قانون أملاك الصحافيين: من أين لك هيشي؟


يعكف مجلس نواب الشعب التونسي على مصادقة قانون لتصريح المكاسب، ومكافحة الإثراء غير المشروع، الذي أخضع الصحافيين هناك، للكشف عن ثرواتهم وممتلكاتهم، كي لا يصبحوا عرضة للمساءلة القانونية لاحقاً.

الحقيقة، نحن في الأردن أيضاً بحاجة ماسة إلى قانون مشابه للقانون التونسي، يُخضع الصحافيين عندنا للكشف عن كافة ثرواتهم ومصائبهم المعيشية.

مجلس نوابنا، مطالب بالتقاط الفكرة التونسية فوراً.. وإلزام العاملين في مهنة المتاعب تحت طائلة المسؤولية بالكشف عن ثرواتهم و ممتلكاتهم، فمثلاً: أعرف صديقاً صحافياً، غير نوعية سجائره قبل اربع سنوات، من جولد كوست، إلى هيشي، ويقوم كل اسبوعين إلى ثلاثة، بشراء أوقيتين من التبغ المعطوب، ودفاتر ورقية صغيرة بيضاء، يستخدمها للفّ سجائره التي يبللها بريقه كلما همّ بكتابة مادة صحفية، كي يوفر من مصاريفه قليلاً من الدنانير، ليسدّ بها أفواه عياله الجائعة..

حكومة الرزاز أيضاً، مطالبة بتقديم مشروع قانون مشابه، علّها تدرك أن غالبية صحافيينا، مرهونة رواتبهم للبنوك، لسداد إيجارات منازلهم، ومصاريف مدارس أولادهم، وتسديد فواتيرهم، وربما لرفاهية شراء مركبة، انتهى عمرها الافتراضي قبل إنزال نورمندي، بسنوات..

مطلوب أيضاً، تخصيص لجنة للكشف الميداني، على منزل صحافي ما، يتقاضى دون أجرة عامل نظافة، وحصر ممتلكاته وثرواته: اربع فرشات صوف ورثها من أمه المرحومة، طقم كنب صامد على قدميه منذ الحرب العالمية الأولى، ثلاجة فارغة أصبحت تسخّن ولا تبرّد.. غسالة أوصلت علاقة زميلنا مع حرمه المصون إلى حافة الطلاق، بعد أن أنهكت يداها من غسيل ملابسه التي يبتاعها من سقف السيل.

نريد تفعيل دور هيئة النزاهة في هذا السياق، لتكشف عن أرصدة الصحافيين الذين يستدينون راتبهم، قبل قبضه، إن قبضوه.. وتوثيق قروضهم في البنوك التي تقتطع جلّ مداخيلهم، وتبقي لهم فتات العودة لمنازلهم آخر الشهر، بطبخة، وبضعة أكياس من الخضروات، وفواتير سددتها ظهورهم المكسورة.

نريد قانوناً حقيقياً، يكشف أرصدة حبوب الضغط، والسكري، والمهدئات، والمميعات، التي يبلعها الصحافيون كي يتمكنوا من مواصلة حياتهم التي ما عادت تستحق الحياة.

وبعده، نريد أن نسأل: كيف يمكن صناعة إعلام وطني مسؤول، قادر على إسناد الدولة، والإسهام بنهضتها، والعاملون فيه لا يستطيعون إسناد أنفسهم لموعد قبض رواتبهم المتهالكة إلا بشقّ الأنفس، والحبوب المهدئة، وسجائر الهيشي.. كيف؟!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات