وحدة "ملماب" السرية لإخفاء وثائق الجرائم الصهيونية


ليست غريب على المختصين والمتابعين الجهود الهائلة التي بذلتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من أجل أخفاء وطمس وتدمير الحقائق التاريخية الموثّقة التي تبين بشكل واضح حجم الانتهاكات التي تعرض لها الفلسطينيون في وطنهم من قبل مليشيات عصابات الهاجاناة وشتيرن والأرجون وليهي وقوات البلماخ اليهودية منذ سنة 1948وما قبلها كمقدمة لاغتصاب فلسطين والتي تعرض إسرائيل للمسائلة والفضيحة والشبهات ومن اجل ذلك أنشأت إسرائيل وحدة خاصة عرفت باسم " ملماب " وهو قسم سري ينشط ضمن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى تقويض مصداقية الدراسات حول تاريخ مشكلة اللاجئين من خلال تتبع ملفات الأرشيف والمكتبات الخاصة والعمومية في إسرائيل من أجل إتلافها وإخفاء الوثائق التاريخية التي يمكن أن تشكّل خطرا على الدولة اليهودية والتي تثبت ارتكاب جرائم فظيعة بحق الفلسطينيين والفلسطينيات الذين يطلق عليهم تسمية "عرب إسرائيل" منذ حرب 1948 وهو تاريخ تأسيس الدولة اليهودية .

ولا يعد إتلاف الوثائق وطمس الحقائق مسألة حديثة العهد بالنسبة لإسرائيل حيث كان الهدف من محاصرة بيروت في عام 1982 تدمير مبنى مركز الأبحاث الفلسطيني الذي يضمّ كمية كبيرة من ملفات الأرشيف وعشرات الآلاف من الوثائق بما في ذلك عناوين الممتلكات والصور الفوتوغرافية والخطط التي تركها الفلسطينيون خلفهم بعد اللجوء .

تتكون وحدة ( ملماب ) السرية العسكرية من عدة فرق مختصة وقد باشرت نشاطها منذ أكثر من عشرين عام عثرت خلالها على مئات الوثائق من الأرشيفات والمكتبات في عملية يمكن وصفها بأنها " تطهير تاريخي منظم " وتقوم الوحدة بسرقة وإخفاء الوثائق التي رفعت عنها السرية العسكرية وإخفاء شهادات جنرالات في الجيش حول قتل المدنيين والقرويين وتدمير العديد من البلدات والقرى الفلسطينية فضلا عن إخفاء الوثائق المتعلقة بطرد البدو خلال العقد الأول من قيام دولة إسرائيل حيث كان هناك نحو 100000 منهم يعيشون في النقب وبعد ثلاث سنوات فقط انخفض عددهم إلى 13000 .

ووفقا لتصريحات يهيل هوريف الذي أدار وحدة جهاز "ملماب" لمدة واحد وعشرين سنة حتى عام 2007 حيث قال " من المنطقي أن نعمل على إخفاء أحداث سنة 1948 لأن خروجها للعلن يمكن أن يؤدي إلى اندلاع الاحتجاجات والاضطرابات بين صفوف العرب في إسرائيل واعترف هوريف أنه هو الذي بدأ العمل في إخفاء الوثائق وأنها لا تزال مستمرة حتى الآن .

إحدى الوثائق التي عثرت عليها الوحدة السرية وأخفتها توضح تعرض 70 % من الفلسطينيين الذين يعيشون على الأراضي الفلسطينية سنة 1948 إلى الطرد ألقسري حيث أُجبر حوالي 720 ألف مواطنا فلسطينيا على مغادرة مدنهم وبلداتهم وقراهم تحت تهديد أسلحة القوات والعصابات اليهودية وتسرد كيفية تعرض الفلسطينيين لعمليات الطرد والاختطاف والموت بعد أن استسلموا للتدخلات والتهديدات المسلحة للقوات اليهودية وتدحض هذه الوثيقة الرواية التي تبنتها السلطات الإسرائيلية والتي كررها أيضا المؤرخون الصهاينة في كثير من المناسبات القائلة بإن الفلسطينيين هربوا من أراضيهم بأمر من قادة الدول العربية .

والحقيقة الدامعة تؤكد بأن الهجرة كان سببها الرئيس العمليات العسكرية الإسرائيلية العنيفة وما ارتكبته العصابات من أعمال ترويع وحشية وفي حادثة أخرى تحدثت عنها بعض الوثائق تصف حادثة دارت في بلدة الصفصاف القريبة من مدينة صفد الفلسطينية حين " أسرت القوات الإسرائيلية 52 رجلا قيدوا بعضهم ببعض ثم حفروا حفرة كبيرة والقوهم فيها وأطلقوا عليهم النار من مسافة أمتار بسيطة ظل منهم عشرة رجال يتلوون من الوجع ثم جاءت النساء تطلب من الإسرائيليين الرأفة فوجدن من بين القتلى ستة مسنين وقد تعرضت ثلاثة نساء إلى الاغتصاب من بينهم طفلة تبلغ من العمر 14 سنة وقد قطع أحد الجنود إصبع فلسطيني بسكين كي يحصل على خاتمه الشخصي المصنوع من مادة الفضة .

الجرائم والمجازر الصهيونية حلت في كل شبر من ارض فلسطين وأسكنت الحزن في كل بلدة وقرية ومدينة وبادية وريف بما شكلته من وحشية ودمار ضد الإنسانية وأعمال نازية وإرهابية مبرمجة جرى التغطية عليها حيث ارتكبت عصابات الصهاينة مجازر بشعة يندى لها جبين الإنسانية بغرض بث الرعب في أوساط الفلسطينيين وترويع السكان الآمنين لإجبارهم على إخلاء بيوتهم وترك أراضيهم وممتلكاتهم وتشريدهم عن وطنهم ومدنهم وقراهم .

على سبيل المثال لا الحصر نستحضر بالاسم فقط بعض من لائحة العار والإجرام الصهيونية السوداء مجزرة الدوايمة و ومجزرة فبية ومجزرة دير ياسين و ومجازر اللد و ومجازر بئر السبع و ومجازرالجليل ومجازر يافا احتجاج على تزايد أعداد المهاجرين اليهود ومجزرة الطنطورة ومجزرة مدينة صفد ومجزرة أبو شوشة ومجزرة بيت دراس ومجازر حيفا ومجازر القدس ومجازر بلد الشيخ ومجزرة العباسية ومجزرة الخصاص ومجزرة الشيخ بريك ومجزرة فندق سميراميس ومجزرة السرايا العربية ومجزرة يازور ومجزرة شارع عباس ومجزرة طيرة ومجزرة سعسع ومجزرة بناية السلام ومجزرة الحسينية ومجزرة قطار القاهرة ـ حيفا ومجزرة قطار حيفا ـ يافا ومجزرة أبو كبير ومجزرة قالوينا ومجزرة اللجون ومجزرة طبرية ومجزرة جمزو ومجزرة المجدل ومجزرة عيلبون ومجزرة الحولة ومجزرة عرب المواسي ومجزرة مجد الكروم ومجزرة جيز وما رافق ذلك من نهب للمحلات والمنازل والاعتداءات المخيفة في عين زيتون ( تدمير) القيطية (تحرش وتهديد) العلمانية ( قتل) العمامير (سرقة وقتل) بئر سالم (الهجوم على دار أيتام ) وغيرها الكثير مما لا يتسع ذكره .

ورغم جرائم الاحتلال ومجازره المتكررة لا يعترف الشعب الفلسطيني بكيانه وبدولته الوهمية ويصر الفلسطينيون على التمسك بأرضهم رغم العدوان الإسرائيلي المتواصل عليها ورغم كل محاولات القتل والتشريد ومجازر الإبادة الجماعية التي استخدمتها قوات الاحتلال بحق سكان المدن والقرى الفلسطينيين ومحاولات تشريدهم عن ديارهم آنذاك وألان إلاّ أنّ الشعب الفلسطيني صمد في وجه هذه الجرائم ورفض الخنوع والخضوع لها وبقي يقاوم وهو منغرس في أرضه .

يذكر أن الحكومة الإسرائيلية في عام 2010 مددت فترة السرية على الوثائق إلى 70 سنة ثم مددتها مرة أخرى في شباط من العام الحالي حيث وقع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتن ياهو على أمر بموجبه تم تمديد الفترة التي تحظر نشر وثائق ومستندات جهاز الأمن العام (الشاباك) والموساد حيث تم تمديد الحظر لمدة 20 سنة ما يعني حظر نشر أي وثائق ومستندات إلا بعد مرور 90 عاما على تأسيس أجهزة الاستخبارات الخارجية والداخلية على الرغم من معارضة المجلس الأعلى للمحفوظات ومن الناحية العملية ليس لهذا القرار الجديد أي أهمية حقيقية لأن هذه المحفوظات الأرشيفية الأمنية مغلقة بشكل كلي أمام الجمهور منذ زمن بعيد .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات