى.وزيادة الضغوط و الصراعات النفسية كنتيجة حتمية للعولمة، وما ترتب عنه من آثار سلبية على الفرد والمجتمع. وتغير الشكل الأسري من الأسرة الكبيرة إلى الأسرة الصغيرة المستقلة اقتصاديا ، وظهور مشكلات العنوسة و التأخر في الزواج.تركيز الأفراد على الناحية المادية و إهمال النواحي الروحانية و انتشار اللامبالاة و العبث و التمرد اللاواعي.ولمواجهة التحديات لا بد من : 

في المجال الاجتماعي : 

1.العمل على ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص الوظيفية والحياتية في كافة المجالات أمام الشباب. 

2.تعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الحكومية والأهلية تجاه الشباب ومشاكلهم من خلال المشاركة في إيجاد حلول واقعية لها. 

3.الحاجة إلى التخفيف من وطأة الفقر، من خلال التركيز على الشباب كعنصر حيوي، ومع الأخذ في الحسبان التفاعل المتبادل بين الفقر وأسبابه، وبخاصة نقص التعليم والمهارات، وعدم توفر وظائف مناسبة. ويكون الحل الملائم هو الاستهداف الجغرافي للأسر الفقيرة عبر مجموعة متكاملة من التدخلات تتضمن: التدريب من خلال العمل، ومحو الأمية، وتوليد فرص العمل بالشراكة بين جميع قطاعات الدولة: العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني المتعددة. 

4.رفع مستوى التعليم من حيث الجودة والنوعية ، وزيادة المدخلات الاقتصادية لهذا القطاع المجتمعي؛ وضرورة تطوير النظام التعليمي؛ حيث يجب على صانعي السياسات ورجال التعليم أن يسعوا جاهدين إلى تحقيق توافق أفضل بين مخرجات المؤسسات التعليمية على كافة المستويات ومتطلبات سوق العمل؛ وهو الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في التوازن في دراسة المواد التعليمية المختلفة؛ بما يسهم في رفع جودة مخرجاته ومن ثم يساعد الشباب على الالتحاق بوظائف يحتاجها المجتمع وفي نفس الوقت تلبي طموحات الشباب من ناحية الدخل والمكانة الاجتماعية. 

5.أن تعمل كلا من المدارس والجامعات ووسائل الإعلام على تكوين الاتجاهات الصالحة والقيم البناءة والهادفة في نفوس الشباب، وإحلالها محل الاتجاهات العدائية نحو المجتمع ونحو الآخرينحتى يمكن تغيير نظرتهم إلى ذاتهم وإلى الآخرين، وبما يعزز من قيم التسامح وينبذ التعصب والتطرف. 

6.تعزيز الهوية الاجتماعية لدى الشباب ، وتوعيتهم عبر البرامج الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي والمؤتمرات وغيرها من وسائل فعالة في الوقت الحالي بخطورة الانجراف وراء النزعات الطائفية المتطرفة، والتأكيد على مبادئ التعايش في مجتمع واحد متماسك يسعى لتجاوز أزماته الاجتماعية والاقتصادية في أقصر مدى زمني ممكن. 

فيما يخص البعد الاقتصادي: 

1.أن تستمر الحكومة في اتخاذ خطوات جادة بخصوص مشاكل الشباب وقضاياهم الملحة لاسيما ما يتعلق بتوفير فرص العمل الملائمة للحد من بطالة الشباب، وما يخص أزمة الإسكان والعمل على مقابلة احتياجات الشباب في ضوء إمكاناتهم المادية الفعلية. 

2.التوسع في تنفيذ مشاريع محددة تستثمر طاقات الشباب وتفيد من قدراتهم اللامحدودةعلى أن تتميز هذه المشاريع بالتنوع في مجالات: (تكنولوجية، صناعية، زراعية وغيرها)، بما يتواكب وتتنوع اهتمامات الشباب، ومواهبهم الفردية، وكذلك تخصصاتهم التعليمية، وأخيراً طموحاتهم المستقبلية. 

3.استمرار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والعمل على مكافحة الفساد بكافة صوره: (الاقتصادي، الاجتماعي، الإداري، السياسي)، وتفعيل مبدأ الرقابة والمحاسبة؛ بما من شأنه تنمية الاقتصاد الوطني واستثمار موارده بأفضل الصور الممكنة بما يلبي تطلعات الشباب من جهة، ويسهم في زيادة ثقة الشباب في مؤسساتهم من جهة أخرى. 

4.العمل على تنمية الشباب وتطوير قدراتهم؛ بوصفهم العامل المؤثر في عملية التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المنشود، وأن يتم ذلك بتكاتف كافة مؤسسات الدولة ، وبمساهمة من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والقطاع الخاص. 

فيما يخص البعد السياسي: 

1.تمكين الشباب من المشاركة بصنع القرار؛ لاسيما فيما يخص مشاكلهم المؤرقة، وأن تؤخذ وجهات نظرهم بعين الاعتبار، واتخاذ مزيد من الإجراءات الرامية إلى تعزيز مشاركتهم السياسية والمجتمعية. 

2.تعزيز مبادئ المواطنة والمساواة وعدم التمييز في الحقوق والواجبات على نحو ما يكفله الدستور. 

3.تفعيل دور الأحزاب السياسية لتصبح جاذبة للشباب للدخول الطوعي فيها؛ وتوظيف قدراتهم من خلالها بما يفتح أمامهم الآفاق للإبداع وإطلاق الطاقات دون عقبات، ويوفر الفرصة أمامهم للمناقشة وإبداء الرأي والمشاركة في صناعة القرار فيما يخص القضايا الوطنية التي تمسهم بشكل مباشر. 

4.التوسع في اتخاذ مزيد من القرارات السياسية التي من شأنها إحداث إصلاحات اجتماعية ضرورية؛ حيث يشير مفهوم الإصلاح الاجتماعي إلى تحسين الأحوال الاجتماعية عن طريق التعديل في بعض النظم الاجتماعية. وفي هذا الإطار تشمل الإصلاحات الاجتماعية المطلوبة معالجة مظاهر كغياب مبادئ العدالة والمساواة الاجتماعية، والبطالة، و الفقر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات