التدخل الملكي لوقف استغلال الدواء والمتاجرة بإمراض الأردنيين


بداية ينبغي ان نؤكد بان معرفتنا بمليكنا عبد الله الثاني عن قرب تجعلنا نطمئن على مصير الوطن وأبنائه لأنه في الوقت المناسب قادر على التدخل بكل قوة لوقف الانحراف وإصلاح الخلل وأننا على يقين مطلق بان جلالته سيستمر في التدخل عند الضرورة لوضع الأمور على مسارها الصحيح وهو يبذل الجهود الكبيرة لتوفير الحياة الكريمة للمواطنين والارتقاء بمستوى معيشتهم وصحتهم وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهلهم .

بالأمس انفرجت أسارير الأردنيين بقرار جلالة الملك وتوجيهاته السامية للحكومة والمعنيين بالعمل الفوري على تخفيض أسعار الدواء بعدما وصلت مرحلة الاحتكار والاستغلال البشع والمتاجرة بإمراض وأوجاع الأردنيين حيث شكّل هذا التدخل انحيازا وانتصارا ملكيا حاسما للناس وحاجاتهم الصحية اليومية وإدانة مباشرة لأداء الحكومة وعدم الرضا عن سياساتها وعدم قناعة ملكية بما اتخذته من إجراءات سابقة تمثلت بتشكيل لجنة لإعادة النظر بأسعار الأدوية فضلا عن انكشاف سلطة ونفوذ مافيات الأدوية مقابل ضعف الإجراءات الحكومية لمعالجة هذه الأزمة التي تشكل مصيبة حقيقية مرعبة تضرب في عمق احتياجات الشعب الضرورية .

فليس غريبا ولا جديدا على جلالته مثل هذه المواقف وقد سبق له ان وجه الحكومة لإلغاء رفع الضريبة على الدواء بعدما فرضت حكومة هاني الملقي منتصف كانون الثاني من عام 2018 ضريبة بمقدار 6% على جميع الأدوية في الأردن وان التوجيهات السامية والمبادرات والمكرمات الملكية النبيلة أكثر من ان تعد او تحصى وهي في كل مرة تسجل موقفا رائعا ومتقدما لافتا ومحببا يستحق الإشادة والثناء حيث أصبح من عادة جلالته التدخل في الوقت المناسب و اتخاذ القرارات المفصلية الهامة وهو يقود البلاد بحكمته الثاقبة وكفاءته العالية .

وما التوجيهات الملكية الأخيرة بالعمل دون إبطاء على تخفيض أسعار الأدوية واعتباره أنه عندما يتعلق الأمر بصحة الأردنيين ودوائهم "ما في مجاملة " إلا صرخة وحرقة غضب وفزعة أصيلة ومستعجلة من لدن جلالته بعدما تأكد له يقينا بان أن وضع أسعار الأدوية حالياً غير سليم والمطلوب معالجة الخلل بشكل فوري وان ما يجري في سوق الدواء المحلي والتلاعب لواضح في بورصته السعرية فاق المعقول والممكن وأصبح ظاهرة خطيرة من الاعتداء المستمر والمتفاقم على حياة وحقوق المواطنين لإشباع نهم الجشع المفرط لدى بعض المستوردين والمصنعين على حد سواء دون مراعاة لواقع البلاد الاقتصادي وأوضاع المواطنين الصعبة وقد جاء تدخل الملك في اللحظة الحاسمة ومن حيث كان متوقعا رغم كل التبريرات التي قدمت لرفع الأسعار وهو سيد البلاد الذي يدري ويعي حجم ما يعانيه الناس من صعوبات وتحديات في الإنفاق على حاجاتهم اليومية ويدرك بأن الأدوية تعتبر من السلع الأساسية للمواطنين وتمس معيشتهم وحياتهم بشكل مباشر ما يتطلب توفيرها بالسوق المحلي بالسعر المناسب لمختلف شرائح المجتمع وان قرار جلالة الملك وبشكل دائم يعبر عن اهتمامه البالغ بصحة المواطنين وتلمسه لمطالبهم وقربه من همومهم وتطلعاتهم وقد شدد جلالة الملك في حديث مباشر لرئيس الوزراء د. عمر الرزاز ووزير الصحة ومدير عام مؤسسة الغذاء والدواء على ضرورة ان يتمكن المواطن الأردني المريض من تحمل نفقات شراء أدويته بعيدا عن المغالاة في أسعارها وضرورة تحقيق كفاءة الخدمة الصحية وشموليتها .

لقد حاولت جهات مختلفة فتح ملف أسعار الأدوية في الأردن وبعد سنوات من المطالبات والتي قادتها جمعية حماية المستهلك وأعضاء في مجلس النواب وبعض الشخصيات الوطنية والموظفين العمومين وخاصة بعد تكرار الفروقات الكبيرة للأسعار الفاحشة وغير المبررة مقارنة مع دول مجاورة ولذات المنتجات وزيادة أسعار الصنف الدوائي الواحد ما بين السوق الأردني وأسواق بلدان أُخرى بأكثر من 50%، إذ إن المنتجات الدوائية الأردنية تباع داخل الأردن بأسعار أعلى بكثير من أسعارها في الأسواق المصدرة إليها بعض الدول سواء في تركيا ومصر ويقال حتى في العراق وسورية أو بعض الدول الأجنبية وهذا الذي نقوله ليس من قبيل المبالغة بل من وقائع مشهودة بشكل يومي ولو لم يوجد تأمين صحي لدينا لما استطاع الكثيرون شراء الأدوية التي يحتاجونها لأنهم غير قادرين على شرائها بسبب ارتفاع أسعارها وان أسعار الأدوية في السوق المحلية لا تعكس سعرها الحقيقي .

وفي ظل عدم حرص واضح من قبل الحكومة بالاهتمام في تحقيق الأمن الدوائي بمفهومه العميق والشامل باعتباره أولوية وطنية ملحة لا بد من انجازها وإغفال المراجعات الدورية المستمرة لأسعار الأدوية واليات تحديدها وفقا للأصول والمعايير العالمية المتبعة والخلل والهدر الكبيرين في وصول الأدوية وتوزيعها وتخزينها وعدم القيام بمراقبة ومساءلة ومحاسبة أكثر صرامة ومع كل ذلك نتمنى على الحكومة إلغاء كافة أنواع الضرائب على كافة أنواع الدواء بما فيها ما يسمّى بالمكملات وغيرها ولا زالت الحكومة تفرض على بعض أنواع الأدوية وقطرات العيون ضريبة 16% باعتبارها مواد تجميليه مما يزيد السعر على المستهلك .

المسألة الدوائية من جوانبها كافة عندنا أضحت سرقة ممنهجة وجباية منظمة وغير مشروعة بحق المواطنين من خلال محتكري استيراد وتوزيع الأدوية والعلاجات الطبية وهنالك لعبة خفية تمارس في تسعير الأدوية تتم تحت الطاولة مع بعض المعنيين بأسعار الأدوية في الأردن لبقاء المعادلة المختلة وحالة الاحتكار الممزوج بالاستغلال في أيدي فئات وأشخاص محددين أصبحوا يشكلون عصابات ومافيات تجارية تتحكم بمقدارت البلد وتعيش وتتكسب على آلام الأردنيين وأوجاعهم و أمراضهم .

أبواب قلعة أسعار الأدوية في الأردن المحصنة والمحمية بقطعان الجشع والاستغلال وبعد التدخل الملكي الصارم يجب أن تفتح على مصراعيها وتحطم اقفالها وقد آن الأوان أن يعرف الأردنيون لماذا يدفعون ثمن ذات الدواء وذات العلامة التجارية للدواء أضعافا مضاعفة مقارنة بما يدفعه بقية الآخرين في دول العالم الاخرى ومن حق المواطن دافع الضرائب ومشتري الدواء من جيبه الخاص أن يعرف كيف يتم تسعير الأدوية التي يستوردها المحتكرون الحصريون وكم تتقاضى الحكومة من الضرائب و الجمارك و الرسوم عن مستورداتنا من الأدوية ومن الواضح ان هناك خلل في آلية التسعير لدينا وأن بعض أصحاب مستودعات الأدوية يفرضون الأسعار التي يريدونها وعندما يختفي أحد أصناف الأدوية من الصيدليات نسأل عن السبب فيقال لنا بأن المستودع الذي كان يستورده أوقف الاستيراد وعندما نسأل لماذا أوقف الاستيراد يكون الجواب بأن وزارة الصحة أو الجهة المسؤولة لم تقبل بالأسعار التي عرضها لهذا الصنف من الدواء فقد تبين بأن بعض ممن يستوردون الأدوية يفرضون الأسعار لتي يريدونها على وزارة الصحة وفي حال رفض الوزارة لهذه الأسعار يتوقفون عن استيراد الدواء وقد يكون هذا الدواء مهما جدا للمرضى ولا يوجد بديل له فتضطر الوزارة أو الجهة المسؤولة عن التسعير إلى الرضوخ لمطالبهم .

والأمر الأكثر إثارة وخطورة ما كشف عنه النائب خير أبو صعيليك رئيسُ لجنة الاقتصادِ والاستثمار النيابية خلال اجتماع اللجنةِ مع وزير الصحة سعد جابر عن قيامِ بعض شركات ومستودعاتِ الأدويةِ ببيع أصناف محددةٍ للصيادلةِ وفقَ نظام "البونص" وقال أبو صعيليك إن هذه الأدوية تباعُ ضمن عروض محددة للصيادلةِ بشراء 100 علبة منها ويحصلُ مقابَلها على 200 علبةٍ إضافية مجانية وهو أمر يعود بأرباحٍ مضاعفةٍ على الصيادلةِ على حسابِ جيبِ المواطنِ الأردني لهذا وغيره الكثير فاننا يؤيد مطالبة جمعية حماية المستهلك بإلغاء الضريبة المفروضة على الأدوية وفتح باب الاستيراد حتى لا تبقى مافيات محددة تتحكم بأسعار الدواء وتحتكره وبحسب بيانات رسمية فإن نسبة الأرباح التي تتقاضاها مستودعات الأدوية والصيدليات مرتفعة جداً في الأردن وتبلغ 45% من قيمة المنتج تضاف إليها ضريبة مبيعات بنسبة 4% وتخضع بعض العلاجات لضريبة بنسبة 16%.

ومن المؤسف جدا ان بعض الجهات الحكومية المعنية بمسالة الدواء بما فيها نقابة الصيادلة وبعض الحيتان والإخطبوطات التجارية قبل الأمر الملكي الحازم كانت تحاول التشكيك وفرض القناعات بعدم وجود ارتفاع كبير في سعر الدواء المحلي والمستورد في الأردن رغم الواقع المرير والمؤشرات الصادمة للفروقات الشاسعة في الأسعار ولا زلنا نذكر قول وزير الصحة سعد جابر خلال اجتماع ومنافشة لجنة الاقتصاد النيابية لمناقشة الية وأسعار الأدوية المعمول بها بانه قبل عشرة سنوات كان يوصي مرضاه بشراء الدواء من سوريا رغم ان الادوية في الاردن اصلية لكن سعرها اعلي من قدرة المواطن وان بعض الادوية في الاردن كان سعرها 60 دينار بين معادلة الدواء عند مقعدة ومتشابكة وخطيرة حيث تشكل مجموعة قوى ضاغطة ونفوذ موازي لبعض مافيات الدواء وهي تشن حملات مسعورة من التحريض والإساءة والتشكيك وإدارة الحملات المضادة لكل من يحاول المساس بمكانتها ومكتسباتها والاقتراب من ساحتها بداءا بمجلس النواب حين تصدى النائب خير ابو صعيليك لمعاجلة هذا الملف وهي السطوة ذاتها التي دفعت بزعامات تلك المافيات الدوائية لتحطيم وإقصاء كل مسؤول مخلص وأمين وشريف ووطني وغيور حاول الوقوف في وجههم وتحدي إرادتهم وكم يشرفنا ان نستذكر في هذا المقام وزير الصحة الراحل الدكتور عبد الرحيم ملحس عندما فتح ملف حيتان الادوية قبل اكثر من 20 عاما واضطر للاستقالة ولا ننسى لدكتور سمير القماز مدير مديرية مختبر الرقابة الدوائية السابق الذي تجرأ على فتح ملف اسعار الادوية عام 2003 فأحيل على التقاعد بالاكراه بالإضافة الى محاربتهم بكل صحفي وإعلامي انتقد أسعار الأدوية الظالمة .

وكم سيكون مرعب ومفجع في نفس المواطن مصداقية سر تناقله الناشطون بان الحيتان في قطاع الأدوية هم الذين أطاحوا بالوزير السابق غازي الزبن وإخرجوه من الحكومة في التعديل الأخير لأنه شكل لجنة لإعادة النظر في أسعار الدواء ومحاولته ضبط السوق ووقف احتكار استيراد الادوية من قبل جهات معينة حيث شكل الزبن قبل خمسة أيام من إقالته لجنة مكونة من ممثلين عن ثماني مؤسسات خاصة ورسمية من بينها جمعية حماية المستهلك وأصحاب المستودعات والصناعات الدوائية لدراسة ملف ارتفاع أسعار الأدوية التي تعادل في سعر بعضها 8 أضعاف الأسعار في الدول المجاورة .

الحكومة اليوم وبعد هذا الغضب الملكي المشروع مطالبة بالتحرك السريع للاستجابة للتوجيهات الملكية لمعاجلة هذا الخلل والتغول ووضح حد قانوني وتنظيمي وأخلاقي لجريمة استمرارية سرقة جيوب المواطنين والمتاجرة بأدويتهم وعلاجاتهم وصحتهم وبعد هذا الدعم الملكي القوي على الحكومة واذرعها التنفيذية والقضائية الضرب بيد من حديد على رقاب تلك المافيات والعصابات الدوائية التي رفضت بعنجهية أي تدخل حكومي او نيابي او شعبي او إعلامي للتاثير ولو قليلا في بورصة ومزاد أسعار الأدوية والمطلوب أكثر كسر شوكتها وتدمير قلاعها ووقف سطوتها وحماية المواطنين من توحشها بوضع خطة عاجلة لتخفيض الأسعار الدوائية بشكل يلمسه المواطن وفقا للتوجيهات والأوامر الملكية السامية .

اضاءة :
البنادول والبروفين كل ( 3 ) علب باقل من دينار واحد في لندن ولن ان اتطرق الى باقي اسعار الأدوية الفاحشة والضرورية للمرضى بالقياس مع الدول العربية والأجنبية القريبة والبعيدة .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات