رجم إبليس .. !!!!


أعادت صورة ظهر فيها د.باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي الأسبق إلى جانب ولي العهد السعودي في صلاة عيد الفطر منذ أيام، الجدل مجددا حول شخصية هذا الرجل الذي بدأ نجمه بالبزوغ أواخر التسعينات من القرن الماضي إثر تعيينه مستشارا اقتصاديا في رئاسة الوزراء، ثم مديرا للدائرة الاقتصادية في الديوان الملكي، ليقفز بعدها إلى الواجهة في عام 2001 عندما تولى حقيبة وزارة التخطيط في إحدى حكومات المهندس علي أبو الراغب، حيث بدأ على الفور في بث روح جديدة غير مألوفة في وزارة التخطيط أضحى معها الطابق الخامس من الوزارة خلية عمل لا تهدأ حتى الساعات الأخيرة من الليل، يومها كانت الوزارة على وشك إطلاق المرحلة الثانية من برنامج حزمة الأمان الإجتماعي وهو مبادرة حكومية هدفت لمعالجة الفقر والبطالة، فما كان من الوزير الجديد الذي كان متحمساً للتغيير ولإحداث أثر ملموس وسريع ينعكس إيجابا على مستوى معيشة المواطنين، إلا أن قام وعلى عجل بإطلاق برنامج بديل هو "برنامج تعزيز الإنتاجية الإقتصادية والإجتماعية" - ما زال مستمراً حتى اليوم- تحقيقاً الهدف المنشود يركز على زيادة الإنتاجية والتمكين بدلا من البرنامج السابق الذي كان ذا تركيز أكبر على تحسين البنى التحتية المادية والإجتماعية.

لم يهدأ الوزير طيلة فترة توليه مهام منصبه، فقد عمل في الديوان الملكي الهاشمي وكان على مقربة من جلالة الملك وكان يدرك مدى إهتمام جلالته بتحسين مستوى معيشة المواطنين وكان يلحظ مدى إحباطه وخيبة أمله من المبادرات الحكومية السابقة في هذا المجال، لذا عكف عوض الله على إطلاق المبادرة تلو الأخرى لتغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي المحبط، فجاءت مبادرة "برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي" وهي مبادرة كبرى سعت إلى التركيز على الاستثمار في الاصلاحات والسياسات والبرامج التي كانت موضع إجماع وطني في ذلك الحين وقد بلغ حجم الاستثمارات والمشاريع التي نفذت ضمن ذلك البرنامج ما يزيد عن 500 مليون دينار.

لم يكن باسم عوض الله مجرد وزير عادي في حكومة عابرة، فالمميزات والقدرات الشخصية اللافتة والكاريزما الطاغية إضافة إلى الدعم الكبير من الديوان الملكي المؤسسة التي إنطلق منها وبقيت تمثل المرجعية الاولى والاخيرة له، جعلته رجل المرحلة والمحرك الرئيسي فيها، بحيث غدا التقرب منه هدفاً غاليا وعزيزا للكثيرين، مما أثار حفيظة وحنق وغيرة جهات نافذة في مفاصل الدولة وخاصة العميقة منها، دفعتها غريزة حب البقاء والمحافظة على النفوذ إلى تنفيذ حملة شعواء لحرق الرجل وتشويه سمعته، نجحت نجاحا باهرا في غسل أذهان الكثير من العامة وعددا لا يستهان به من خاصتهم، بحيث غدا باسم عوض الله الأبرز من رموز الفساد والمسؤول عن هدر موارد الدولة والتفريط بأصولها وبيعها بأثمان بخسة، ومنفذاً لسياسات ومؤامرات خارجية إستهدفت تفكيك الدولة وإغراقها في دوامة من الديون لا فكاك منها.

لسنا معنيين في هذه العجالة بالدفاع عن أي كان، ولا في بيان مدى صوابية البرامج والتوجهات التي عمل عوض الله على تنفيذها خلال سنوات وجوده في موقع المسؤولية، فقد قيل في ذلك الكثير، فالعمل على تشويه صورة الرجل من خلال الزعم بأنه استطاع أن يقود البلد نحو الهاوية، فيه إساءة كبيرة للوطن ومؤسساته ورجالاته، فكيف لرجل واحد مهما بلغت قدراته وامكانياته أن يخدع بلدا بأكمله ويقوده معصوب العينين نحو الهلاك، كيف لفرد واحد أن يقوم بعملية تدمير منهجي لوطن بأكمله ولا يترك وراءه دليلا واحدا يدخله السجن ولو ليلة واحدة، كيف يستقيم الزعم بأن هذا "الخارق" يقف خلف كافة مصائب الوطن، في الوقت الذي لم تتجاوز مديونية الاردن في عهد آخر حكومة خدم فيها (8) مليار دينار، وها هي اليوم تتجاوز حاجز (25) مليار دينار.

لقد أظهر الرجل خلال مختلف مراحل عمله تصميماً كبيرا على تحقيق أهداف البرامج والمشاريع التي اقترحها، فعمل بجد ومثابرة على تنفيذها وأتعب وأرهق من ساقه حظه "العاثر" للعمل معه، ولكنه وقع في فخ إستعجال النتائج وحرق المراحل، وقاده الإصرار على تحقيق نتائج سريعة إلى قطف الثمار قبل أوانها مما أثر سلباً في كثير من الحالات على النتائج والمخرجات.

لقد تمتع الرجل بقدر كبير من المصداقية والثبات على المبادئ، فلم يكن يوماً معارضاً بدل جلده طمعاً في منصب أو مغنم، ولم ينقلب معارضاً فور خسارة المنصب والموقع والنفوذ، بدأ موالياً شديد الموالاة واستمر كذلك برغم تغير الظروف والأحوال، نجح خصومه في حرقه شعبياً لدى فئات واسعة من المواطنين، ولكنه بقي حاضراً ملء السمع والبصر، واختفوا هم في غياهب النسيان، ولكنهم نجحوا برغم أفولهم في شيطنته، وجعله رمزا للشر والفساد، على كل ساع للشهرة أو الشعبية الزائفة الرخيصة أن يرجمه صبح مساء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات