أبناء البادية والمشاركة السياسية


اقف اليوم على واحدة من أهم القضايا التي تواجه أبناء البادية الأردنية ، بل ومن أخطرها وهي قضية عزوف أبناء البادية الأردنية عن المشاركة في العمل السياسي الوطني، والمشاركة بالهم العام بشكل منظم وحزبي ،علما بأن كل شيء في الدنيا سياتسة ، فالتعليم سياسية ، والخبز شياسة ، والعلاقات الدولية سياسية ، والكلمة الحرة سياسية .وأحول ان أطرح الاسئلة التالية كمدخل لهذه الدراسة وهي :
- لماذا يعزف أبناء البادية الأردنية عن المشاركة في الأحزاب السياسية القائمة، أو في تشكيل أحزاب سياسية وطنية جديدة ‘ ،مع العلم بوجود أكثر من 50 حزب سياسي في الأردن.
- لماذا لا يؤسس أبناء البادية الأردنية أحزاب سياسية للمشاركة بالهم الوطني والقضايا الوطنية ، في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية ، وطرح قضايا التنمية في البادية الأردنية ،وايجاد الحلول لها بوعي وموضوعية منظمة، بعيدا عن الفزعة والحمية، والتي تزول بعد لحظات نتيجة المخدر والمسكن من قبل وزير او نائب او أمين عام وزارة .
- لماذا تنعدم المشاركة من قبل أبناء البادية الأردنية في مؤسسات المجتمع المدني ، ( كالنقابات المهنية ، والاندية الرياضية والملتقيات الثقافية ،والجمعيات التعاونية ،ومراكز الشباب ، والمبادرات الوطنية ، وفي دراسة قمت بها قبل سنوات كان معدل المشاركة في هذه المؤسسات يصل الى 2% من مجموع السكان ،فكيف لهذه النسبة ان تصنع التغيير والتنمية والتطوير ؟
- لماذا لا تشارك النخب المثقفة من حملة الماجستير والدكتوراه ،وكبار الضباط من متقاعدين واهل الخبرة والكفاءة في العمل السياسيي أم هو محلل لغيرنا محرم علينا ؟
- لماذا يقتصر الحراك السياسي في البادية الأردنية على الانتخابات النيابية والبلدية ، وينام اربع سنوات عجاف في السياسة والاقتصاد والتنمية والتربية والبنية التحتية ؟
- هل الحديث والمشاركة في السياسية من المحرمات على أبناء البادية الأردنية ، وان من السياسة ترك السياسة ، والسياسة ما تطعم خبز ، والسياسة بحر عميق ، وأصدقاء السياسة ، أعداء بعد الرئاسة ، وحط راسك بين الرووووس وقل يا قطاع الروووس ، وغيرها من مصطلحات عامية لا تطعم ولا تغني من جوع .
- لماذا لا يعبر أبناء البادية الأردنية عن مواقفهم الوطنية تجاه العديد من القضايا ، والتي لها علاقة بمصيرهم ومستقبل أجيالهم ووطنهم ( صفقة القرن ، التوطين والوطن البديل ، اللاجئين ، المديونية ، العدالة الاجتماعية ،ومحاربة الفساد ، التعليم العالي ، الفقر، والبطالة وغيرها من القضايا الوطنية .؟
- الاحزاب السياسية والقوى السياسية الفاعلة على الساحة الوطنية ، هي مصدر تفريخ للوزراء والسفراء والأمناء للوزرات ، وقيادات الصف الأول في الادارة الأردنية والمؤسسات الوطنية ، فلماذا لا يكون لنا في كل عرس قرص ، ولماذا تهمش الخبرات والكفاءات والقيادات وتظل رهينة المحبسين ، المنزل والفيس بوك.وغيرنا له المناصب والحوافز ،لماذا لأنه يدبك بالساحة ويحصل على ما يريد ( وأنا اتساءل ما فيه دبيكة ).وتذهب المناصب للحيتان والقطط السمان .
- لماذا لا يتم فك الاشتباك السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي والمنافسة الشديدة ، والتي تصل الى درجة الاقصاء ، بين( مؤسسة المشيخة )في البادية الأردنية من جهة وبين (النخب المثقفة ) من الشباب المتعلم والواعي من جهة أخرى ، والحريص على التطوير والتحديث ، والوصول الى مناصب قيادية والتي يستفيد منها شرائح مهمشة، فقيرة بسيطة، ونجمع بين حكمة الشيوخ والتي نجل ونحترم وبين حماس الشباب والقدرة على صناعة التغيير . ( وهنا أطرح مثالين من واقع البادية الوسطى ، وهما تأسيس محافظة للبادية الوسطى فالشباب تطالب بالمحافظة لتطوير المنطقة ، ولكن القوى الأخرى ترفض بشدة ، ثانيا الجامعة الصينية – الاردنية كان مقررا لها في لواء الموقر وبقدرة قادر نقلت الى الجيزة ، مع العلم ان في الجيزة جامعات الزيتونة والاسراء وو ).

وهنا لا بد أن نشير الى ان الحديث عن المواقف التاريخية والوطنية لابناء البادية الاردنية في الدفاع عن الوطن ظل راسخا طيلة العقود الماضية، منذ سنوات التاسيس الاولى زمن الامارة ثم المملكة، وابناء البادية يقدمون الولاء والاخلاص ويدافعون عن تراب هذا الوطن بالغالي والنفيس، وظلت مواقفهم الوطنية التاريخية في مقارعة الاتراك ثم الانجليز تشهد على صدق انتمائهم وحبهم لوطنهم، فقد ضحى الرعيل الاول بالغالي والنفيس، وتحدوا سلطة الاتراك والانجليز، حتى تحقق الاستقلال، فقد طبق ابناء البادية مفهوم التنمية الساسية بكل شجاعة وبسالة واقدام، ولقد سجل التاريخ مواقفهم الوطنية والسياسية في تلك المرحلة الخطرة من عمر الوطن .

لكن المتتبع حاليا يرى عزوف ابناء البادية عن المشاركة السياسية، وتفعيل التنمية السياسية في مناطق البادية، كتاسيس الاحزاب السياسية، او التسجيل في الاحزاب القائمة، او حتى المساهمة في انشطة مؤسسات المجتمع المدني، كالروابط ،والجمعيات الخيرية، والتعاونية ،والاندية الرياضية، والمنتديات الثقافية، وغيابهم عن صنع القرار والمشاركة به ،بهدف تغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومعالجة الكثير من القضايا المعقدة في البادية، من خلال افكار ورؤى وابداعات وخبرات الشباب المثقف والمتعلم، لاسيما ان جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم وصفهم بانهم (فرسان التغيير)، وعليهم عبء كبير في تقديم الاراء والطروحات والافكار الجادة من اجل النهوض والتغيير بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والفكري . حيث ان الكثير من ابناء البادية من حملة الشهادة الجامعية ومنهم من يحمل درجة الماجستير والدكتوراه .
كما ان جلالة الملك من خلال زياراته لمناطق الباديةوالتقائه في اكثر من مناسبة مع النخبة المثقفة من ابناء البادية، يوكد حرص ودعم صاحب الجلالة ومساندته لابناء البادية للمبادرة ،وتقديم ارائهم وطروحاتهم وافكارهم لتطوير البادية الاردنية، من خلال مبادرات جادة وواقيعية، بهدف الارتقاء بالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وخلق المشاركة السياسية وتفعيلها، لخدمة القضايا المعقدة في هذه المناطق التي هي في امس الحاجة لجهود الشباب المثقف والمتعلم.

ان دور كبير يقع على النخبة المثقفة من ابناء البادية في الشمال والجنوب والوسط، كالمعلمين ،والمحامين، والمهندسين، والاطباء، واساتذة الجامعات، في المساهمة والمشاركة في تغيير الواقع الحالي، وفي صنع القرار وطرح الهموم وايجاد الحلول للكثير من المشاكل التي تواجهها البادية، فالمرحلة التي نعيشها هي مرحلة المثقف المتعلم الذي يسعى من خلال العلم والمعرفة للتطوير والتحديث، ومخاطبة الجهات الحكومية لخلق مبادرات جادة ومشاريع منتجة، وذات فائدة ملموسة للمجتمعات البدوية المهمشة على خريطة التنمية الوطنية، فلا بد من صحوة سياسية لتفعيل التنمية السياسية من قبل ابناء البادية الاردنية للانخراط في العمل العام ،والعمل التطوعي الاجتماعي، والسياسي والخيري، لخدمة هذه الشريحة الطيبة التي ماعرفت الا الانتماء لتراب هذا الوطن، وقدمت من اجله الكثير.

كما ان دور كبير يقع على مؤسسات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية في تقديم الدعم المادي والمعنوي لابناء البادية الاردنية ،لتدريب وتاهيل الشباب لاقامة وتنظيم الانشطة الثقافية والفكرية، واصدار النشرات ، لترسيخ وارساء السلوك والحوار والنهج الديمقراطي عبر الندوات والمحاضرات ،والمؤتمرات ،وعقد الورش التعليمية، والحلقات النقاشية، من اجل حث الشباب البدوي على المشاركة في صنع القرار، وتحمل المسؤولية والمساهمة في التنمية بابعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والفكرية، ونبذ القبلية والجهوية والعصبية و العشائرية الضيقة، لاسيما ونحن نعيش مرحلة الانفتاح و الديمقراطية، والدعوة لتفعيل الحياة السياسية، واطلاق التنميةالسياسية من أجل مشاركة الجميع في صنع القرار، وتحمل المسؤولية تجاه قضايا الوطن في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات