الأوراق النقاشية الملكية خطة عمل حكومية


قبل رمضان تبدو صورة المشهد الداخلي غير واضحة، فهناك من يرى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حتى وإن كانت محدودة فقد أسهمت في تهدئة الشارع.

وجهات نظر أخرى ترى أن الشارع سيشهد حراكا في رمضان، ويرون أن أجواء رمضان تساعد على تنظيم صفوف الناس، إضافة إلى أن الأزمة الاقتصادية مستمرة ولم تشهد انفراجات، وخطط وإجراءات الحكومة لم تحقق غاياتها وتحتاج إلى وقت.

حتى الآن هناك تحسب من الأيام القادمة، وتستنفر الجهود لبناء سيناريوهات للتعامل مع المشهد لاحتوائه، وعدم السماح له بالتطور والتفاقم كما حدث مع حكومة هاني الملقي، وهناك من يطرح في الغرف المغلقة تصوراً لإجراءات يُعتقد أنها تخفف من الاحتقانات، وتُبعد أنظار الناس عن اللجوء للشارع.

على وقع هذه المخاوف فإن حديث التعديل الوزاري في الأغلب سيؤجَّل ويُرحَّل إلى ما بعد رمضان أو عيد الفطر، وإن وقع تصعيد غير متوقع فإن التعديل الحكومي ربما يكون حاضرا باعتباره استحقاقا يرضي بعض الأصوات الغاضبة من الحكومة، أو يقدم على أنه استجابة لمطالب شعبية، والثمن التعجيل برحيل وإقالة وزراء من الحكومة.

المؤشرات حتى الآن تُظهر أن رئيس الحكومة يتمتع بالثقة، وكل يوم يُكرس قوته أكثر، وأولويته أن يجد حلولاً عاجلة للتشغيل والمتعطلين عن العمل.

لم يُغلق الرئيس الرزاز الباب امام التعديل الوزاري، ولا يعرف الوزراء حتى الآن إن كانوا سيبقون بالفريق الوزاري أم سيُستبعدون في المرحلة القادمة، ولا يُعرف هوية التعديل اقتصادية أم سياسية؟

ملف الإصلاح السياسي حتى الآن مؤجل أو مُرحَّل للأشهر القادمة، فقانون الانتخاب الاقتراب منه يحتاج تفاهمات أكبر وأوسع من الحكومة، ويتطلب توافقات مع المؤسسات السيادية على حدود تعديل هذا القانون، وتحرص مرجعيات الدولة على ألا يُفهم تعديل قانون الانتخاب في سياق المتغيرات السياسية في الإقليم، وهواجس “صفقة القرن”، ولذلك فإن “فيتو” قويا وُضع وطالب بإرجاء أي حديث عن القانون لفترة لاحقة، وأكثر من ذلك فإن هناك من يرى أن التعديل سيكون محدودا جداً، ومحصورا بتخفيض سن المرشح إلى 25 عاماً، واحتمالات تخفيض عدد المقاعد الكلي للبرلمان، والإبقاء على القائمة النسبية أكيد، وقد يُضاف لها قائمة وطنية .

قانون اللامركزية سيكون على نار التعديل، ووزارة الشؤون السياسية والبرلمانية أنضجت تصورات وخريطة طريق لتجاوز عثرات التجربة الأولى، والأرجح ألا ينتهي الصيف دون إقرار تعديل لهذا القانون.

إذن مساحة المناورة للتحرك في الإصلاح السياسي محدودة داخل الحكومة، وبعض الوزراء يسأل حين تناقشه في أهمية الإصلاح السياسي كخطوة مهمة للاستجابة لمطالب الناس وأصوات المحتجين ما هو الإصلاح المطلوب؟!
فكرة مهمة نوقشت داخل الفريق الوزاري بتحويل الأوراق النقاشية لجلالة الملك إلى خطة عمل تنفيذية، والسؤال المطروح ما هو المطلوب، وكيف؟

هذا يتطلب حصر الإشكاليات التي طرحتها الأوراق النقاشية، فمثلاً سيادة القانون، ما هي التحديات والمعيقات لإنفاذه، هل يحتاج الأمر لتعديلات تشريعية، أم أن الأمر مرتبط بالسياسات والممارسات.. وما هي؟

وعلى ذات المنوال تناقش الإشكالات التي تطرحها الأوراق الملكية قضايا مثل تفشي “الواسطة”، وعدم احترام مبدأ المواطَنة، ومواضيع أخرى لا تقل أهمية نتحدث عنها، وتتغنى بها الحكومات ولا تجد طريقها للتطبيق.

خطوة من هذا النوع ربما تحقق انفراجاً، وتفتح باباً للإصلاح السياسي والمؤسسي يسد المنافذ على “تعيينات تتسم بالمحسوبية”، وتتجاوز على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.

تحتاج حكومة الرزاز إلى مبادرات خلاقة لتخرج من عنق الزجاجة، فالمعالجات الاقتصادية لملفات مزمنة ضرورية، غير أنها لن ترى النور بين ليلة وضحاها، ولكن أن يسود القانون فوق الجميع يحتاج إرادة سياسية حازمة، ومساءلة كل من يخرقه كائناً من كان، وهذا يحقق أثراً ويعطي أملاً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات