عمان بلا أرصفة وساحات وخطوط مشاة


ما أزال منشغلا بهوية المدن وثقافتها، وكلما سافرت إلى مدينة بالعالم ووجدت الناس يقفون عند خطوط المشاة ليقطعوا الشوارع، ولا يفعلون ذلك من أي مكان آخر، وبذات الوقت يلتزم سائقو السيارات وحتى الدراجات بحقوق المشاة، فيقفون عند خطوط المشاة، أو عند الإشارات الضوئية المخصصة لهم، فلا يشكلون خطراً عليهم، ولا يشكل المشاة خطراً على السائقين.

كلما شاهدت ذلك سألت بحسرة لماذا لا يلتزم المشاة بالخطوط الخاصة بحركتهم في بلادنا، ولماذا لا يحترم السائقون هذه الخطوط، ولماذا لا توجد إشارات ضوئية عند خطوط المشاة ملزمة للجميع؟

خطوط المشاة والإشارات الضوئية الخاصة بمرورهم وتنقلهم ليست مكلفة مالياً، وحقيقة الأمر هناك خطوط مشاة في بعض الشوارع والتقاطعات لا يراها ولا يلتفت إليها أحد، لا المشاة ولا السائقون، وأضحك كلما رأيت السياح الأجانب في عمان ينتظرون عند خطوط المشاة فلا يتوقف لهم أحد.

إذا أردنا أن نغير هوية عمان ونضفي عليها لمسة إنسانية، ونعطي انطباعاً عن أهلها باحترامهم للقانون، فإن المطلوب المباشرة بخطة لاحترام خطوط المشاة.

هل المسألة معقدة وغير ممكنة؟ باعتقادي ليست مستحيلة ولكنها تحتاج إلى توفير البنية التحتية الصحيحة، مثل الإشارات الضوئية للمشاة، والخطوط الواضحة في أماكن متعددة ومتنوعة، ورفع العقوبات على من يخالف دون التراجع عنها.

في مدينة العقبة أمر لافت أن الناس تحترم نسبياً خطوط المشاة، فإن نجحت التجربة في العقبة، فإنه من الأكيد ستنجح في عمان وإربد والزرقاء، والمطلوب فرض مخالفات على المشاة وكذلك السائقين، وأن تتبنى إدارة السير حملة العام 2019-2020 لتحقيق هذه الخطوة مع أمانة عمان ومؤسسات المجتمع المدني.

انظروا إلى بعض العواصم التي طبقت القانون ونجحت مثل دبي، فالمواطنون والمقيمون يلتزمون بأنظمة السير، وهناك حملات توعية والعقوبات رادعة، ولا يجدي في دبي أن تذكر رجل السير أنه من عائلتك أو عشيرتك حتى يلغي المخالفة عنك!

ومن القضايا الملفتة في المدن وتعطيها روحاً والقاً وجود الأرصفة التي تسمح بحركة الناس وتنقلهم بيسر وراحة، وتكون متنفساً للجميع للجلوس والاسترخاء ومشاهدة حركة المجتمع وإيقاعه.

في عمان كما هي المدن الأردنية الأخرى تختفي الأرصفة وتتآكل يوماً بعد يوم، وعمان كانت سابقاً قبل عقود صديقة وتحترم الأرصفة أكثر، دققوا في أرصفة “جبل الحسين” واسعة وعريضة، اليوم حين تحتاج أمانة عمان توسعة الشارع تقضم الرصيف كخطوة أولى، فيضطر الناس للنزول والمشي بالشوارع.

الأرصفة في المدن ليست مساحات للتأمل والحياة فقط، بل هي متطلب أساسي إذا أردنا تشجيع الناس على المشي كوسيلة للوصول إلى أعمالهم ووجهاتهم بدل التنقل بالسيارات.

كلما سافر أي منا خارج الأردن وخاصة للدول غير العربية يمضي ساعات متنقلاً على قدميه ليس لأنه سائح ويكتشف المدن، وإنما لوجود أرصفة ونقل عام يشجعك على المسير والتنقل بكل أريحية ودون أخطار تهددك.

ما هو المطلوب من أمانة عمان لتعيد الاعتبار للأرصفة، وتكرار تجربة الشوارع المغلقة للمشاة فقط؟

النقطة الأخيرة التي تجذبني في المدن وجود الساحات التي تمثل نقطة استقطاب وتجمع للناس، وأتساءل لماذا تختفي الساحات في عمان، ألا يوجد مناطق مؤهلة نساعد على تشكيلها لتكون ساحات عامة مثل الساحة الهاشمية؟

ألا نستطيع تحويل بعض “الدواوير” لساحات عامة؟

ملاحظة أخيرة، لا تخافوا أن تصبح الساحات مكاناً للاحتجاج والتظاهر، فحتى لو حدث ذلك فإنه يصبح مزاراً سياحياً، فقط تذكروا ساحة “الهايد بارك” في لندن وعدد السياح الذين يحضرون لرؤية المحتجين وفنونهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات