ماذا يريد الرئيس من التعديل؟


بالرغم من ضعف الاهتمام الشعبي بما يجري على الساحة السياسية وانشغال الناس في معالجة مشكلاتهم وأزماتهم الاقتصادية التي أصبحت قدرا لا ينجو منه إلا القليل من الأفراد والأسر ممن ارتبط اقتصادهم بالكومسيونات أو التحويلات المالية التي يتلقونها من الخارج إلا أن هناك من يسأل عن طبيعة وأسباب وغايات ما يجري على الساحة السياسية والدوافع الكامنة وراء تشكيل الحكومات وأسس اخنيار الأعضاء والعوامل التي تؤدي إلى اختيار أو استبعاد بعض الأعضاء واستبدالهم من خلال مراسيم ما أصبح يطلق عليه التعديل الوزاري.

الدكتور الرزاز أجرى تعديله الثالث على الحكومة التي لم تستكمل عامها الأول . عدد غير قليل من الوزراء بدؤوا وأنهوا خدماتهم في الحكومة قبل أن يشهدوا أو يباشروا في صياغة العقد الاجتماعي الذي قال الرئيس بأنه سيعمل عليه. أكثر من عشرة أشهر مضت من عمر الحكومة قبل أن تبلور برنامج النهوض الوطني الذي تضمنه كتاب التكليف ووعدت الملك والمواطن بصياغته.

الأردنيون بانتظار خطة الرئيس للوصول إلى الدولة الديمقراطية القوية التي يسودها القانون , والاقتصاد المعافى القادر على توليد فرص العمل وجذب الاستثمار, والجميع يرقب البرنامج الحكومي لمجتمع التكافل الذي يدفع فيه الأغنياء الضرائب ويتلقى فيها المواطن خدمات نوعية تتناسب وحجم ما يدفعه الناس من ضرائب ويحتاج له المواطن من خدمات.

حتى اليوم لم ير الناس ما في جعبة الحكومة من برامج لبناء الدولة القوية التي يسودها القانون وإلى خطط عملية تحقق الشعور بالمساواة وتعزيز الامتثال للقوانين ووقف التعديات على المال العام واحترام سيادة القانون والحد من الجريمة وتعزيز إجراءات إنفاذ القوانين ووقف انتشار المخدرات والحد من استخدام الأسلحة النارية وحوادث التعدي على رجال الأمن العام والأطباء والمعلمين ووقف كافة اشكال الممارسات التي تهدد الأمن والسلم المجتمعي.

باستثناء الجهد الذي بذله الرئيس بمساندة الأجهزة لتمرير قانون ضريبة الدخل وقوائم رفع الأسعار، ما يزال المسار الاقتصادي متعثرا . فالقطاعات الانتاجية والاقتصادية تعاني من مشكلات مزمنة أدت إلى إغلاق مئات الشركات وهجرة أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين وتفاقم أزمة البطالة وتنامي حركات الاحتجاج للمتعطلين.

على الصعيد الخدمي تعاني البنى التحتية من تدهور كبير فما يزال الخط الصحراوي كابوسا يحصد أرواح المئات بالرغم من الوعود المتجددة للحكومة التي قالت إنها وفرت له التمويل وما تزال العاصمة والمدن الكبرى تتطلع إلى نظم مواصلات عمومية تحد من الاكتظاظ والازمات التي لم يعد بمقدور الناس احتمالها. وكما في النقل تعاني المرافق الصحية والتعليمية والهيئات الثقافية والشبابية من نقص في الموارد وانحسار للتمويل الذي انعكس على نوعية ومستوى الخدمات التي تقدمها.

الأصل أن يكون لدى الحكومات خطط وبرامج يعمل على تنفيذها فرق ضمن اطر زمنية . في ضوء المراجعات الدورية والتقييم لمستويات الاداء يمكن ان تعدل الحكومات خططها وبرامجها او تغير القائمين على تنفيذ الخطط والبرامج واستبدالهم بأشخاص اكثر تأهيلا وملاءمة للتنفيذ من الاشخاص الذين أداروا القطاعات والمجالات التي شهدت تأخرا أو تراجعا في الانجاز.

في غياب برنامج حكومي واضح يحمل اهدافا محددة يسعى الفريق الحكومي إلى تحقيقها ضمن اطار زمني محدد فإن التعديلات التي تجري على الحكومات لا تعدو عمليات تجميلية تُجرى لتلبية رغبات أو للتخلص من اشخاص لا يرتاح لهم رئيس الفريق او لاستقدام آخرين مقربين .

التعديل الأخير للحكومة بدا محيرا وبلا ملامح ففيه الحداثي والتقليدي الشباب والكهول المجربون وغير المعروفين ولا يمكن أن تجد إطارا تفسيريا يساعد على فهم الاسباب التي أدت إلى الاختيار للاعضاء الجدد او لاستبعاد من تم إعفاؤهم من مواقعهم.

بدون وجود خطط عمل وبرامج ومعايير اداء وتقييم يمكن ان يظلم البعض ويساء لمسيرتهم ليس لسبب بل لأن الكيمياء البشرية لم تكن متوفرة بينهم وبين صناع القرار.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات