فادي ابو صلاح .. تعظيم سلام


تصغر الكلمات حتى تتلاشى, أمام الكبار, وتُطوى الصحف وتجفّ الأقلام, وتتيه خلجات الوجدان ونسغ الروح, أمامك يا صلاح, بل أمام كل الأسماء والنجوم التي انارت سماء عروبة عتماء حالكة يباب, الا منهم, فتية صدقوا ما عاهدوا الله عليه, وقد قضوا, ورفاق لهم ينتظرون.

شباب افذاذ, أفرغوا زيت أسرجتهم في أسرجة حياتنا الناضبة, واستشهدوا لنعيش, ولا أقول نحيا, فالحياة وأيم الشهادة, غير هذه التي نعيش.

وعندما يسقط فارس عن جواد العطاء والاقدام, او يرتقي, وقد أتى ساح الوغى أعزلا الا من صدر الرجولة, لا ظهر ولا سند ولا عضد الا الله, وفتية حوله مثله, يتسابقون الى حيث يريد, القدس او الشهادة, الى إحدى الحسنيين, تسبقهم خطاهم ونداءاتهم: المنية ولا الدنية, فقد يحتاج الى بعض دم الأحياء, تعويضا لما روّى به أرضا عشقها وترابا آمن بقدسيته وأحقيته بالطهارة من رجس الأعداء, ولرتق باب الموت المفتوح على مصاريعه, في جسده المثخن بحقد الصهاينة, فيصعب او يستحيل, ان توجد له زمرة الدم المطلوبة (كرامة زائد), نادرة الوجود, وغالبا ما تولد حيث يموت, ولسان حال صاحبها يقول: اتركوني الى حيث اردت, اتركوا روحي تفيض الى بارئها, وثلة كريمة نقية, تنتظرها في جوقة شرف مهيبة اصطفت للتحية والسلام, شهداء سبقوني الى الهدف والمراد, فحياتكم ما عادت تعنيني ولا تهمني, وشعاراتكم ما عادت تروي عطشي لندى الكرامة وقراح السماء والجنة.

فادي ابو صلاح, كان رجلا بلا أَقدام تحمله وتحركه, ولكنه ملك الإقدام كله, الذي يستطيع ان يحرك جيشا من الأصحاء, بقضّه وقضيضه, يقف على أقدام صحيحة, وحسابات بنكية وقصور وسيارات فارهة, يتنقل بها من فندق الى ملهى الى رذيلة, داخل الحدود وخارجها.
فادي...وين رايح يا فادي, عذرا فيروز, ان استبحت اليوم الأسماء والحقوق, فمن يستحق ان تسألي عنه اليوم, هو فادي ابو صلاح وليس شادي, و إن استبحت الأرقام والحساب, فلا بد أن تسألي اليوم: سبعين مرة اجا وراح الثلج, وانا صرت اكبر وفادي بعده زغيّر, عم يلعب عالثلج.
فادي, لم يعد ذاك الذي تعرفينه سيدتي, اللاعب على الثلج, قبل ان تولع الدني, وتعلق على اطراف الوادي, انه فادي ابو صلاح, الذي لم يستطع الحركة, ولكنه استطاع الشهادة, لم يملك أرجلا مثلنا ولكنه ملك ما لا نملك, مقلاعا وإرادة.
عن فادي أكتب, ولكنني أعني فادي ورفاقه, كلهم منذ فجر تاريخ الأمة وحتى تعود القدس وكل الأوطان المسلوبة المقيدة المقهورة, عن شهداء الوطن من حده الى حده أكتب, من نكبته الى نكسته الى كل تاريخه المغتصب المحرّف, عن كل اولئك الذين اقتنعوا بأن للكرامة باب واحد وطريق واحد وسلاح واحد, لا يمكن ان يكون اسمه, كامب ديفيد, ولا اوسلو ولا وادي عربة.

الى كل اولئك أكتب وعنهم, الذين يمثلهم فادي ورفاقه في فلسطين اليوم, وفلسطين الأمس, وعن ابطال الجيش الأردني في اللطرون وباب الواد والكرامة, وعن اولئك الذين اقتنعوا بأنهم يعبرون القناة الى الحياة والتحرير وتخليص الارض, لا بيادق شطرنج السياسة القذرة وضحايا غدر اصحاب المكاتب وحسابات الحقل والبيدر.
الى كل اولئك وعنهم أكتب, الذين اودت بهم بطولات الفنادق لا الخنادق والطواغيت من قادتهم, في بطن حصان طروادة على مقاتل الأمة وخاصرتها الطرية, ممن لم يخافوا الله يوما, ولا أمنوا بغير القرش والدينار والسلطة الخانعة الذليلة, هدفا وغاية.

لم يكن فادي ابو صلاح العملاق الأول ولن يكون الآخير, الذي ارسل بمقلاعه رسالة الأمة الحقيقية الى عين التنين النافث للحقد واللهب, وإدراك كوشنير وسيده وباطل العالم كله, بأن الأمة لم تمت, ولن, وأنها ما زالت تعرف الطريق الى الحرية والتحرر والقدس, تماما, كما عرفتها اول مرة.

وتصغر الكلمات حتى تتلاشى من جديد, أمام رهط الصِغار والصَغار, اللاهثين وراء التنسيق والاستسلام والتطبيع وبيع المباع, لأنهم لا يستحقون الكلمات, وغير جديرين بغير السخط والهزو والتقريع ولعنة التاريخ. وأترك لدم فادي ومقلاعه ورفاقه, ان يخبروا هؤلاء, ان لهم وعليهم سخط الله وعذابه في الدنيا والآخرة.
بورك الدم وبوركت الشهادة وبوركت الأوطان التي تنتظر كل فوادي الأمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات