ترامب يعرض حياة النائبة المسلمة إلهان عمر للخطر


بكلمات لا تليق برئيس دولة ولا حتى بقطاع الطرق المجرمين ثقيلة ألفاظها وجارحة ومبتذلة ومهينة لهجتها حاقدة ومحرضة وخطيرة تفوح من ثناياها رائحة العنصرية والكراهية والاستهداف للنائبة الأمريكية السمراء المسلمة المحجبة في الكونغرس الأمريكي إلهان عمر العربية الأصل والصومالية المولد من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنظمات اللوبي الصهيوني وعلى رأسها لجنة العلاقات العامة الأمريكية- الإسرائيلية (آيباك) وبتصاعد كبير أصبح يعرض سمعتها وحياتها للخطر لكونها تملك ضميرا وطنيا حيا وتقف الى جانب قضايا العدالة والحق وتحدثها بصورة علنية وواضحة عن نفوذ اللوبي الصهيوني في شراء مواقف بعض المشرعين والسياسيين والضغط السلبي الذي يمارسونه على حرية الرأي العام الأمريكي خاصة فيما يتعلق بانتقاد إسرائيل ومناصرة دعوات مقاطعتها وفضح جرائمها وممارساتها العدوانية أو الحديث عن المال السياسي الأسود الذي يوظف لخدمة مصالحها بطريقة او بأخرى للدفاع عن سياساتها الإرهابية الظالمة .

من هنا أصبحت النائب إلهان عمر فريسة في فم الوحش وعلى فوهة البركان ولا بد من شيطنتها واستعدائها وشن حملة شرسة ضدها واتهامها بمعاداة السامية التي ارتكبت اسرائيل باسمها أبشع الفظائع على امتداد التاريخ ومن غير المقبول ألَّا يتحرك الشرفاء لإدانتها وهي تستعمل ذلك السلاح التاريخي المكذوب بقوة لتكميم الأفواه واغتيال الشخصيات التي تقف في وجه تغول ونفوذ الصهيونية داخل النظام التشريعي والرئاسي الأمريكي بأي وبشجاعة نادرة ومسؤولية حاضرة وإيمان راسخ نشرت النائبة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا إلهان عمر تغريدات عبر موقع تويتر حول الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال الإسرائيلي وقالت إن الانحياز في الكونغرس لإسرائيل ناجم عن الدعم المالي الذي يقدمه اللوبي لأعضائه وأن أنصار إسرائيل في الكونغرس يدينون بالولاء لبلد أجنبي تقصد إسرائيل وفي وقت سابق أعادت نشر تغريدة للصحفي غلين غرينوالد يقول فيها من المذهل كم الوقت الذي يقضيه الزعماء السياسيون الأمريكيون في الدفاع عن دولة أجنبية (إسرائيل) حتى لو كان ذلك يعني مهاجمة حرية التعبير .

ومما يثير الاستغراب في التعاطي مع مجريات الإحداث دخول أعرق مؤسسات الحكم في أمريكا على خط الجدل ممثلة بالرئيس ترامب الذي هاجمها بقسوة بالغة وألفاظ سوقية نابية ونعوت خارجة عن سياق الأدب والتهذيب حيث قال في تصريحات صحفية أدلى بها وهو على متن الطائرة متّجهاً إلى ولاية تكساس أرى أن عليها أن تخجل من نفسها لقد كانت تصريحاًتها سيئة للغاية وهي وقاحة وقال أيضا عار على الديمقراطيين في مجلس النواب ألَّا يتخذوا موقفاً أكثر حزماً ضد معاداة السامية بعدما خرجت عمر عن سيطرة رئيسة المجلس وطالبها بتقديم اعتذار فوري وقد اصطف عدد من النواب الجمهوريون ومعهم قسم من النواب الديمقراطيين خصوصاً اليهود إضافة إلى عدد من الجمعيات اليهودية إلى جانب ترامب وصنفوا كلامها في خانة "معاداة السامية" والتعرض لليهود الأمريكيين بما لهم من نفوذ سياسي قوي ومؤثر وفد طالبوا بعزلها من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب وطرحوا مشروع قرار ينطوي بشكل غير مباشر على توبيخ النائبة ومعاقبتها مع أنها استجابت لمطالبات زملائها من الحزب الديمقراطي واضطرّت مكرهة بعد الهجوم الواسع عليها للاعتذار بشكل صريح مرتين عما يمكن أن يكون قد فُهم بأنه عداء للسامية مؤكدة أن تصريحها جاء ضد اللوبي وليس ضد اليهود وفي تغريدة أخرى لها قالت ان جرائم العنف وغيرها من أعمال الكراهية من جانب المتطرفين اليمينيين والقوميين البيض في ازدياد في بلدنا وجميع أنحاء العالم حيث لم يعد بإمكاننا تجاهل التشجيع الذي يتلقاه هؤلاء من جانب من يشغلون المنصب الأعلى في البلاد .

ورغم ان ما قالته إلهان عمر ليس بجديد ولا غريب ويقع في قلب حرية الرأي التي كفلها الدستور الأمريكي لكل مواطن بانتقاد أي شيء في البلاد وقد قيل من قبل الكثير غيرها من الصحفيين والمفكرين والسياسيين ولكن لكونه صادر عن نائبة عربية ومسلمة ومرتبط بإسرائيل فهو أصبح معاد للسامية ومحرض على الكراهية ويحمل كل الصفات السلبية في الكون ومحرم وفيه تجاوز لكل الخطوط الحمراء بهدف إسكات أي انتقاد لإسرائيل أو لدور اللوبي الصهيوني المتغلغل في واشنطن والذي يعتبر مجرد الحديث عن نفوذه في المؤسسات الأمريكية خطاً أحمر ورغم إن إلهان عمر لم تنادِي بالقمع أو التمييز ضد اليهود في أي مكان في العالم ومن ضمن ذلك إسرائيل ومع ضخامة الهجمة الشرسة والمنظمة التي تعرضت لها إلا أنها استطاعت ترسيخ نفسها كقائدة أخلاقية في حزبها حيث دافعت عن حقوق الإنسان العالمية والمساواة للشعب الفلسطيني وفي الحقيقة لا أحد يحق له نعت العرب بأنهم معادون للسامية لأنهم أصلا من نسل سام بن نوح ومن المعلوم أن كل من ينتقد دولة الاحتلال من غير اليهود هو معادٍ للسامية واليهودي الذي ينتقدها أيضا يوصف بأنه يهودياً كارهاً لنفسه وقد وصموا البروفيسور أيلان پاپيه والكاتب الشهير توماس فريدمان بهذه التهمة ولا يفوتنا الإشارة لما حصل لزعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربن مؤخرا .

و في آخر هجوم لترامب على الهان عمر في 12 نيسان 2019 نشر مقطع فيديو لها وهي تلقي كلمة عن معاملة المسلمين بعد هجمات 11 أيلول 2001 وأرفقها بصور لمركز التجارة العالمي وهو يحترق وعقَّب على الفيديو بتعليق " لن ننسى أبد " وفي مقطع فيديو آخر قال فيه ترامب ساخرا "شكر خاص للنائبة عمر من مينيسوتا أوه نسيت هي غير معجبة بإسرائيل نسيت أنا آسف جدا لا هي ليست معجبة بإسرائيل ردت النائبة الأميركية المسلمة إلهان عمر على هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليها بحديث نبوي كتبته باللغتين العربية والإنجليزية وغردت عمر على صفحتها بموقع تويتر "رب اغفِر لِقومي فأنهم لاَ يعلَمون" وذلك في ردها على هجوم ترامب عليها خلال حضوره تجمعا للجمهوريين اليهود وانتقده ديمقراطيون بارزون بينهم الطامحان للترشح للرئاسة بيرني ساندرز وإليزابيث وارين تغريدة ترامب وقالوا إنه يحرض على العنصرية والعنف تجاه عمر بالتسجيل المصور ودعت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي ترامب لحذف التغريدات ومقاطع الفيديو التحريضية ضد النائبة إلهان عمر والتي بدورها ردت على تغريدات ترامب قائلة إنها لم تترشح للكونغرس لتبقى صامتة وإنها سئمت من اعتبار المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية ولا أحد يستطيع أن يهدد حبها "غير المشروط للولايات المتحدة " وسبق لإلهان ان صوتت لصالح القرار الذي يدين معاداة السامية باعتبارها تعبيرا بغيضا عن التعصّب المناقض للقيم والتطلعات التي تميّز الشعب الأميركي ويدين أوجه التمييز ضد المسلمين والتعصب ضد أي أقليةوقد جدد ترامب حقده وعنصريتة نحوها وتربصه بها واتهمها بأنها خرجت عن سيطرت رئيسة مجلس النواب وهي التي تمثل صوتاً جديداً معارضاً في الكونغرس وهو الذي لم يتعود أن تقوم امرأة سوداء مسلمة ومحجبة تمثل مجموعة من الأقليات بتحدي سياساته اتجاه المهاجرين خاصة بعدما وصفت واحدة من تغريداته بأنها الأفظع في التحريض المباشر على العنف ضد النائبة وضد المسلمين لأن ترامب يتبنى رسمياً المقولة الخاطئة التي تربط الإسلام والمسلمين بأحداث 11 سبتمبر حيث استطاع أن يشرعن الإسلاموفوبيا وأعطى للمتطرفين الضوء الأخضر للتحريض ضد المسلمين وصرح أنه شيء قانوني أن ينظر إليهم على أنهم أعداء وخصوم للثقافة والقانون الأميركيين وكان قد نشب شجارا بين ممثلين حزبيين جمهوريين وديمقراطيين نجم عنه إصابة نائب ديمقراطي في ولاية غرب فرجينيا يدعى مايك كابوتو على خلفية وصف إلهان عمر أولِ نائبة مسلمة محجبة في مجلس النواب الأميركي بأنها إرهابية .

وسبق ان تعرضت الهان عمر لهجوم أطلقه قس امريكي محافظ قال فيه إن الكونغرس تحول إلى " جمهورية إسلامية " واتهمها عدد من نواب الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب بالتهوين من هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول اثناء حديثها في مؤتمر حول الحقوق المدنية ودور المسلمين بأميركا والنمو السياسي لهم حين أخرج كلامها بصورة واضحة من سياقه وأضيف إلى الفيديو المرفق بتغريدة ترامب من أجل إثارة المشاعر المعادية للمسلمين وقد خالف العديد من الزعماء والنشطاء والجماعات الدينية بما فيها اليهودية والمسيحية ترامب وآيباك الرأي وهم يعتبرون ان حملات التشويه التي تستهدفها ممنهجة لإسكات الأصوات الناقدة لإسرائيل وسياسات ترامب المثيرة للجدل وإنهم يرون فيها قائدة تشريعية قديرة وصادقة وواضحة تتسم بالعقلانية والحكمة وتتحدى منطق الرعونة والعنصرية الدينية والكراهية الإنسانية بالقوة والشجاعة .

أن انتقادات اللوبي الإسرائيلي واليمينيين في أمريكا لالهان عادية ومتوقعة وقد شهدت الساحة الأمريكية انقساماً بين المكونات السياسية والاجتماعية واجتاحت العالم الإسلامي موجة من التعاطف والدعم للنائبة المسلمة انعكست في وسائل التواصل الاجتماعي حيث دشنوا وسما حول العالم للدفاع عنها تخت اسم "#standwithilhan"إلا أن ما أثار استغراب المراقبين هو وقوف قطاع عريض من النشطاء التابعين والصحفيين من أصحاب الأقلام المأجورة والشخصيات الاجتماعية الموجهة في بعض الدول العربية ضدها والشماتة بها وتشويه صورتها بعد أن قدمت اعتذاراً عن سوء الفهم الذي قد يكون لحق بتصريحاتها واتهامها بأنها عضو سري في جماعة الإخوان المسلمين ووصفها بأبشع النعوت مع انتشار ظاهرة التصهين العربي بوقاحة مفضوحة .

وبسبب ما اعتبر تصرفات مثيرة للاشمئزاز ومخزية حيال العضوة المسلمة إلهان عمر ونتيجة تغريدات ترامب والتحريض بالعنف ضدها تلقت عدد كبير من التهديدات بالقتل وقد اعتقل شخص يدعى باتريك كارلينيو من نيويورك ووجهت له تهمة التهديد بمهاجمة ومحاولة قتل النائبة إلهان عمر حيث تحدث هاتفيا مع أحد مساعديها وسأله هل تعمل لصالح الإخوان المسلمين لماذا تعمل لحسابهم إنها إرهابية سأطلق رصاصة على جمجمتها كما تلقت تهديد أخر بمنعها من حضور مؤتمر بمدينة لوس أنجلوس حول الحقوق المدنية الأميركية للمسلمين وأظهرت تسجيلات صوتية أن الفندق المخصص لانعقاد المؤتمر تلقى تهديدا عبر مكالمة هاتفية من سيدة مجهولة توعدت بنسف الفندق إذا استضاف إلهان عمر لأنها تشكل خطرا على المجتمع الأميركي .

وتعود أصول إلهان عمر 36 عام إلى الصومال وكانت قد هربت من الحرب الأهلية في البلاد عندما كان عمرها ثماني سنوات وعاشت في مخيم للاجئين في كينيا مع أسرتها ووصلت إلى الولايات المتحدة عام 1997و في تشرين الثاني 2018 فازت إلهان المسلمة من ولاية مينيسوتا بعضوية مجلس النواب الأميركي وتعتبر أول امرأة ترتدي الحجاب في الكونغرس وهي مؤيدة قوية لسياسات الهجرة .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات