رغد صدام .. ما نسلم الدخيل إلا على الموت والرقاب


عنوان المقال أعلاه قول مأثور سطره التاريخ الأردني الماجد في انصع صفحات المجد الخالدة بالمروءة والشهامة وحماية الدخيل بالروح والمال والولد وتناقلته الأجيال فخرا وزهوا وإعجابا بقائله شيخ مشايخ الكرك في حينه الشيخ إسماعيل الشوفي المجالي حين جاءه الشيخ إبراهيم الضمور بعد اقتراب الجيش المصري من الكرك يستنجدة لحماية دخليه الشيخ قاسم الأحمد زعيم جبل نابلس في فلسطين وقائد ثورة جبل النار الذي واجه جيش إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا والي مصر بقوة ولكنه هزم واضطر بمن معه من رجال للجوء الى الكرك كدخلاء على أهلها فرد عليه الشيخ الشوفي بعد استماعه لحكاية الدخيل والاطلاع على مظلمته وجماعته بمقولته المشهورة " ما نسلم الدخيل الا على الموت و الرقاب " ورفض ان يسلم الدخيل مقابل أن يصبح أميرا من أمراء الدولة التركية فبحث الجيش التركي الغازي عن طريقة يرغمون فيها أهل الكرك على تسليم المطلوب الفلسطيني فلم يجدوا إلا اختطاف ولدي الشيخ إبراهيم الضمور ( سيد وعلي ) اللذين كانا يتدربان على الفروسية ويتفقدا المراعي في احد سهول الكرك وأرسل إبراهيم باشا رسالة أخرى إلى الشوفي يقول فيها سلم الدخيل و إلا احرقنا ولدي إبراهيم الضمور هنا أتي دور اتخاذ القرار الصعب من الشيخ إبراهيم وتحديد مصير أبناءه ويقال ان زوجته عليا دخلت على مجلس الرجال الذين كانوا يتباحثون وصاحت ( في الأولاد ولا في البلاد ) من هنا تم اتخاذ قرار القتال وتجمع أبناء عشائر الكرك الإبطال فأشاروا أن يدعوهم يدخلون الكرك ثم صدهم وهزيمتهم وبدأ أبناء الكــرك يرددون اهازيح ( ياشيخ حنا عزوتك ع الحرايق ودنا) في تلك الإثناء كان الدخيل معززّا مكرما رغم حالة الغليان التي كانت سائدة وطلب الشوفي من ابراهيم ان يسطر بيده رد أبناء الكرك على رسالة إبراهيم باشا فكتب ( إذا أردتم أن تحرقوا الأولاد فسوف نرسل إليكم القطران ) الأولاد بتعوضوا وعلى أبواب الكرك وفي محاولة أخيرة لتسليم الدخيل أشعل الجيش الغازي ناراً هائلة من القطران والحطب ثم أحرقوا احد أبناءه فانطلقت "عليا" ام الولدين بالزغاريد فاستشاط إبراهيم باشا غضبا ثم احرقوا الأخر أمام أعين الجميع ونجا الدخيل إلى مأمنه وبعد مطاردة مضنية القي القبض على الشوفي في معان ووصفوه بالمارق والمجرم كونه أوى وحمى عربيا من أبناء فلسطين ورحل بعدها إلى مدينة القدس ليعدم على أسوارها أمام الملا وقد علقت مشنقته على بوابة سوق البتراء.

هذه واحدة من شيم ومفاخر وعظمة الأردنيين نسوقها ليعرف الآخرين والأجيال اليافعة ماذا يعني الدخيل في عرفنا وعاداتنا وهنالك بالطبع عشرات القصص والحكايات المشابهة في كل محافظة ومدينة وقرية وبادية أردنية سطرها الشرفاء من أبناء العشائر والقبائل الأردنية بعزة أنفسهم وبطولاتهم المشهودة عبر التاريخ في حماية الدخيل والذود عنه بالمهج والأرواح.

مند سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 2003 تعيش رغد ابنة صدام الكبرى مع أولادها الخمسة في ضيافة الأردن برعاية ملكية خاصة لأسباب إنسانية بحتة كدخيلة على جلالة الملك عبد الله الثاني الذي دافع عن أسرة صدام حسين في مواقف كثيرة حيث لم یتعود الھاشميين إلا على نصرة المظلومين والوقوف بجانبھم والشعب الأردني بكل أطيافه ومشاربه يفهم ان رغد صدام " مستجيرة " وان قضية الاستجارة لها معاني ودلالات والتزامات كبيرة وعظيمة في حياتنا لا يمكن تجاوزها أو خرقها وان لجوء رغد صدام إلى الأردن مسألة لا علاقة لها بالقوانين والمواقف السياسية بل هي حالة سيادية وأخلاقية بحتة تمس وجدان الشعب الأردني الوفي الذي يحظى بقيادة هاشمية لا تتوانى في حماية وإغاثة الملهوف ومن يطلب الحماية وأن الأردنيين لا ينسون مواقف صدام حسين وفضائله ودعمه المالي الدائم للأردن في مراحل مفصلية صعبة وخطيرة عصفت بالبلاد.

يذكر انه في 2011 زار مسؤول أردني رفيع المستوى رغد صدام حسين في منزلها في عمان ونقل إليها رسالة ملكية مهمة بالتزامن مع أنباء تجديد الحكومة العراقية لطلب تسليمها وقد أكدت الرسالة الملكية أن جلالة الملك عبدالله الثاني قد أبلغ رغد أنها لها كل التقدير والاحترام والمساندة، وأنها يجب أن تعيش في عمان بكل أمان وأن الأردن لم يجعل لحظة واحدة من موضوع إقامتها في الأردن محل مفاوضات مع أي جهة كانت وأن إقامتها خط أحمر وأن من يرغب في إقامة علاقات ممتازة ومتينة مع الأردن فيفضل أن يكون بعيدًا عن موضوع وقد جاءت الرسالة الملكية في حينه كالبلسم الشافي لتطمئن السيدة رغد وعائلتها ولتؤكد أن الأردن يستطيع الوفاء بعهوده والتزاماته تجاه أسرة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في أي مكان وزمان.

ومنذ تلك الفترة العصيبة على طولها وبعد استشراء الحساسيات الطائفية التي عصفت بنسيج العراق العظيم تتناقل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية على فترات إخبار مسربة وغير رسمية عن طلب الحكومات العراقية المتعاقبة ( حكومة الجعفري والجلبي وعلاوي والمالكي والعبادي وعادل عبد المهدي وغيرهم ) من الأردن تسليم رغد صدام حسين على رأس قائمة مطلوبين تضم 60 مطلوب للأمن العراقي أرسلت للإنتربول الدولي وذلك لمحاكمتها عن عدة تهم ملفقة يشتم منها رائحة حسابات وتصفيات مذهبية مقيتة ورغم نفي الأردن تلقيه طلباً رسمياً من بغداد او الانتربول حتى الآن إلا انه وفي جميع الظروف والأحوال يرفض التعامل مع اي طلبات لتسليم رغد صدام للسلطات العراقية وقد حصلت منذ البداية على ضمانات شخصية وسياسية من الحكومة الأردنية بهذا الشأن خصوصا وأنها ملتزمة بأدب الضيافة ولم تخرج عن إطار ما هو مسموح به وفقا للقانون ولا تقوم بالتدخل بالشؤون السياسية أو النشاطات الإعلامية ولم تمارس أي عمل يضر بالعراق من الأردن ولا تريد الحكومة الأردنية أن يشكل هذا الموضوع غير المهم أزمة مستقبلية بين عمان وبغداد خاصة وأن الأردن هي الدولة العربية الأولى التي تدعم وحدة وسيادة العراق.

وفي وقت سابق هدد عضو البرلمان العراقي رزاق الحيدري الأردن في تصريح له بأن عمان " تلعب بالنار " وانه سيلحق بها الضرر إذا لم تلتزم بتطبيق بنود الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وإذا امتنعت عن التعاون في مسألة تسليم رغد ابنة الرئيس الراحل صدام حسين وقد لوحظ بشكل مستمر أن القوة البرلمانية المؤيدة لإيران هي التي تطالب وتضغط من أجل تسليم رغد صدام وقد تأكد بما لا يدع مجال للشك ان هناك يدا إيرانية تتحرك باتجاه إعادة تأزيم العلاقات بين بغداد وعمان بعدما برزت هذه اللغة من اللوبي الإيراني النافذ في معادلة حكومة العراق بالتزامن مع الإعلان عن قرب تدشين خطة لتشغيل الأنبوب الناقل للنفط بين الأردن والعراق والذي سيوفر كمية معقولة من احتياجات المملكة النفطية.

وفي تصريح للنائب في البرلمان العراقي والقيادي في التحالف الحاكم بالعراق" صادق اللبان قال إن رغد ابنة صدام مطلوبة للقضاء العراقي بتهم تتعلق بدعم الإرهاب والمشاركة في "جريمة سبايكر" وهي العملية التي قام بها تنظيم داعش حيث أعدم أكثر من 1700 جندي عراقي بعدما أسرهم من قاعدة سبايكر في محافظة صلاح الدين عقب اجتياحه لها عام 2014 وهي تهمة لم تثبت صحتها حتى الآن.

وأضاف أن نظام صدام استخدم المخابرات العراقية في تنفيذ عمليات الاغتيال ضد المطلوبين خارج العراق في حين أن الحكومة العراقية الحالية بإمكانها استخدام نفس السيناريو للإطاحة برغد ومطلوبين آخرين الا أن ذلك يعد جريمة من جرائم النظام السابق ولا يمكن القيام بأفعال كهذه خارجة عن القانون من قبل الحكومة العراقية الحالية وفقاً لقوله.

وقد كشفت مؤخرا عدة مصادر عراقية بان رئيس الوزراء العراقي الحالي عادل عبد المهدي يواجه ضغوطا سياسية من البرلمان تستهدف علاقات بلاده مع جارتها الأردن وإن عمان تتعرض أيضا لضغوط عراقية من خلال محاولات تمارسها بعض الكتل السياسية البرلمانية العراقية للزج بملف المطلوبين العراقيين ضمن ملفات العراق والأردن التجارية والاقتصادية من أجل تسليم عدد من المطلوبين وعلى رأسهم رغد صدام حسين والذي يعتبره الأردن عملية ابتزازا سياسية ومساس بالسيادة الأردنية لا يمكن الرضوخ له خاصة مع وجود نصف مليون عراقي في الأردن بينهم معارضون للعملية السياسية وللوجود الأمريكي في العراق لهذا يجب على الجميع احترام الخصوصية الأردنية قيادة وشعب وعدم إحراجه بتكرار هذا الطلب المرفوض من الاصل.

وبناء عليه فإننا نخاطب الإخوة العراقيين مسلمين سنه وشيعه عرب واكراد وتركمان وعشائر نواب وسياسيين انتم تعرفون معنى الدخالة والاستجارة وقد استجارة رغد بالأردن بمليكه وحكومته وشعبه وهي ليست مجرمة حرب أو إرهابية ولا هي قائدة سياسيه أو حزبية أو عسكرية ولم تؤذي أحدا وإلا لم قبلناها منذ البداية في بلدنا وهي أولا وأخيرا امرأة مكلومة بفقدانها لأهلها وعزوتها والمفروض ان نواسيها ونخفف عنها ولا نستقوي عليها كامرأة ضعيفة أين النخوة وأين الشهامة وأين الأصالة العربية عار ما بعده عار على كل العرب (إذا استسلموا لأي طلب وضيعوا رغد).

وأخيرا :

نفول رغد صدام حسين يا فارسة العرب أبتها المهرة العربية العراقية الأصلية ابنة ذاك الفارس الشجاع المغوار الذي ارهب الموت بشموخه وبريق عينيه وأرعب الجلادين بهيبته وصموده أنت ابنة وأخت كل الأردنيين وأنت عرضنا وشرفنا ودخيلتنا لا يمكن أن نسلمك ولا نريد( مساعدات ولا بترول والله دائما معنا ) وان في قصة البطولة للشيخ إسماعيل الشوفي المجالي والشيخ ابراهيم الضمور وزوجته عليا وجميع مناضلي أبناء الكرك الأشاوس الذين هبوا لحماية دخيلهم الفلسطيني الشيخ قاسم الأحمد ألف عبرة وعبرة لمن أراد إن يعمل عقله ويعتبر !

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات