تداعيات المظاهرات في ظل عقم الإدارة المالية


حين تأتي ردة فعل الشارع على العقم في السياسة المالية ، وجملة القرارات الجبائية من قبل الحكومات المتعاقبة ، وما يتداوله لسان إعلامها الرسمي خارج سياق الواقع الأردني ، وفي المقارنة مع معيشة المواطنين التي تفضح كل الأحجيات العبثية التي لم تنته عند حدود الإضراب العام ، بل ألحقت الإخفاقات السابقة والراهنة بعناد ممزوج بالخيبة الإدارية والمالية المتخمة بتساؤلات ملحة تستوجب الإسراع في إسترداد كل سنت تمت سرقته وبأي من الطرق القانونية وغير القانونية ، وتبعا لذلك
تتوالى تداعيات المظاهرات في كافة أنحاء محافظات المملكة ، وسط منحدرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وانزلاقات متعرجة تصل إلى حدود غاية في الخطورة ، ومع ذلك فإن الحكومة لم تقتنع بسحب القانون ، متحججة بصندوق النقد الدولي ، وكأنه وصي علينا ، هذا الصندوق الذي لم نرى منه الخير منذ باشر أعماله في الأردن عام 1993 م ، حيث تراكمت المديونية عبر حكومات انتهجت سياسية تسديد الدين من خلال إعادة الجدولة وإقتراض دين أخر ، فخصخصت مقدرات الوطن التي كانت تسدد من عوائدها أقساط الدين العام ، وبعد الخصخصة عجزنا عن سداد خدمةدين القسط لا القسط ذاته ، وبدأت الحلول الجبائية وصولاً إلى هذا القانون الضريبي المجحف ، القانون الذي جاء بناءً على إملاءات صندوق النقد الدولي ...!!
وهنا كإنسانيين نتساءل : لصالح من يا مشغلين صندوق النقد الدولي أردن مظطرب ؟! لصالح من أردن يتعطل دوره الوظيفي في المنطقة الأشد خطورة على الأمن والسلم الدوليين ؟!! وفي تقديرنا ليس من مصلحة أحد ، سيما وأن المظاهرات والإضرابات تحمل في طياتها الكثير مما يصعب التكهن باحتمالاته ، عندها ستكون الفواتير مضاعفة في ظل مشهد سياسي وعسكري في عموم المنطقة يصعب السيطرة عليه ، وضمن هذا السياق الواضح والفاضح في آن ، نحن لا نمظهر هذه الحقائق لغايات جلب الإطفاء النظري للشارع الملتهب بمشاعر الغضب ، وإنما للإسراع في الوقوف مع هذا البلد الذي يمثل مصلحة مشتركة للجميع ، وما يحدث في الشارع الأردني لا يحتاج إلى شرح أو تفسير ، وقد وجد المواطن نفسه وحيدا في مواجهة ديون هو في الأصل غير مسؤول عنها ، بعد أن عجزت الحكومات المتعاقبة عن السداد إلا من جيبه الفارغ ، لهذا نجد أن خروج المواطن الأردني للشارع رسالة تحمل أكثر من بعد ، وتتجاوز حتى رفض قانون ضريبة الدخل ، أو التعبير عن عجز المواطن ماليا ، لكون الخروج في دلالاته من الإستنتاج المباشر وغير المباشر لا يتوقف عند التصريح بالإعتراض على عموم النهج الحكومي المتعاقب ، وعلى عموم السياسية النقدية والإنمائية في الدولة الأردنية ، بل يذهب إلى ما هو أخطر من هذه السياسات الحكومية المترهلة ، لدرجة نستطيع القول فيها أنه من دون سقوف وهذا في تقديرنا سيكون له تأثيرات على عموم الإتفاقيات الإقليمية والدولية ، ما يعني أن الإضطرابات في الأردن تؤشر إلى واقع جديد لا يمكن تجاهله ، ولا تجاوز ه ، لهذا لا بد من بروز نسق إقليمي ودولي لإنقاذ الدولة التي ما زالت تستقبل ملايين اللاجئين ، إذن القضية أخطر من كشف الغطاء عن إدارات لا علاقة لها بالإدارة المالية لا من قريب ولا من بعيد ، سيما وأن التعينات بالواسطة والمحسوبية وليست على أسس الكفاءة المهنية والنزاهة والشفافية ،
والنتيجة هناك إدارات معزولة عن الواقع الاردني والإقليمي والدولي ، إدارات غير قادرة على تقديم أي من الحلول المالية من خلال وظيفتها الإقليمية والدولية ، ولا تكاد تجد سوى الحلول الجبائية ، لكونها فارغة ولا تمتلك أبسط مقومات أدبيات الإدارة المالية ، أدارات وحكومات للأسف مجرد صدى لسياسات صندوق النقد الدولي ، وهذا ما يسهل على بعض التنظيمات لا سمح الله إستغلال اللحظة السياسية الأخطر ، والمصاب الجلل بعد كل ما ذكرنا ، نجد موقف الحكومة ما زال منحاز بشكل أعمى للصندوق والمنظمات النقدية ، وهذا ما يترجم لنا عقم الإدارة المالية في الدولة التي قارب عمرها من القرن ، الدولة التي تعتبر إمتداد للخلافة الإسلامية العباسية ، لهذا فإن المحاسبة التي نطالب بها كإنسانيين لا تتوقف عند خيانة الأمانة العامة وسرقة المال العام ، بل تطال كل من حاول عمدا ومع سبق الإصرار والترصد القفز فوق حقائق التاريخ الهاشمي والجغرافيا الأردنية التاريخية والدينية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعسكرية من مؤتة إلى الكرامة ...!!
وللعلم يا ساده نحن اكبر بكتير من المأزق القائم ، إلا أن الدولة الأردنية الآن محكومة بما نسميه العدوان الإقتصادي الموصوف من دول ومنظمات مالية ، من أجل الضغط لقلب بعض الحسابات والمعادلات في المنطقة ، ولا نعلم إن كان هذا الضغط مرئي من قبل الحكومات أم لا ؟! إلا أن ما نؤكده في هذه العجالة أنه قسري ولن يطول ، لهذا على كل من يحاولون إستثمار اللحظة الراهنة ، ويرسمون خطوطا متعرجه للوطن المبارك من الله ، أن يعلموا علم اليقين أن إستعصاء الأردن شعبا ونظاما هاشميا سيجعلهم في إرتباك بعد أن تفضح نواياهم القذرة ، ولن يجدوا مكان يهربون إليه .
ويبقى الأهم في تقديرنا التفكير في تداعيات المظاهرات في ظل عقم الإدارة المالية ...!! 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات