التهرب الضريبي من جيب المواطن


تعتمد الدول في تمويل ميزانياتها على الضرائب مقابل أن تقدم الحكومة خدماتها للمواطنين، من أمن وصحة وتعليم وبنية تحتية، ولذلك تجتهد الدول في بناء منظومات فعالة لاستخلاص جباياتها المستحقة. ان مشكلة التهرب من أداء الضرائب في كثير من الدول يُعد سلوكًا استثنائيًا، لكن في الأردن فإن التهرب الضريبي منتشر كما تظهر الأرقام، فبحسب دائرة ضريبة الدخل والمبيعات هناك نحو 132 ألف شركة مسجلة رسميا ومزاولة لنشاطاتها تمارس نوعا من التهرب الضريبي، وهذا رقم مهول يحتاج منا جميعاً وقفة وتأمل ومن ثم معالجة عاجلة وصارمة.

يلجأ المتهربون من الضريبة إلى أساليب ملتوية للتحايل على القانون من أجل النفاذ دون أداء مستحقات المترتبة عليهم للدولة، يُسعفهم في ذلك ضعف كفاءة قانون التهرب الضريبي الحالي. إن الكثير من رجال الأعمال يحجمون عن الإفصاح على المداخيل الحقيقية لشركاتهم للحيلولة دون أداء الضريبة، ما يعني حرمان ميزانية الدولة ضرائبهم. كما يقوم البعض بالتلاعب بالفواتير من خلال تزويرها أو تضخيمها أو التقليل منها للتهرب من الضريبة، بهدف تخفيض المستحقات الضريبية الواجب أداؤها لصالح الدولة، ناهيك عن استغلال الثغرات القانونية في المنظومة الضريبية.

إن التهرب الضريبي يقلّص قدرة الدولة في تعبئة الموارد وتوفير الإيرادات اللازمة لتمويل النفقات العامة، وبالتالي حصول المواطنين على خدمات قليلة الجودة، وهو ما يحصل اليوم مع قطاعات عدة. فضلاً عن أن التهرب الضريبي يقود الدولة إلى رفع الضرائب على الطبقات الشعبية في مشتقات البترول والكهرباء والماء والمواد الغذائية وغيرها من أجل تعويض نقص تمويل الميزانية، ومن جهة ثانية، إلى نهج سياسات تقشفية تظهر في تقليل الوظائف الحكومية وهزالة الإنفاق الحكومي.

لعل مشروع قانون ضريبة الدخل والمبيعات الجديد سيكافح بشكل كبير التهرب الضريبي حيث أوضحت المصادر أن جوهر قانون ضريبة الدخل المنوي تقديمه والمتعهد به ضمن البرنامج الإصلاحي يرتكز على محاربة التهرب الضريبي وتغليظ العقوبات وإنشاء دائرة للتحقيقات المالية تهدف للتحقق من البيانات والمعلومات لدعم محاربة التهرب الضريبي والربط الإلكتروني بين الدوائر الرسمية من دائرة الترخيص والمركبات والضمان الاجتماعي ودائرة الأراضي والمساحة”. المصادر أكدت أنه في نص مشروع القانون الجديد، فإن العائلة التي تحصل على دخل شهري مقداره 1333 دينارا ستكون معفاة من ضريبة الدخل، وكذلك الفرد البالغ دخله الشهري 666 دينارا. وذكرت المصادر، أنه “سيتم فرض ضريبة على الإيجارات والأرباح الرأسمالية”. وأضافت المصادر أن رفع كفاءة التحصيل سيتضمن أحكاما واجراءات تسهل تقديم المكلفين لإقراراتهم الضريبية عبر تعزيز الالتزام الطوعي.

أن الإجراءات الحكومية المفترضة بشأن تعديل قانون ضريبة الدخل يقدر أن يوفر إيرادات تصل إلى 280 مليون دينار سنويا، موزعة على 150 مليون دينار من التهرب الضريبي و 130 مليون دينار من التعديلات للشرائح وتقليص حجم الإعفاءات. وبسريان مشروع القانون سيبقى 87 % من الأردنيين غير خاضعين لضريبة الدخل.

التهرب الضريبي يؤدي الى زيادة غنى النخب المالية المُتهربة من أداء مستحقات الدولة على حساب الفقراء، الذين يدفعون في الأخير ثمن نقص تمويل الميزانية الحكومية، وهو ما نبّه إليه مدير عام ضريبة الدخل والمبيعات حسام ابو علي بأن التهرب الضريبي مجملا يؤدي الى الاجراءات التي تتخذها الحكومة على المواطنين سواء في الوقت الراهن أم مستقبلا. ويؤدي الى انخفاض الايرادات العامة زيادة عجز الموازنة، مما ينعكس على زيادة الدين العام للدولة، وزيادة العبء الذي يترتب على سداده. وأكد حسام ابو علي ان التهرب الضريبي هو جريمة تعادل اختلاس المال العام. ونحن نثني على كلام مدير عام ضريبة الدخل والمبيعات باتخاذ كل الاجراءات والسبل الممكنة لمكافحة التهرب الضريبي. ونطالب بتشديد عقوبة المتهرب ضريبياً وتحويلها من جنحة الى جناية لكي يتم ردع كل من تسول له نفسه بالمستقبل بالتهرب من الضريبة.



تعليقات القراء

هناء..
ههههههههههههههههه
08-05-2018 07:33 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات