أم علي والانتخابات النيابية


في بيت صغير متهالك يقع على طرف المدينة الواسعة ، تسكن أم علي وأبو علي ، وهي عائلة مسكونة بالهم والحزن والفقر بالاضافة الى البين وسخام العين، وكتثرة الديون والتي يعجز صندوق النقد الدولي، ونادي باريس ولندن جدولتها ، كما انها مليئة بالمشاكل المتعددة والمتنوعة والتي تعجز منظمات الأمم المتحدة العاملة بالشرق الأوسط والقرن الأفريقي ودول الساحل الغربي ، حلها .

الأسرة مكونة من أم علي الزوجة المسخمطة ( والي ما شافت يوم حلو من ارتبطت بالمدعو ابو علي الزوج ) ، والمصيبة ان أم علي تقول أن قصة زواجها كان عن حب ، وهي تردد دائما ( يقطع هيك حب ) .و يقطع اليوم الي شفتك فيه يا أبو علي . أفراد الفقر الوطني عفوا أفراد الأسرة : البكر مريم فتاة مطلقة ، وليها خمس أطفال صغار ، حمده فتاه مطلقة ولديها ستة أولاد ، فليحة فتاة على وجه الطلاق بسبب الخلافات الأسرية مع زوجها والذي يسكن محافظة المفرق، والأمور بين الأسرتين مثل الزفت، والضحية فليحة وأولادها ، والأمور مثل الأزمة السورية ما فيه حل .محمد طالب جامعة أدب انجليزي في الجامعة الأردنية، فصل يسجل وفصل يؤجل، ويعمل حارس ليلي في أحد المصانع في طرف المدينة ، سالم ساقط توجيهي ويحاول ان يعيد وعليه مادة لغة انجليزية ورياضيات ومش زابطه معه ، يعمل يوم ويعطل عشرة ومشاكل متواصلة ودائمة مع أم علي، وتطلب منه العمل لأنه الوضع مثل الزفت داخل البيت : مية كهرباء أكل وشرب ومهري ووو، لكنه عنيد ويرفض العمل. طايل شاب أنهى المرحلة الأعدادية، وينتظر القبول ورد الدوائر الأمن الجيش من أجل الالتحاق، وهو يتنظر من خمس سنين ويبدو الشغلة بدها واسطة ، كثير الصمت والتأمل يرى أحوال أسرته تسير الى المجهول ، وفي نفق مظلم ولكن يعجز عن الحل . باقي أفراد الأسرة : مهند ، بدرية ، راضي ، ساره ، سليم ، عواطف ، ملتحقين بمراحل مختلفة في السلك الدبلوماسي لوزارة التربية والتعليم ،وفي صفوف مختلفة تعجز أم علي عن ذكرها بسبب الهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأسري ، واعادة تنظيم وترتيب الأسرة بما يتماشى مع التطور الحضاري والعالمي التنموي .

أبوعلي متقاعد ، ثم واصل رحلة تقاعد جديدة مليئة بالمفاجات السارة والضارة، حينما عمل حارس ليلي في مصنع بعيد في المدينة ، وتنقل عبر سلسلة مصانع وشركات متعددة الجنسيات وطنية وعربية وأجنبية ، وشاف الويل وسخام العين ، خرايع ليلية ، وكبسات حرامية ، وأنهى تقاعد مبكر على 65 سنة من الضمان الاجتماعي وبراتب 220 دينار ، ويقول أبوعلي ( ما هن لا للصدة ولا للهدة ) ، يعاني من جميع الأمراض السارية والمعدية والمزمنة وشوية أكتئاب مع شوية زهايمر . ( بس الشيء الحلو فيه انو قطيعة دخان وشريب شاي ، وشغل هجيني) ، وهو طريح الفراش من خمس سنوات ، وليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بهموم البيت الوطني المتعثر اقتصاديا واجتماعيا . يعني ببساطة حاط عنه ومستريح دائما تردد أم علي ، وصافي الراتبين التقاعد الحكومي والضمان الاجتماعي 50 دينار دخان وشاي وعلاج لأبو علي.

أم علي بنت عيلة وناس وعز جاءت من أسرة ميسورة الحال ،مرفهة نوعا ما، ولكن بعد أن ارتبطت بالمدعو أبو علي شافت الويل والهم والحزن بالألوان : فقر مدقع ، هم أسري متواصل ، عنف أسري ، صراخ ، ضجيج ، فواتير متراكمة ميه كهرباء ، مصروف بيت لا يكفي ، لا شمة هوا برى جوا ، ولا ترفيه ، تعمل شرطي أسري لحل الخلافات الأسرية ، وحل المنازعات الوطنية ، والتحكيم بقضايا الكبار والصغار ، حتى أدمنت على الحشيش عفوا الدخان وكله قرضة من دكانة أم صبحي وسجل على الدفتر ، وهي تعاني من هستيريا حادة وليس لها علاج .

البيت السعيد مكون من : اربع غرف ، وحمام واحد مش فرنجي عربي ، البيت غير مكسور ، بيت الدرج غير مسقوف ،والشمس والمطر تحترق البيت وتوزع مصايب من الحر والمطر والبرد في كل فصل، أبواب الغرف مخلعة ، لا يود طبلات بيبان ، الشبابيك نص عمر ودقة قديمة ، مش المنيوم ، ( يعني البيت بدو هد واعادة بناء ).

أحول الأسرة برميل بارود، وهي قابلة للانفجار في أي لحظة ، بسبب ظروف الفقر والبطالة والمجاعة ، والمصروف اليومي ، فالأسرة بحاجة الى 3،5 دنانير ونص خبز يومي ، ووو تردد فليحة الله لا يوفقك يا طحمير زوجها ،رميتني بهذا الجحيم الذي لا يطاق ، طلب غير طبيعي على المرافق وخاصة الحمام الوحيد في وقت الذروة صباحا ، لا نوم ولا راحة : صراخ منقطع النظير ،وأصوات أطفال، ضجيج هوشات مذابح شلاليت بوكوس ،عصي ، حجارة بأنواع مختلفة، فكل واحد بده ياخذ حقه بيده ، رمي أحذية هنا وهناك ، بكاء ، حجز بين أطراف متنازعة ، ألفاظ بذيئة من تحت الحزام ، صوت التلفاز مرتفع ، وهجيني بين اللحظة والاخرى يعطر المدى ويشنف الاذان وبصوت عال من قبل المدعو أبو علي.

يبدو أن الأمور في البيت المسخمط والتعيس بدأت تخرج عن السيطرة ، عنف بين الشباب ، ومداقرة حكي ، فوجبة الغداء والعشاء الوحيدة هو الرز الأبيض ، واحيانا فتة عدس ، الأغراض والحاجيات قليلة ، الفواتير متراكمة منذ سنوات ، الشباب بدون عمل ، فقر وسخام بين ، المنزل مزدحم ومكتظ سكانيا ، حمام وحيد ، لا راحة ولا نوم ، ولا لقمة هنية ، رسوم دراسية ومصروف جامعة ، وعلاج ابو علي بدأ ينفذ ، البيت بحاجة الى صيانة فالشتاء قادم ، بدأت تصرخ أم علي بشكل مستمر وكالعادة دخان .... دخان ... زفت .. بين وسخام عين ... يا يا الفاظ مفهومة وغير مفهومة ... وبعضها خادش للحياء ... ويخرج عن تقاليد الأسرة العريقة ..... تجتمع الأسرة ويردد أبو علي شو فيه .... شو فيه , تهدأ أم علي بعد اشعال سيجارة ويبتعد أفراد الأسرة عنها وتبدأ بالتدخين والتفكير وتنادي على طالب الجامعة ويبدأ حوار ومونلوج داخلي بين الأم وأبنها ( ويبدو انو فيه اشي) . الانتخابات النيابية على الأبواب وبعد الثقة يبدو هناك حل لمجلس النواب فرصة ولازم نستغلها لاعادة ترتيب البيت، وايجاد حلول مستقبلية لأفراد الأسرة ، يردد الأبن وأم علي تنتهي الجلسة على عجل وفي ساعة متأخرة ليلا.

مدير الحملة الأنتخابية أبو سويلم يزور العائلة ويطلب الفزعة والأصوات للمرشح أبو محمد ، فالانتخابات على الابواب وهالمرة قوية ، والتنافس شديد ، تجتمع اللجان الدائمة والمؤقتة لهيئات الأمم المتحدة ، ومجلس الشيوخ الامريكي ، عفوا تجتمع الأسرة ، وتبدأ المشارورات على منح الثقة ، عفوا على منح الأصوات ، ولكن بشروط ، تطلب الأسرة مهلة أسبوع كي تحدد المطالب والشروط لمنح الأصوات ، ويغادر مدير الحملة الانتخابية.

يحضر مدير الحملة الانتخابية في ساعة متأخرة وتقدم المطالب : مطالب أبو علي : ملقط حواحب عدد 2 ، سراويل ابو دكة عدد 6 ، ثلاثة لون أسود ، واثنيين أبيض ، واحد مقلم ، وكبوت شتوي ، وثلاث فنايل شباح ، وثلاث فنايل قبة خمسة ، وثلاث فنيل قبة سبعة ، وبدلة رياضة اديداس ، وشفرات حلاقة جلايت جي تو ( لحلاقة انعم ) ، ومعجون سنان مع فرشاه، جوارب سود عسكريات عد 4 ، شماغ البسام عدد 3، حزام جلد أصلي ، و200 نقدا، خمس بلايز صوف ،وفروة.

مطالب أم علي : طقم اسنان أصلي ، وملابس ، ومدرقتين قماش أصلي ، احذية جلد أصلي مش بالاستيك ، وثلاة كروزات دخان ، حقبية مكياج ، علب نيفيا عدد 3، زجاجة عطر ، وكبوت شتوي للركبة ، و 500 دينار. وسداد دين لأبو حسين السوري 50 دينار ، وسداد دين لدكانة أم صبحي 20 دينار ثمن دخان مهرب .

صيانة كاملة للبيت ، كسارة خشنة وناعمة ، عالقدة والميزان ، طراشة للبيت دهانات نشنيول ( نعطي الكون أجمل لون ) ، مع صبة ميلان ،تركيب حلوق للأبواب ، وشبابيك المنيوم ، سقف بيت الدرج ، بناء حمام خارجي ، صيانة الحمام الداخلي ، مع مقعدة فرنجي، شراء ثلاث خزاين للملابس، دفع رسوم محمد كامل الدراسة الجامعية ، وتسجيل طايل بالجيش ، وتعيين سالم مرافق أمني للمرشح براتب 170 دينار شهري ، شراء مواد تموينية تكفي لسنة ، وراتب لأم علي من التنمية الاجتماعية ، وتخصيص رواتب لبناتها المطلقات ، وأستئجار بيت لهن. شراء أجهزة خلوية حديثة لجميع أفراد العائلة من أجل التواصل الاجتماعي ، ومطالب متفرقة بعد النجاح ، يسجل مدير الحملة الانتخابية المطالب ويغادر ، وتنتظر العائلة على احر من الجمر ، يعود ابو سويلم مدير الحملة الانتخابية ويردد وافق المرشح أبو محمد على جميع المطالب ولكن بشرط رهن الهويات ، ويوافق الجميع ، وخلال أسبوع واحد تحقق جميع المطالب لأفراد الأسرة .

تبدأ الانتخابات ويفوز أبو محمد عن مقعد ( ............) ويصل الى مجلس النواب ، ويردد مدير الحملة الانتخابية أبو سويلم كيف تسترجع الأموال سعادتك يا أبو محمد ؟ يصفن أبو محمد ويرد عطاء تنظيف أو تزفيت ، أو تعبيد شارع ، أو أو أو أو .... نرجع كل الي دفعناه وزيادة ، هي هيا لعبة الانتخابات يا شاطر ، يردد ابو سويلم يا ترى كم أسرة باعت صوتها وضميرها الوطني تحت ضغط الظروف الصعبة والقاسية ؟؟؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات