سعادة السيد فاضي أشغال


جراسا -

بقلم : ايهاب سلامة

كمية الحكم، والأمثال، والمواعظ التي توزع كل لحظة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الأندرويد، ومواقع الإنترنت، وفضائيات الدعوة، كفيلة بإخراج الجن الذي تلبس أدمغة كثير من الشعوب العربية منذ قرون، وانتشالها من مستنقع جهلها، وارتقائها على بقية الأمم، علماً وتقدماً وحضارة، ولكن، رغم تريليونات المواعظ التي نتناقلها يومياً فيما بيننا، يعيش كثير منا دون الدرك الأسفل، بألف أسفل، من بقية الشعوب على امتداد مساحة الدنيا الخاربة ..

القضية ببساطة، اننا نتداول المعلومة دون التنازل وقراءتها، حتى أصبحت عادة، والسلام.. قص ولصق، وتنال ثوابها، أو حسابها دون أن تدري -غالباً- ما لصقت ..

المذهل في الأمر، أن منصات التواصل كشفت بأن جميع أفراد الشعوب العربية المنبطحة على بطونها ليل نهار، فلاسفة، وعباقرة، ومفكرون ومفكرات، وسياسيون ومحللون، واعلاميون واعلاميات، وشعراء وشاعرات، رغم هذا الجهل المستفحل فينا.

نحن من شدة ثقافتنا، ومصيبتنا، تحولنا جميعنا إلى كتبة، وما ظلّ فينا من احد ليقرأ، ومن يقرأون، يندرجون ضمن أصناف عدة، فواحد يقرأ، ولا يفهم ما قرأ، ولو دحشت الحرف في رأسه دحشاً.. وثانٍ يقرأ، وينقل فوراً، دون تدبر وتفكر وفلترة.. وآخر يفهم، لكنه لا يطبق ما يقرأ .. فنحن الكبرياء عينه، والعزة بالإثم، تقمصتنا كابراً عن كابر ..

الأنكى، رابع، لم ولن يقرأ .. لكنه منظّر متفرغ، ومحلل جاهز، ومفكر ملعون حرسي، وعاطل عن العمل، يتصدى للتوضيح والتنقيح في كل شاردة وواردة، دون أن تطلب منه شيئاً ..

هذا الأخير ، منتشر في مجتمعاتنا، كالنار في الشعير .. تراه يتصدى لكل ما تنصت له أذنه، ويتطوع لتحليل جميع ما تقع عليه عيناه، متفرغ .. على مدار الثانية، في المجالس، وقاعات الأفراح، وسرادق الأتراح، عند الحلاق، ومع سائق التاكسي، وخلف الإمام ان سمعت لغواً ينغص على المصلين، فاعلم أنه ما غيره، قد جمع حلقة حوله، وبدأ القصف والرماية ..

هو جاهز متأهب دوماً، لا يكل أو يمل أو يتعب، لا تفرغ قريحته، لو بلغ حديثه الزبى، ولا تنضب كلماته التي لا تفهم منها حرفاً..

هو ذاته، تراه يُعلق على جميع منشورات فيس بوك، يفلّيها، واحدة واحدة، مؤكد عرفتموه !

تحسبه سلفياً هنا، لتراه علمانياً هناك، وما بينهما، يغازل صبية فيسبوكية لحست ما تبقى من دماغه، بصورتها الفاتنة التي استعارتها من جوجل، لممثلة تركية ..

إن كتبت فكرة يسارية، اتهمك بانك معادٍ لميراث أمتك، او كتبت فكرة إسلامية ايضاً اتهمك بأنك داعشي ظلامي ومن الخوارج ..

لا تخلص منه، ولا يرضيه الرضى، ولا يقنعه سوى ما يلطشه من جروبات فيس بوك، والسيد جوجل ..

هو ذاته الذي أعيا علي رضوان الله عليه، إنما، فرخت جيناته، وانتشر احفاده في كل القبائل حتى سيطروا عليها!

تتعجب من زخم حضوره على مواقع التواصل، كيف يأكل هذا الرجل ؟، متى يشرب أو ينام ؟، متى تتاح له الفرصة للذهاب إلى الحمام؟ ما هي الوظيفة التي تتيح لهذيانه كل هذا الوقت والفراغ؟

تدخل دائرة حكومية، تجده مبحلقًا في موبايله، متجاهلاً طابور المراجعين، وقد أشغلته مناظرة حماسية على صفحته الفيسبوكية مع أحدهم من جماعة الدولة المدنية التي لا يعلم، مثلما لا يعلمون ما هي الدولة المدنية، ولا حتى انا ..

الأعجب .. ترى لوحة مبروزة فوق رأسه تماماً، يمسحها كل يوم، يدوزن موضعها، وقد كُتب عليها: العمل عبادة !



تعليقات القراء

Dr eng Rida Alshboul
عملت ودرست منذ 1975
مع علماء روس وامريكان
واوروبيين ومختلف الدول
المتقدمة
وكان هذا تقييمهم لنا
سلمت يداك
16-08-2018 08:07 AM
Dr Eng
وكان جميعهم يتعجب من حجم
الفساد الإداري.....
النميمة
البغضاء
شرب القهوه مجموعات دواوين
اللئم في أداء الواجب

وجميعهم يكتبون لدولهم
16-08-2018 08:12 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات