عندما يتفرق الدم بين اللجان


يوم أسود في تاريخ الوطن ذلك اليوم الذي فقدنا فيه أرواحاً طاهرةً زكيّةً غادرت إلى مقعد صدقٍ عند مليكٍ مُقتَدِر أرواحٌ سارت نحو حتفها بعد أن كانت تظن بأن ذهابها كان نحو طريق المتعة والتسلية والسرور والفرح فأي سرور وأي فرح أنت يامن وَشَّحتَ وطنا بسوادٍ وحزنٍ وألمٍ وقهرٍ سيبقى ساكناً في قلوبنا التي مازالت تعتصرُ دماً على فراق تلك الأرواح الطاهرة المغادرةِ إلى غير رجعة.

نعم غادرت الأرواح إلى غير رجعة فهي الان هناك حيث العالم البعيد عن تلك الدنيا الفانية والتي مازال القاتل فيها بريئاً والمجرمُ محترماً والسفاحُ آمناً مستقراً فلانرى أمامنا لاقاتلاً ولا مجرماً ولا سفّاحاً فالجميع طاهرونَ مُبَرّءونَ من دماء تلك الأرواح البريئة مع أن الحقيقة واضحةً جَليّةً أمام الجميع لكن أين تلك الحقيقة عندما تضيع في غياهب المال والجاه والمنصب والسلطة والبعد عن الله فتلك المكونات كفيلةٌ بإلغاء وطمس أي حقيقة كانت، مكوناتٌ تجعلُ من العدلِ مركباً غارقا في أعماق تلك البحارِ تلك الأعماق التي غرقت بين أمواجها أرواحٌ طاهرةٌ سنبقى نئنُّ ونصرخُ قهراً وألماً على فراقها الأليم.

هاهو مجلس نوابنا الأغر والذي يضم بين أروقته من منحهم الشعب ثقته العمياء هاهو مازال مستمراً بكتابة فصول تمثيلياته بالسيناريو والحوار والإنتاج والإخراج وكأنه يرقص على جثث أولئك الأبرياء ويقوم بتغطية الحقيقة بغربال مليء بالثقوب ويشرعُ بتشكيل لجانه التي تعودنا على وهميتها وعدم حقيقتها فتارةً يشكل لجنة تحقيق وتارةً يشكل لجنة استقصاء وتارةً أخرى يشكل لجنة تتبع للوقائع وكأنه يقول: يامعشر النواب: هَلُمّوا بنا لنفرّقَ الدم بين اللجان لعلنا نجد للرزاز وقومه مخرجاً يجعلُنا نخرجُ آمنينَ معهم دون أن نضرهم أو يضرونا، لكن للأسف فالحقيقة واضحةٌ أمامهم وأمام (رزازهم) تلك الحقيقة التي ستكون لعنةً تلاحقُ كل من سيتستر عليها دون رحمة أو شفقة فمهما طال الظلمُ فلا بدَّ أن يكونَ للحق جولةٌ حاسمةٌ تقضي على كل ظالمٍ مُتَجَبّرٍ عنيد.

سيتوزع دم الأبرياء بين اللجان التي ستطول جلساتها واجتماعاتها وحواراتها وستبقى الآلامُ والآهاتُ تضيقُ في صدور وقلوب أمهاتٍ مكلوماتٍ تتنهّدُ على فقدان ِأطفالهنَّ الذين ذهبوا ضحيةً لفاسدينَ مازالوا يسيرون أمامنا كأبرياء يحميهم المالُ والمنصبُ والسُّلطة.

عموما لاأقول لتلك الأمهات المكلومات ولأولئك الآباء المخنوقينَ ألماً وقهراً إلا عظم أجركم وأحسن عزاءكم فقد تفرقت دماء أبنائكم وبناتكم بين لجان قبة ممثليكم فلا تتأملوا خيراً ممن كان المالُ والجاهُ والمنصبُ جسراً لهم على طريق الرقص فوق جثث أبنائكم ذلك الطريقُ الوعرُ الذي كان وما زال يُضاءُ على حساب قتلِ وخنقِ ونحرِ وطنٍ ضاقت به الأرضُ بما رَحُبَت قهراً وألماً ووجعاً.

ستبقى تلك الأمهات تصحو مع أشراقة كل شمس على قول حسبنا الله ونعم الوكيل وسترقد مع غروب كل شمس على قول ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات