50 عاما على حريق الأقصى .. والألم يتجدد


جراسا -

قبل 50 عاما وتحديدا في 21 أغسطس/آب 1969 أقدم متطرف أسترالي الجنسية يدعى مايكل دنيس روهان على إشعال النيران بالمصلى القبلي بالمسجد الأقصى، وشبّ الحريق بالجناح الشرقي للمصلى الواقع في الجهة الجنوبية للمسجد، والتهم كامل محتويات الجناح، بما في ذلك منبر صلاح الدين الأيوبي التاريخي، كما هدد قبة المصلى الأثرية.

في أحاديث منفصلة للجزيرة نت يحاول مقدسيون عايشوا تلك الجريمة استذكار بعض تفاصيلها، مؤكدين أن الاحتلال أعاق وصول الإطفائيات إلى المسجد، وأن إطفاء الحريق تم بأدوات بدائية منها أواني طعام أحضرها المقدسيون من بيوتهم.

تذكر السيدة المقدسية عزة قرط التي تسكن في عقبة السرايا المجاورة للأقصى خبر اندلاع الحريق، وتقول إنه وصلها من مكبرات الصوت في مساجد القدس طلبا لنجدة المسجد، فما كان منها إلا أن فتحت باب منزلها واندفعت نحو باحات الأقصى.

وتضيف أن جميع سكان البلدة القديمة خرجوا من منازلهم وكانوا يركضون نحو المسجد يبكون ويصرخون. وأضافت "أطفأنا النيران بالمياه وبدموعنا أيضا".

أرشفة الألم
انتشلت عزّة المياه من آبار الأقصى وساهمت مع الرجال في إخماد النار وكانت تبلغ من العمر حينها 16 عاما، ولأنها تزوجت وانتقلت للعيش في عقبة السرايا قبل الحريق بأشهر فإن هذه الحادثة ترتبط بذاكرتها وتأبى النسيان.

ليس بعيدا عن عقبة السرايا، استفاق المسن التسعيني داود عطا الله على صراخ أهالي بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك حيث يقطن، وتوجه لموقع الحريق مشيا على الأقدام، وقال "باب المغاربة الأقرب لبلدة سلوان كان مغلقا بطبيعة الحال منذ احتلال المدينة عام 1967، ومع ذلك تمكنت في عشر دقائق من الوصول للباحات وأسهمت بإطفاء الحريق بأدوات متواضعة".

وأشار عطا الله إلى أن المقدسيين تمكنوا من تنظيم العمل رغم حالة الارتباك الشديدة التي سادت في الباحات حيث "جلبت النساء أواني المطبخ من المنازل ثم اصطففن بجانب الآبار وبدأن بمناولة المياه للرجال الذين نظموا بدورهم صفوفا أيضا، وهكذا حتى أخمدت النيران".

شاهد عطا الله بأم عينه انصهار الرصاص من قبة المصلى القبلي بالأقصى وسقوطه للأسفلعلى من كانوا يطفئون السجاد والمنبر بالداخل، كما شهد احتراق منبر صلاح الدين الأيوبي.

وتساءل المسن المقدسي: من يقبل أن تُنتزع منه عقيدته وكرامته؟. ثم أضاف: شعرتُ بحزن عميق حينها، لكن لم يكن لدي وقت للبكاء، فجلّ تفكيري انصب على ضرورة عدم التهام الحريق لمزيد من المحتويات المقدسة.

لم يحالف الحظ المقدسي عبد الفتاح عبد الرحمن للمشاركة في إخماد الحريق، لأنه يسكن في مخيم شعفاط وسارعت قوات الاحتلال الإسرائيلية حينها لإغلاق كافة الطرقات المؤدية للأقصى لمنع وصول الفلسطينيين للموقع.

ما بعد الحريق
وعن الأجواء التي سادت في ضواحي مدينة القدس قال عبد الرحمن "انتشر الخبر بسرعة كبيرة بين سكان المخيم، وبدأ الأهالي بطرق الأبواب ليعلم بعضهم بعضا وللتحفيز على الهبة والمشاركة في الإخماد، لكننا تجمعنا عند مدخل المخيم بعد منعنا من التقدم أكثر واندلعت مواجهات امتدت لأيام".

بعد مرور يومين على الحريق تمكن عبد الرحمن من الوصول للمسجد، وكانت آثار الدمار التي ألحقها الحريق بالمصلى القبلي كبيرة، وقال عنها "أُفرغ المصلى من كافة المحتويات المحترقة.. جزء كبير من المنبر تحول لرماد وبقيت أجزاء أخرى منه شاهدة على تلك الجريمة"

أما المسنة المقدسية سارة النبالي فتذكر أن مجموعة من النساء اعتدن الصلاة في مسجد عمر الواقع في مقدمة المصلى القبلي قبل الحريق، لكنهن اضطررن للانتقال للصلاة في مصلى قبة الصخرة المشرفة بعده، حتى لا يتقدمن عن الإمام بسبب تراجع الصفوف إلى الخلف نتيجة النيران.

بعد إطفاء الحريق خلد المقدسيون إلى بيوتهم منهكين وخيّم الحزن على القدس فترة من الزمن، ونُظّمت المظاهرات واشتعلت المواجهات في المدينة وعدة محافظات أخرى. أما إسرائيل فبعدما ألقت شرطتها القبض على المتطرف روهان حكمت المحكمة بعدم أهليته العقلية وأحالته لمصحة عقلية ثم أبعدته إلى أستراليا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات