اتركوها لمدراء الشرطة


عملية التفاوض مع المجرمين يجب أن يدريها مدراء الشرطة حصرا ، وهي من اختصاصهم الوظيفي على وجه التحديد، ونظرا لمتلازمة عنصر المفاجأة وتفجر الأحداث وطبيعتها الطارئة ، والنتائج الكارثية المترتبة عليها، فان الضرورة تقتضي استبعاد أي مسميات أمنية أخرى من القيام بهذه المهمة الخطرة عند أدارة الأزمات المتقدمة المرتبطة بكل من الأحداث الجنائية او الإحداث الإرهابية على حد سواء.

يتم اللجوء إلى خيار الاقتحام في المرحلة الأخيرة من حيث الترتيب بعد استنفاذ الوسائل الآمنة ،وهو آخر حلقات مسلسل الأساليب البديلة حسب المعايير العلمية والإجرائية التي تضمن سلامة الرهائن والمواطنين او رجال الأمن ، وهي الأساليب المتقدمة التي ثبت نجاعتها عالميا في خفض مستوى الخطر والتقليل من الخسائر والكلفة الأمنية إلى الأحد الادني.

المختص المتتبع لحالات الفشل الأمني في إدارة الأحداث العالمية الكبرى ، يلاحظ انه جرى خلالها استبعاد مدراء الشرطة التي تقع مثل هذه الأحداث في اختصاصهم الجغرافي ومناطق مسؤوليتهم ، وجرى تنفيذ عمليات الاقتحام بغيابهم دون المرور بالطرق السلمية الأخرى ، او استخدامها بأشكال بدائية عشوائية تخلو من الاحتراف ، وترتب على ذلك الكثير من القتلى من المواطنين والمجرمين ، وفي صفوف فرق الاقتحام ذاتها رغم استخدمها كل مقتنيات الوقاية والحماية وتمتعها بأعلى درجات التأهيل والتدريب.

فرق الاقتحام لا تعرف سوي الاستخدام الفوري للسلاح ، وتولد في العادة حالة يأس من النجاة لدى الإرهابيين ، وتضعهم أمام موت محقق يجبرهم على المقاومة والقتل والتدمير كخيار وحيد ، وهذه هي الحقيقة المؤكدة التي تغيب عن الأذهان خلال التعامل مع الأزمة الإرهابية المباغتة ، وتحولها إلى معركة دموية تصيب كل الإطراف ، ولطالما أدت الى الإخفاقات الأمنية المتكررة ،وذلك على خلاف التقييم الرسمي المعلن عن النجاح لان تقييم الذات لا يكون موضوعيا ، ويشذ عن ركن الحياد ، وليس للحقيقة والاعتراف بالفشل فيه مكان.

المجرمون سواسية من حيث استعداداتهم لارتكاب الجريمة الجنائية او الإرهابية ، ولدى مدراء الشرطة خبرات تراكمية خاصة بحقن الدماء تزيد في العادة عن ربع قرن في مواجهة كافة صنوف المجرمين ، ومعرفة سلوكهم والاعتياد على دراسة نفسيتهم وطبيعة تفكيرهم ، وهي الحقائق التي يدركونها أثناء عمليات التفاوض والقبض والاستدراج.

خبرات مدراء الشرطة ومن يعمل بإمرتهم من الاختصاصيين في مختلف المجالات الأمنية غالبا ما تكفي لنجاح التفاوض ،وإقناع الإرهابيين بالاستسلام بعيدا عن المغامرة ، او استخدام تقنيات سلسة غير قاتلة كالحصار الطويل ، والعزل وإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع او الاستدراج والترصد والمباغتة السرية ، والكثير من الإمكانيات المعرفية الأمنية التي يستخدمونها بأمان، تلك الإمكانيات يفتقدها قادة الاقتحام ولا يمارسونها على الإطلاق.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات