تقاعد مبكر


لقد أصبحت على قناعة تامة بأن توجه بعض الحكومات برفع سن التقاعد إلى ما بعد سن الستين هو القرار الصحيح والخطوة الصائبة بأم عينها ، لأن من يؤلف الأمثال ويخرجها، لا تأتي عبثاً ولا تخرج من فراغ ، فعندما قالوا بأن : ( قلة الشغل بتعلم التطريز ) كان مثل صائب مئة بالمئة ... انظروا وراقبوا بعض المتقاعدين كيف اختلفت طباعهم وتصرفاتهم بعد أن جلسوا في بيوتهم دون عمل ، حيث يتحول هذا المتقاعد بسبب الملل والفراغ إلى مشرف ومراقب عام داخل البيت وخارجه، ويدخل ويتدخل بكل صغيرة وكبيرة، خاصة كانت أو عامة ، كما يلعب دور الناقد لكل شيء، والمعقب على كل شيء ، عدا عن البحث عن أخبار الناس ونقلها وتداولها بالصورة التي يراها هو مناسبة من زيادة و تبهير مثل ( فلانة زعلانه ، وفلان ما بزور أبوه وأمه ، واحتمال عند دار أبو فلان في خطبة عروس ...) ... حتى أهل بيته ينتظروا ويفرحوا متى يخرج من البيت لكثرة التعليمات والأوامر ،أما في المسجد يتدخل ويكثر الكلام والتعقيبات على قول : شَغّلوا المراوح ، افتحوا الشبابيك ، ما تقيموا الصلاة كل المساجد أقامتها ... ولا يخلو يوم إلا ويتصل مع البلدية وعلى قول ( النفايات معَبّيه البلد ، والشارع الفلاني خربان وكله حفر ، والحارة الفوقة بدها مطب ، وفلان موجه اللمبة على داره ، وفلان قاعد ببني بيت بدون ترخيص ، وأبو فلان فتح محل مخالف ) ...يعني منَصّب حاله وصي على البلد وبلشان بعيوب العالم (فلان طويل وفلانة قصيرة ) ... بالإضافة إلى التحليلات والتعقيبات التي ينقلها بعد حضور المناسبات وبيوت العزاء ( كله انتقادات وقصف جبهات) .

فنقول : (عندما طلب هشام بن عبدالملك من الأعمش بأن يكتب له مساوئ عثمان ومناقب علي ، رد الأعمش : لو كان لعثمان مساوئ أهل الأرض ما ضرتك ، ولو كان لعلي مناقب أهل الأرض ما نفعتك ، فعليك بخويصية نفسك ، وإياك أن يكون شغلك الشاغل عيوب فلان وزلاته ، فإنك لا تحاسب عليها ، وحسنات الناس لأنفسهم لا لك ...فعلامة خُسران العبد انشغاله بعيوب الناس)..

هذا هيك متقاعد بعد الستين من عمره ، كيف لو انه متقاعد مبكر ، الله اعلم شو رح يعمل !!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات