سؤال (المال) بفرعيه ونسب النجاح عليه


في كثير من المجتمعات ومن باب الفضول يطرح البعض سؤال تقليدي هو باختصار(من أين لك هذا)؟ هذه الكلمات الصغيرة الاربعة كلمات خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان,..(من أين لك هذا)؟ مشروع فكري مالي سنّهُ الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعلّق بالتصريح بالمكاسب ومكافحة الإثراء غير المشروع, يعلم الجميع ان معظم الناس يتمنون (المال) لاعتقادهم ان احترام الناس لأهل المال اكثر, وان المال يسّهل متطلبات الحياة المعيشية لهم, وربما يكونوا محقون في ذلك فـــ(المال) زينة, لكن المال قد يكون سببا للتباغض والكراهية بين البشر, كيف لا وأكثر النزاعات قد نشبت بسبب الصراع على المال والثروات.

المال لا يأتي لكل من يطلبه ويتمناه في هذه الدنيا, وإذا اتى فإنه يأتي بقدر معلوم من عند الله وعلى مهل ويتراكم ويزداد مع مرور الزمن بشكل طبيعي, ويبدو أن الحكمة الربانية في ذلك هي كون الإنسان لا يتحمل المال والثراء المفاجئ, فهناك اناس أصابهم الكبرياء والعنجهية والتنمر والتطاول بسبب مفاجأة المال والثراء لهم, حتى صاروا مثلاً لإساءة السلوك والتصرف, مع يقيننا ان هناك اناس لكنهم قلائل في المجتمعات قد تأدبوا اكثر مما كانوا عليه مع كثرة المال والثروة التي حصلوا عليها.

المفارقة الغريبة نجد ان في بعض الدول التي عظُم شأنها وعظُم شأن مواطنيها في هذا العالم الواسع نجد ان هذه الدول لديها سجلات خاصة بالأغنياء, تُبيّن هذه السجلات والملفات وبدقة عالية وبالفلس كما يقال, تُبيّن كيف اصبح فلان بن فلان غنيا مع تحديد طبيعة عمله او طبيعة تجارته او طبيعة وظيفته من خلال تحليل مصادر الدخول ومجاميعها, وهذا الامر تقوم به مثل هذه الدول لسببين اولهما لضمان دفع الضرائب المترتبة على هؤلاء للدولة وعدم التهرب منها, وثانيهما لتبييض اموال هؤلاء الاشخاص المعنيين وحمايتها والدفاع عنها ماديا ومعنويا عند استفسار البعض عن تلك الثروة اذا ما لزم الامر.

مشاكل البشرية على هذه البصيرة ومنذ هابيل وقابيل الى يومنا هذا في مجملها تتمركز حول نزعة السيطرة وحب التملك عند النفس البشرية كل الانفس البشرية على الاطلاق والمتمثلة بالجنس والمال, واقصد بالجنس هنا من منظوره الشمولي والتكاملي اقصد به البنون والاولاد كنتائج لغريزة الجنس التي منحها الله سبحانه وتعالى الينا, ففي المال جمالاً ونفعاً وفي البنون قوة ودفعاً, فقد يكون المال والبنون زينة ضمن شروط وضوابط معينة, وقد يكون المال والبنون فتنة ضمن شروط وضوابط محددة في هذه الدنيا التي نعيشها, كيف لا وقد قال تعالى في كتابه العزيز: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا), وقال تعالى في موطن آخر من كتابه العزيز: (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة) صدق الله العظيم.

من بين الأسئلة الأربعة التي يسأل عنها الانسان يوم القيامة, سؤال بفرعين: يسأل عن ماله من أين أكتسبه, ويسأل عن ماله فيما أنفقه, والناس في أمر المال ثلاثة أصناف اثنان هالكان وواحد ناج, فالهالكان أحدهما الذى يجمع المال من طريق حرام والآخر الذى يجمعه من طريق حلال ويصرفه في الحرام,..نعم هناك حزمة من الاسئلة الدقيقة يوم القيامة ستوجه لنا جميعا وستكون حول مصادر اكتسابنا للمال(مصدر حلال, مصدر حرام, مصدر مشبوه), وهناك حزمة من الاسئلة الدقيقة ايضا يوم القيامة ستوجه لنا جميعا وستكون حول فيما انفقنا المال (انفاق حلال, انفاق حرام, انفاق مشبوه),...نعم سؤال (المال) يوم القيامة والذي يتكون من فرعين وعليه درجات عالية, ستكون نسب النجاح عليه منخفضة, والله اعلم!

المال وما ادراكم ما المال, المال قد يكون سلّماً للسعادة في الدنيا، ومعراجاً للجنة في الآخرة, وقد يكون سوطاً للتعاسة في الدنيا، أو حملاً يردي إلى سعير اللظى في الآخرة,..يقال (والله اعلم) ان للمال رائحة, وان رائحة المال الحلال تختلف عن رائحة المال الحرام عند خروجه من ايدي البشر, فقد كانت احدى الشعوب القديمة وعند البيع والشراء يقوم البائع بشم رائحة المال ليقرر بعدها اتمام عملية البيع او الغاءها, ويقال ايضا (والله اعلم) ان بعض العلماء يحاولوا هذه الايام وضع آلية للكشف عن دم الانسان الذي غذّي بالحرام حتى لو كان ذلك ابا عن جد, فربما الفحوصات المخبرية الحديثة تؤكد او تنفي ذلك لاحقا.

والسؤال المطروح هنا, هل يمكن اخفاء مصادر المال الحرام عندما تُعرض على الله سبحانه وتعالى لا على البشر؟ وهل يمكن تغيير دم الانسان الذي غذّي بالحرام حتى لو كان ذلك ابا عن جد في أكبر مستشفيات العالم واضخمها؟..الجواب بالتأكيد في كلتا الحالتين (لا).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات