جمانة غنيمات .. مقاتلة شرسة انحازت للوطن أمام مفتعلي الأزمات


جراسا -

كتب محرر الشؤون المحلية - في مفارقات المناخ السياسي الأردني، يستطيع المتتبع للشأن المحلي ان يرصد تلك الحالة التي قفزت بالرأي العام الى سدة الحوار حول القرارات الرسمية، عبر قنوات التواصل الاجتماعي، والتي اتاحت للجميع ان يدلي برأيه، الى ان وصل بنا الحال حقيقةً الى ما لا يحمد عقباه !

في الحملة الشرسة التي جوبهت بها وزيرة الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي للحكومة جمانة غنيمات مؤخرا، وجد المتربصون فرصتهم الذهبية في النيل من شخص الوزيرة بعد تصريحها الاخير حول سقف خط الفقر المدون أصلا في سجلات الدولة كاخر إحصائية، ليتم اجتزاء تصريحها وتوظيفه في تحجيم شخصها قبل منصبها.

جمانة غنيمات التي وصلت الى موقع المسؤولية بأحقية جهدها كإعلامية شغلت مواقع صحفية مهمة، رفدت الاعلام الاردني بكثير من الاعلام المهني الوطني المسؤول، وحطت بها جهودها في واجهة الدولة الرسمية، الا ان ذلك لم يشفع لها امام سيل الانتقادات التي صب بعضها في قناة الاساءة والتجريح بما يندى له الجبين، وقد تمترس البعض خلف الشاشات الزرقاء فيما هم يستعرضون حضيضهم ورمي سهام حقدهم على الاحرار ممن اختاروا النجاح طريقا وهدفا لهم.

الوزيرة غنيمات، جابهت المسيئين بنبل اخلاق عالٍ، وهي تشير الى تعليقاتهم بذات المنصة بصفحتها على الـ "فيس بوك" بوصفها تعليقات خرجت عن قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، فكان ردها الحكيم المتزن اقوى من اساءاتهم وتجريحهم لها، سبق ذلك موقفها في جرأة الاعتذار على فحوى تصريحها حول سقف خط الفقر، رغم انها لم تسيئ ولم تُخطئ وهي تتحدث بأرقام في مدونة الدولة.

فالأصوات التي انتقدت وجرّحت واستباحت الاساءة للوزيرة غنيمات، بدون وجه حق هي ذاتها الاصوات التي لا تريد الاصلاح باي صورة ممكنة، الاصوات التي قبلت على نفسها ان تكون أداة ضاربة ودون ان تدري بيد من يُجيدون اللعب بالحبال من وراء حجاب ممن يساند مشروعات تفتيت الداخل الاردني بترويج الاشاعات ونشر الانتقادات دون علم أو دراية بالحقائق.. هي ذاتها الاصوات التي تنعق غيظا وحسدا، لا بناءً وانتقاداً لأجل الوطن الذي كتبت له وفيه غنيمات ما يعجز عن استيعابه اصحاب تلك الاصوات ومن يستغل أبواقهم على منابر الفتنة .

الحملة الشرسة ضد وزيرة الاعلام كشفت عن هوة عميقة بين مفهومين اثنين، ان تعمل لأجل الوطن وبين ان تجهد لتهدم الوطن، فمن اساءوا لشخص الوزيرة لا يعرفون حقيقة من هي جمانة غنيمات، التي طالما قاتلت لأجل الحريات ولأجل كرامة المواطن، ولم تكن تعلم ان خطها الاعلامي المهني في استماتتها بالدفاع عن الفقراء والمعوزين الذين كتبت فيهم وعنهم مئات المقالات، سيتم استخدامه كأداة لمحاربته به، وقد تم استخدام مضامين مقالاتها لاتهامها بتحول توجهها ووجهتها بعد وصولها للمنصب، متناسين اولئك الادعياء ان المرء موقف لا تغيره المناصب ومواقع صنع القرار.

هي الزميلة الانسانة المدافعة عن حقوق المواطنين، المنحازة للوطن الاردني كيفما اتفق واينما كان، ناصرت الحريات، وآمنت بالانفتاح والجرأة والمصداقية طيلة عملها في الحقل الاعلامي بتاريخ مسيرتها الاعلامية، فلماذا يًُصر المسيئون على المضي في غيّهم ويتناسون من هي جمانة غنيمات، التي امنت ان الحريات هي المنفذ الرئيس للاصلاحات السياسية، وان تلك الحريات لا تعني بالضرورة اغتيال الشخصيات والنيل من سمعتهم، الا ان شحذ سياط التلفيق وتغييب الحقائق، ومحاولة تقليص حجم وشكل اداء غنيمات ما هو الا مؤشر واضح، ان هناك من يخشى على نفسه من نموذج جمانة غنيمات، المقاتلة الشرسة التي نجحت بتقديم واثبات نفسها خلال فترة قصيرة لا تزيد عن الـ 90 يوما، لم يسبقها فيها وزير شاء من شاء وابى من ابى، جهدت في تكريس الانفتاح الاعلامي مع جميع وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية للوصول الى مفهوم الصحافة الوطنية المسؤولة.

الوزيرة غنيمات، حالة بحد ذاتها، وقد استلمت مهامها في حكومة جاءت بعد احتقان الشارع بصورة غير مألوفة، ما زاد في اعبائها وتحدياتها، فكان نهج الميدان وتحول الالة الحكومية الى خلية نابضة بالفعل والخطط والاحتواء، حاولت خلالها غنيمات ان تُرسخ مفاهيمها ومبادئها بالانفتاح على الجميع بتشاركية لافتة وغير مسبوقة في زمن الاعلام الافتراضي، الذي أصبح منافسا لا يُستهان به للمحاسبة والمراقبة والتشارك في صنع القرار، وهو ما التقطته غنيمات جيدا، وقامت بما لم يقم به وزراء اعلام خلال الحقبات الماضية لحكومات متعاقبة، لم يعاصروا الاعلام الافتراضي الذي تعج به منصات مواقع التواصل كما هو واقع الحال، وهو ما زاد في تعقيد مهمات الوزيرة التي اثبتت انها بقدر التحدي وقد اصبحت الاشاعات تُدار بكبسة زر على رقعة الكيبورد في ذلك العالم ، جابهت وواجهت كل الوان طيف الاختلاف والاتفاق ، فلا المعارضين أوقفوا قصفهم ولا المؤيدين ناصروها كما انتصرت لهم في تبنيها لقضاياهم التي هي بالمحصلة قضايا وطن، فليس هكذا تتم مكافأة المسؤولين الوطنيين، هي ابنة الاردن ابنة من يؤمن بالحريات الخادمة لمشروعنا الوطني، تحتاج الى مباركة جهودها ودعمها ، وتسمية الاشياء بمسمياتها الحقيقية بعيدا عن التصيد ، وهي الوزيرة التي يُقر الكثيرون ازاءها، من انها وزيرة اعلام جريئة لديها من الكفاءة والمسؤولية الوطنية ما يُغلق الطريق على مفتعلي الأزمات لأنهم بكل بساطة يعانون ازمة اخلاق.

فقد تعامت بصيرة البعض عن الرؤى والمنطق بأن لكل مجتهد نصيب، فالوزيرة غنيمات صنعت موقعها بنفسها، وقد وضعت مؤسسة الوطن نُصب عينيها أولوية، لم تُحيد عن وجهة الحق، وجهدت ان تكرس ما امنت به من مبادئ بعد ان اصبحت وزيرة، وجاءت بحكومة ذات مهام تتعلق بالاصلاح السياسي والاقتصادي، الا ان طوفان النقد خلط الحابل بالنابل، وتجاهل ربابنة السيل انه ليس بالامكان ان تعالج الحكومة نزف عقود من التردي الاقتصادي وعجز الميزانيات والمديونيات فقط بمئة يوم عمل.

من اساء للوزيرة غنيمات بالتجريح والاستباحة يجب ان يُعاقب ويُحاكم وان تطاله يد الدولة والقانون كما طالت يده شخص جمانة، وهي مسؤولية الدولة واجهزتها الامنية صاحبة الاختصاص في تتبع كل مسيئ وجد خندق "الفيس بوك" جحرا له، فإن تنتقد بوعي فإنك تبني أمم، أما ان يستخدم البعض الفاظا ونعوتا وتوصيفا جارحا خارج عن الذوق العام، مخترقا لقيمنا وتقاليدنا كما ردت جمانة، فتلك مهمة وطنية اولى مناطة بجهازنا الامني الذي نجل ونحترم.



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات