السيدة والأمير


اكتسبت سيدة نيوزلندا،رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن شهرة عالمية لامثيل لها. حدث إرهابي بشع أظهر أعظم صفات القيادة لدى هذه الشابة المتواضعة. صدى موقفها المنحاز للضحايا ولقيم الإنسانية تردد في أرجاء العالم المليء بالكراهية والتطرف. لكنها بقيادتها الفذة تمكنت من كسب معركة عالمية، وضعت بلادها وشعبها في مصاف الدول الكبرى.

كان الأمير الحسن بن طلال الذي زار نيوزلندا مندوبا عن جلالة الملك محقا في قوله إن طريقة تعامل الشعب النيوزلندي مع الهجوم وما أبداه من تعاطف وتفهم أظهر أن هذه البلاد جزيرة من تعقل وصفاء وهدوء،واصفا شعب نيوزلندا بمواطني المستقبل.

الأردن ممثلا بمندوب الملك،الأمير الحسن كان هناك في الزمان والمكان الصحيحين، حيث ينبغي أن يكون الجميع.

في غضون ساعات قليلة بعد الجريمة البشعة، نجحت رئيسة الوزراء النيوزلندية باحتواء موجة الكراهية ودحرها، ليس على مستوى بلادها إنما على النطاق العالمي. وبعد أيام فقط انهالت عليها الترشيحات لنيل جائزة نوبل للسلام.

في العالمين العربي والإسلامي حيث الغضب والحزن على شهداء الإرهاب، حدث تحول ملموس في مزاج ومواقف الرأي العام بفضل سلوك أرديرن وانحيازها الكلي لمعاناة المسلمين جراء المجزرة الرهيبة.

الأكيد أن أرديرن استندت في موقفها لثقافة متجذرة في مجتمعها، لكن في دول ومجتمعات مماثلة كان السلوك الخاطئ من القادة كفيل ببعث أسوأ ما لدى الشعوب من مفاهيم ومخزون ثقافي. رئيسة الوزراء أدارت دفة الأمور على نحو لايسمح لثقافة الكراهية بأن تسود في النقاش العام، أو تحكم مزاج الرأي العام. أظهرت احتقارا فريدا من نوعه للإرهابي مرتكب المجزرة عندما رفضت نطق اسمه، ووقفت إلى جانب عائلات الضحايا دون أن يستطيع احد أن يميزها عنهم في اللباس والمشاعر والغضب، فمضى خلفها مئات الآلاف من مواطنيها ليشاركوا أبناء الأقلية المسلمة في نيوزلندا حزنهم وغضبهم،والأهم احترامهم النبيل لقيم العيش المشترك والتنوع الديني والثقافي.

الأردن الذي خسر أربعة من مواطنيه في الحادث الإرهابي، قدم النموذج العربي والإسلامي المرادف لنموذج نيوزلندا وقيادتها. الملك عبدالله الثاني كان أول القادة العرب والمسلمين المندد بالجريمة الإرهابية. وكان الأمير الحسن بكل مايمثل من ثقل أول مسؤول عربي يزور نيوزلندا ليقف إلى جانب أسر الشهداء الأردنيين والمصابين من كل الجنسيات، وإلى جانب شعب نيوزلندا وقيادتها.

الحضور الأردني الرفيع في نيوزلندا قدم الجانب المضيء من عالمنا العربي والإسلامي، وكان هذا أمرا ملحا وضروريا في تلك اللحظة العصيبة لتأكيد التضامن الإنساني العابر والممثل لكل الأديان والثقافات في مواجهة دعاة الكراهية والتعصب.وقد حظي هذا الحضور باهتمام إعلامي كبير في نيوزلندا والعالم.

لم نكن نعرف الكثير عن نيوزلندا قبل الفاجعة، سوى أنها بقعة بعيدة وجميلة، والمؤكد أن شعب نيوزلندا لايعرف معلومات وافرة عن الأردن. لكن لحظة فارقة ومأساوية دفعتنا للتعارف ليكشف الطرفان عن أفضل وأنبل ماعندهما، بفضل سيدة الجزيرة البعيدة والأمير الحسن ممثل الملك والأردن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات