"الزفة" التي ستوصل الرزاز الى بيته


لا شك ان الرئيس عمر الراز اللاعب الطارئ على الحياة السياسية في الاردن، وهو المنظر "الفيس بوكي" القادم من رحم صندوق النقد الدولي سيتعلم درسه الاول في السياسه الاردنية في خضم الاحداث الاخيرة المأساوية ، وسيدرك حجم المأزق الذي وضع نفسه فيه بقبوله المسؤولية الوطنية المقلقة في هذا التوقيت الحساس، والذي يفوق قدراته على الحكم.

وسيقيس المسافة بين التنظير وحقيقة الواقع المعاش في الاردن الذي يحتاج الى خبرة ودراية ، ووقوف على حقيقة الملفات الشائكة ، وذلك اذا ما صفا الى نفسه لحظة بعد ان يأخذه هذا الانزلاق الخطر في الوضع الاردني الى بيته، وستتاح له فرصة ان يقرأ حقيقة ما جرى في الاسابيع الاخيرة من احداث متسارعة في الاردن، وخاصة مع تفجر عدة ازمات امنية مرة واحدة، وبتوقيت موحد، والتي كانت الحكومة تعجز عن التعامل معها بما تقتضيه مسؤولية الحكم، وكلها كانت تضغط على عصب الشارع الحساس، وقد بدأت في الرمثا ثم انتقلت الى الكرك، وفي الخميس الاسود كانت الكارثة الاخلاقية على الدوار الرابع - لحكومة تدعي الطابع المدني للحكم- بانقضاضها على المعلمين الاجلاء، وهو المشهد الذي قد تتورع عنه حكومة عرفية في سالف الزمن الاردني.

ويضاف الى ذلك ايضا توقيف واعتقال لعدد من النشطاء المعروفين، وتبعات ذلك المحتملة من احتجاج في عدد من مناطق المملكة قد تتفجر لاحقا .

وبذلك اعتقد انه ازف وقت الرحيل لحكومة تشكلت على قاعدة الوهم، وصناعة الوهم، وبيع الحلم برخص الى الناس، وكانت ابعد ما تكون عن الواقعية، ولم تتعامل بجدية مع الملفات الداخلية والخارجية الحرجة ، واخطرها فقدان الاردن لكافة حلفائه، وقد اصبح مستهدفا ، ويصطلي في اتون ازمة داخلية مردها لغياب التنمية ، والتوسع في سياسة الجباية، والتي وسعت من رقعة الفقر والبطالة، واضعفت القطاعات الاقتصادية وادت الى تناقص الايراد الضريبي للدولة، وتراجع الخدمات العامة فيها ، وتقترن الازمة الداخلية بضغوط خارجية تؤشر على تراجع اهمية الاردن وغياب لدوره المحوري في المنطقة والتطاول عليه ، وفرض حل للقضية التاريخية التي تخصه دون اخذ رأيه، وبذلك تضرب حكومة الرزاز المثل الاعلى في الفشل في الاردن.

وانا سأضع بين يدي الدكتور الرزاز سيناريو كان اكرم له وللاردنين واكثر حفظا لكرامتهم وذلك لما جرى على الرابع ، وكيف كان يستطيع ان يحول "المحن الى منح" كما يدعي في تنظيره على الفيس بوك.

وما كان ذلك يقتضي من الرئيس سوى ان يقرن عزاءه بنقيب المعلمين المرحوم الدكتور احمد الحجايا باعطاء موافقة وزارة الداخلية على فعالية النقابة التي كانت تعتزم القيام بها للمطالبه بعلاوة ال50%، وفي يوم الخميس يتم توجيه جهاز الامن العام بأن يعمل على مهمة تسهيل وصول قوافل المعلمين من كل المحافظات الى الرابع، ويتم تفريغ المنطقة من الدوار السابع الى الدوار الرابع بتحويل الطرق عنها لاستقبال فعاليه المعلمين السلمية المحمية بموجب احكام الدستور.

ويتم استقبال المعلمين الذين تكتنز فيهم خيرية المجتمع الاردني، والذين هم الاحرص على الوطن امام رئاسة الوزراء بحفاوة، وكان يمكن ان يخرج اليهم الرئيس ويلقي اليهم الخطاب الوطني الذي يعترف فيه بحقهم المشروع في التعبير السلمي، وفي المطالبة بتطوير واقعهم المعيشي، ويضعهم بصورة الظروف التي تمر بها المملكة وبحجم المخاطر التي تحيق بالاردن. وكان يمكن للمعلمين ان يطرحوا قضيتهم امام الرأي العام، ويضعوا التصور العملي للحصول عليها ، وبعد ذلك تنتهي الفعالية ويخلى الموقع الهام بساعات، ويعود المعلمون الى محافظاتهم يحفهم الاجلال والتكريم ، وتبقى قضية مطالبة المعلمين بعلاوتهم في اطارها الدستوري .

كان يمكن ان يكون ذلك عوضا عن فصل اسود اقترفته حكومة الرزاز التي ادعت على مدى عمرها السياسي بالطابع المدني للدولة بحق شريحة هي الاغلى والاعز والاكثر ثقافة ووعيا في المجتمع الاردني، وبحق نقابة يتجاوز عدد منتسبيها نصف جهاز الدولة الاردنية المدني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات